للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَعَ التَّقَادُمِ حُدَّ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (إلَّا فِي الشُّرْبِ) كَمَا سَيَجِيءُ (وَتَقَادُمُهُ بِزَوَالِ الرِّيحِ، وَلِغَيْرِهِ بِمُضِيِّ شَهْرٍ) هُوَ الْأَصَحُّ.

(وَلَوْ شَهِدُوا بِزِنًا مُتَقَادِمٍ حُدَّ الشُّهُودُ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَقِيلَ لَا) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

(شَهِدُوا عَلَى زِنَاهُ بِغَائِبَةٍ حُدَّ، وَلَوْ عَلَى سَرِقَةٍ مِنْ غَائِبٍ لَا) لِشَرْطِيَّةِ الدَّعْوَى فِي السَّرِقَةِ دُونَ الزِّنَا.

(أَقَرَّ بِالزِّنَا بِمَجْهُولَةٍ حُدَّ، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَا) لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ (لِاخْتِلَافِهِمْ فِي طَوْعِهَا أَوْ فِي الْبَلَدِ؛ وَلَوْ) كَانَ (عَلَى كُلِّ زِنَا أَرْبَعَةٌ) لَكَذَبَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ، يَعْنِي إنْ ذَكَرُوا وَقْتًا وَاحِدًا وَتَبَاعَدَ الْمَكَانَانِ

ــ

[رد المحتار]

وَيَنْبَغِي أَنَّهُمْ لَوْ أَخَّرُوا الشَّهَادَةَ لَا لِتَأْخِيرِ الدَّعْوَى أَنْ لَا تُقْبَلَ فِي حَقِّ الْمَالِ أَيْضًا كَمَا فِي الْفَتْحِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُعَادِي نَفْسَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الشُّرْبِ) فَإِنَّ التَّقَادُمَ فِيهِ يُبْطِلُ الْإِقْرَارَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ بَحْرٌ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ، وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَا يُبْطِلُهُ وَسَيَجِيءُ تَصْحِيحُهُ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ هُوَ الْأَصَحُّ) اعْلَمْ أَنَّ التَّقَادُمَ عِنْدَ الْإِمَامِ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي فِي كُلِّ عَصْرٍ، لَكِنْ الْأَصَحُّ مَا عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُمَا أَيْضًا. وَقَدْ اعْتَبَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ أَيْضًا. وَعِنْدَهُمَا هُوَ مُقَدَّرٌ بِزَوَالِ الرَّائِحَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَنْزِ فِي بَابِهِ، فَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ. فَعُلِمَ أَنَّ الْأَصَحَّ اعْتِبَارُ الشَّهْرِ إلَّا فِي الشُّرْبِ بَحْرٌ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ مَاشٍ عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الشُّرْبِ. وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي غَيْرِهِ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا) أَقُولُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ، حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رَجُلٍ بِزِنًا قَدِيمٍ لَمْ آخُذْ بِشَهَادَتِهِمْ وَلَا أَحُدُّهُمْ اهـ وَلِذَا قَالَ الْكَرْخِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ: أَيْ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَلَّلَهُ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّ عَدَدَهُمْ مُتَكَامِلٌ وَأَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ مَوْجُودَةٌ وَذَلِكَ يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُمْ قَذْفًا

(قَوْلُهُ بِغَائِبَةٍ) أَيْ وَالشُّهُودُ يَعْرِفُونَهَا، إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ بِعَدَمِ مَعْرِفَتِهَا كَمَا يَأْتِي شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى سَرِقَةٍ) مِثْلُهُ الْقَذْفُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُ ح (قَوْلُهُ لِشَرْطِيَّةِ الدَّعْوَى إلَخْ) أَيْ أَنَّهَا شَرْطٌ لِلْعَمَلِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالسَّرِقَةِ تَتَضَمَّنُ الشَّهَادَةَ بِمِلْكِ الْمَسْرُوقِ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَلَا تُقْبَلُ بِلَا دَعْوَى، وَلَيْسَتْ شَرْطًا لِثُبُوتِ الزِّنَا عِنْدَ الْقَاضِي وَلَا يُقَالُ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْغَائِبَةَ لَوْ حَضَرَتْ تَدَّعِي النِّكَاحَ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ.؛ لِأَنَّا نَقُولُ دَعْوَاهَا النِّكَاحَ شُبْهَةٌ وَاحْتِمَالُ دَعْوَاهَا ذَلِكَ شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ وَإِلَّا أَدَّى إلَى نَفْيِ كُلِّ حَدٍّ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ الْمُقِرُّ أَوْ الشُّهُودُ وَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ هَذَا الرُّجُوعِ شُبْهَةٌ وَاحْتِمَالُهُ شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ حُدَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَنْ لَهُ فِيهَا شُبْهَةٌ فَإِنَّهُ كَمَا لَا يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ كَاذِبًا لَا يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ حَالَ الِاشْتِبَاهِ فَلَمَّا أَقَرَّ بِالزِّنَا كَانَ فَرْعُ عِلْمِهِ أَنَّهَا لَمْ تَشْتَبِهْ عَلَيْهِ، وَصَارَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ أَعْرِفْهَا أَيْ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا، وَلَكِنْ عَلِمْت بِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ، فَكَانَ هَذَا كَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مَنْ تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ قَوْلُ الشَّاهِدِ لَا أَعْرِفُهَا مُوجِبًا لِلْحَدِّ فَتْحٌ

(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ) لَوْ قَالَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهَا شُبْهَةٌ لَكَانَ أَعَمَّ. اهـ. ح وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: وإنْ قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إنَّ الَّتِي رَأَوْهَا مَعِي لَيْسَتْ لِي بِامْرَأَةٍ وَلَا خَادِمٍ لَمْ يُحَدَّ أَيْضًا لِتَصَوُّرِ أَنْ تَكُونَ أَمَةَ ابْنِهِ أَوْ مَنْكُوحَتَهُ نِكَاحًا فَاسِدًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي طَوْعِهَا) بِأَنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا وَآخَرَانِ أَنَّهَا طَاوَعَتْهُ لَمْ يُحَدَّا عِنْدَهُ.

وَقَالَا: يُحَدُّ الرَّجُلُ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ زَنَى، وَتَفَرَّدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ بِزِيَادَةِ جِنَايَةٍ وَهِيَ الْإِكْرَاهُ وَلَهُ أَنَّهُ زِنَاءَانِ مُخْتَلِفَانِ لَمْ يَكْمُلْ فِي كُلٍّ نِصَابٌ؛ لِأَنَّ زِنَاهَا طَوْعًا غَيْرُ مُكْرَهَةٍ فَلَا حَدَّ وَلِأَنَّ الطَّوْعَ يَقْتَضِي اشْتِرَاكَهُمَا فِي الْفِعْلِ وَالْكُرْهُ يَقْتَضِي تَفَرُّدَهُ فَكَانَا غَيْرَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي كُلٍّ نِصَابٌ.

ثُمَّ إنَّ اتِّفَاقَ الشُّهُودِ عَلَى النِّسْبَةِ إلَى الزِّنَا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ مُخْرِجٌ لِكَلَامِهِمْ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَذْفًا، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى كُلِّ زِنَا أَرْبَعَةٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ فِي الْبَلَدِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشُّرَّاحِ فِي تَصْوِيرِهِمْ الْمَسْأَلَةَ وَتَعْلِيلِهِمْ بِامْتِنَاعِ فِعْلِ وَاحِدٍ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَكَانَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>