للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَفِي قَتْلِ أَمَةٍ بِزِنَاهَا الْحَدُّ) بِالزِّنَا وَالْقِيمَةُ بِالْقَتْلِ، وَلَوْ أَذْهَبَ عَيْنَهَا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا وَسَقَطَ الْحَدُّ لِتَمَلُّكِهِ الْجُثَّةَ الْعَمْيَاءَ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً هِدَايَةٌ، وَتَفْصِيلُ مَا لَوْ أَفْضَاهَا فِي الشَّرْحِ.

(وَلَوْ غَصَبَهَا ثُمَّ زَنَى بِهَا ثُمَّ ضَمِنَ قِيمَتَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) اتِّفَاقًا (بِخِلَافِ مَا لَوْ زَنَى بِهَا) ثُمَّ غَصَبَهَا ثُمَّ ضَمِنَ قِيمَتَهَا كَمَا لَوْ زَنَى بِحُرَّةٍ ثُمَّ نَكَحَهَا لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ اتِّفَاقًا فَتْحٌ.

ــ

[رد المحتار]

لَوْ ثَبَتَ لَمْ يَكُنْ وَطْؤُهُ فِيهِ مُحَرَّمًا بِخِلَافِ تِلْكَ الْأَقْسَامِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّسَبَ هُنَا لَا يَثْبُتُ وَأَنَّ الْفِعْلَ تَمَحَّضَ زِنًا وَإِنَّمَا سَقَطَ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ صِدْقِهِ فِي دَعْوَاهُ الْمِلْكَ بِالْعَقْدِ. أَوْ بِالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ، وَبِهَذَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ لِغَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي شُبْهَةِ الْفِعْلِ وَهِيَ شُبْهَةُ الِاشْتِبَاهِ؛ لِأَنَّ مَرْجِعَهَا إلَى أَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِظَنِّهِ الْحِلَّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ وَفِي قَتْلِ أَمَةٍ بِزِنَاهَا) هَذَا عِنْدَهُمَا. وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ لَا الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ زِنًا حَيْثُ اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ قُهُسْتَانِيٌّ. قُلْت: وَصَحَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ، لَكِنْ الْمُتُونُ وَالشُّرُوحُ عَلَى الْأَوَّلِ بَلْ مَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ هُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ لَا قَوْلُهُ، وَهِيَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ الْحَدُّ بِالزِّنَا وَالْقِيمَةُ بِالْقَتْلِ) أَشَارَ إلَى تَوْجِيهِ وُجُوبِ الْحَدِّ وَالْقِيمَةِ بِأَنَّهُمَا جِنَايَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ بِمُوجِبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ط، (قَوْلُهُ ولَوْ أَذْهَبَ عَيْنَهَا) كَذَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَالْأَظْهَرُ عَيْنَيْهَا بِالتَّثْنِيَةِ لِيَلْزَمَ كُلُّ الْقِيمَةِ لَكِنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْجُثَّةَ الْعَمْيَاءَ (قَوْلُهُ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً) أَيْ فِي مِلْكِ الْمَنَافِعِ تَبَعًا فَيَنْدَرِئُ عَنْهُ الْحَدُّ. بِخِلَافِ مَا مَرَّ. فَإِنَّ الْجُثَّةَ فَائِتَةٌ بِالْقَتْلِ فَلَا تُمْلَكُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَتَفْصِيلُ مَا لَوْ أَفْضَاهَا فِي الشَّرْحِ) أَيْ شَرْحِ الْمُصَنِّفِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ أَفْضَاهَا وَهِيَ كَبِيرَةٌ مُطَاوِعَةٌ بِلَا دَعْوَى شُبْهَةِ حَدٍّ، وَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ لِرِضَاهَا بِهِ، وَلَا مَهْرَ لِوُجُوبِ الْحَدِّ، وَإِنْ كَانَ مَعَ دَعْوَى شُبْهَةٍ فَلَا حَدَّ وَيَجِبُ الْعُقْرُ، وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً وَلَمْ يَدَّعِ شُبْهَةً لَزِمَهُ الْحَدُّ لَا الْمَهْرُ، وَضَمِنَ ثُلُثَ الدِّيَةِ إنْ اسْتَمْسَكَ بَوْلَهَا وإلَّا فَكُلُّهَا لِتَفْوِيتِهِ جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْكَمَالِ، وَإِنْ ادَّعَى شُبْهَةً فَلَا حَدَّ، ثُمَّ إنْ اسْتَمْسَكَ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَيَجِبُ الْمَهْرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ فَكُلُّ الدِّيَةِ وَلَا مَهْرَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَإِنْ أَفْضَاهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَكَالْكَبِيرَةِ إلَّا فِي حَقِّ سُقُوطِ الْأَرْشِ بِرِضَاهَا، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ وَلَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَالْمَهْرُ كَامِلًا إنْ اسْتَمْسَكَ بَوْلَهَا وَإِلَّا فَكُلُّ الدِّيَةِ دُونَ الْمَهْرِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِدُخُولِ ضَمَانِ الْجُزْءِ لِضَمَانِ الْكُلِّ كَمَا لَوْ قَطَعَ أُصْبُعَ إنْسَانٍ ثُمَّ كَفَّهُ قَبْلَ الْبُرْءِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً فِي مِلْكِ الْمَنَافِعِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَهَذَا إذَا لَمْ تَمُتْ.

فَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَلَوْ غَصَبَ أَمَةً فَزَنَى بِهَا فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ أَوْ غَصَبَ حُرَّةً ثَيِّبًا فَزَنَى بِهَا فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْوَجْهَيْنِ مَعَ دِيَةِ الْحُرَّةِ وَقِيمَةِ الْأَمَةِ أَمَّا الْحُرَّةُ فَلَا إشْكَالَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ بِدَفْعِ الدِّيَةِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَإِنَّهَا تُمْلَكُ بِالْقِيمَةِ إلَّا أَنَّ الضَّمَانَ وَجَبَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْمَيِّتُ لَا يَصْلُحُ تَمَلُّكُهُ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ زَنَى بِحُرَّةٍ) تَقَدَّمَتْ مَتْنًا فِي الْبَابِ السَّابِقِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَنُدِبَ تَلْقِينُهُ (قَوْلُهُ لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ وَقْتَ الْفِعْلِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ، وَقَوْلُهُ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ عَنْ جَامِعِ قَاضِي خَانْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ أَنَّهُ الْأَصَحُّ، وَمَفَادُهُ الْخِلَافَ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ تَزَوَّجَ الْمَزْنِيَّ بِهَا أَوْ اشْتَرَاهَا لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ وَقْتَ الْفِعْلِ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ خِلَافًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِيهِمَا عِنْدَهُ بَلْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَرَوَى الْخِلَافَ بِالْعَكْسِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي الشِّرَاءِ بَلْ فِي التَّزَوُّجِ؛ لِأَنَّهُ بِالشِّرَاءِ يَمْلِكُ عَيْنَهَا، بِخِلَافِ التَّزَوُّجِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>