وَإِلَّا قُبِلَتْ فَتْحٌ (لَوْ اخْتَلَفُوا فِي) زَاوِيَتَيْ (بَيْتٍ وَاحِدٍ صَغِيرٍ جِدًّا) أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ اسْتِحْسَانًا لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ.
(وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى زِنَاهَا وَ) لَكِنْ (هِيَ بِكْرٌ) أَوْ رَتْقَاءُ أَوْ قَرْنَاءُ (أَوْ هُمْ فَسَقَةٌ أَوْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (شَهِدَ الْأُصُولُ) بَعْدَ ذَلِكَ (لَمْ يُحَدَّ أَحَدٌ) وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى زِنَاهُ فَوُجِدَ مَجْبُوبًا.
(وَلَوْ شَهِدُوا بِالزِّنَا وَ) لَكِنْ (هُمْ عُمْيَانٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَحَدُهُمْ مَحْدُودٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمْ كَذَلِكَ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ حُدُّوا) لِلْقَذْفِ إنْ طَلَبَهُ الْمَقْذُوفُ (وَأَرْشُ جَلْدِهِ) وَإِنْ مَاتَ مِنْهُ (هَدَرٌ)
ــ
[رد المحتار]
مُتَبَايِنَيْنِ فَتَيَقَّنَّا بِكَذِبِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالطَّوْعِ وَأَرْبَعَةٌ بِالْإِكْرَاهِ يُحَدَّانِ وبِهِ جَزَمَ مُحَشِّي مِسْكِينٌ مُعَلِّلًا بِعَدَمِ التَّيَقُّنِ بِكَذِبِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرُوا وَقْتًا وَاحِدًا وَجَزَمَ ح بِأَنْ لَا حَدَّ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ السَّابِقِ مِنْ أَنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ فِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ إذَا بَرْهَنَ.
قَالَ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ وَالْبَيِّنَةُ الْمُثْبِتَةُ لِلْحَدِّ لَا بُدَّ وَأَنْ تَشْهَدَ بِالطَّوْعِ. اهـ. قُلْت: هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذْ ذَكَرُوا وَقْتًا وَاحِدًا وَإِلَّا فَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى فِعْلَيْنِ أَحَدُهُمَا بِالْإِكْرَاهِ وَالْآخَرُ بِالطَّوْعِ وَأَمَّا مَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ فَهُوَ فِيمَا إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى زِنَاهُ طَوْعًا وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْإِكْرَاهِ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ بِعَيْنِهِ لَا مُطْلَقًا فَيَنْدَرِئُ الْحَدُّ عَنْهُ لِلشُّبْهَةِ فَافْهَمْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ اتَّحَدَ الْوَقْتُ وَتَقَارَبَ الْمَكَانَانِ أَوْ اخْتَلَفَ الْوَقْتُ وَتَبَاعَدَ الْمَكَانَانِ، أَوْ تَقَارَبَا ح (وَقَوْلُهُ فِي زَاوِيَتَيْ بَيْتٍ) أَيْ جَانِبَيْهِ (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ) بِأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ فِي زَاوِيَةٍ وَالِانْتِهَاءُ فِي أُخْرَى بِالِاضْطِرَابِ وَالْحَرَكَةِ بَحْرٌ.
لَا يُقَالُ: هَذَا تَوْفِيقٌ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ وَالْوَاجِبُ دَرْؤُهُ بِأَنَّ التَّوْفِيقَ مَشْرُوعٌ صِيَانَةً لِلْقَضَاءِ عَنْ التَّعْطِيلِ إذْ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ قُبِلُوا مَعَ احْتِمَالِ شَهَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَقَبُولُهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاتِّحَادِ وَإِنْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَيْهِ، أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ وَلَكِنْ هِيَ بِكْرٌ) إقْحَامُ الشَّارِحِ لَفْظَةَ لَكِنْ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاوُ الْحَالِ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدَهُ وَلَكِنْ هُمْ عُمْيَانُ كَمَا أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ لَمْ يُحَدَّ أَحَدٌ) أَيْ مِنْ الشُّهُودِ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ.
أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ الزِّنَا لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُحَدَّانِ لِظُهُورِ الْكَذِبِ، وَلَا الشُّهُودُ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْبَكَارَةِ وَنَحْوِهَا بِقَوْلِ امْرَأَةٍ أَوْ أَكْثَرَ حُجَّةٌ فِي إسْقَاطِ الْحَدِّ لَا فِي إيجَابِهِ.
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَمْ يُحَدَّ لِاشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ لِثُبُوتِ الزِّنَا وَلَا الشُّهُودُ سَوَاءٌ عُلِمَ فِسْقُهُمْ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ ظَهَرَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ وَالتَّحَمُّلِ وَإِنْ كَانَ فِي أَدَائِهِ نَوْعُ قُصُورٍ لِتُهْمَةِ الْفِسْقِ، وَلِذَا لَوْ قَضَى بِشَهَادَتِهِ يَنْفُذُ عِنْدَنَا فَيَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمْ شُبْهَةُ الزِّنَا فَسَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُمْ.
وَلِذَا لَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ لَوْ أَقَامَ أَرْبَعَةً مِنْ الْفُسَّاقِ عَلَى زِنًا الْمَقْذُوفِ.
وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا تَجُوزُ فِي الْحُدُودِ لِزِيَادَةِ الشُّبْهَةِ بِاحْتِمَالِ الْكَذِبِ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي الْأُصُولِ وَفِي الْفُرُوعِ، وَلَا يُحَدُّ الْفُرُوعُ؛ لِأَنَّ الْحَاكِيَ لِلْقَذْفِ غَيْرُ قَاذِفٍ وَكَذَا الْأُصُولُ بِالْأَوْلَى، وَلَوْ شَهِدُوا بَعْدَ الْفُرُوعِ لِرَدِّ شَهَادَتِهِمْ مِنْ وَجْهٍ يَرُدُّ شَهَادَةَ الْفُرُوعِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَوُجِدَ مَجْبُوبًا) وَجْهُ عَدَمِ حَدِّ الشُّهُودِ فِيهِ يُؤْخَذُ مِمَّا عَلَّلُوا بِهِ أَيْضًا فِي الْبَكَارَةِ وَالرَّتَقِ وَهُوَ تَكَامُلُ عَدَدِهِمْ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ، ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي الدُّرَرِ فَافْهَمْ.
وَأَيْضًا سَيَأْتِي أَنَّ الْمَجْبُوبَ لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وبِهِ عَلَّلَ الْمَسْأَلَةَ هُنَا الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي
(قَوْلُهُ عُمْيَانُ) أَيْ أَوْ عَبِيدٌ أَوْ صِبْيَانٌ أَوْ مَجَانِينُ أَوْ كُفَّارٌ نَهْرٌ (قَوْلُهُ حُدُّوا لِلْقَذْفِ) أَيْ دُونَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ فِيهِمْ أَوْ عَدَمِ النِّصَابِ فَلَا يَثْبُتُ الزِّنَا (قَوْلُهُ وَأَرْشُ جَلْدِهِ) أَيْ إذَا كَانَ جَرَحَهُ الْجَلْدُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) حَيْثُ قَالَا إنَّ الْأَرْشَ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ فِعْلُ الْجَلَّادِ لِلْقَاضِي وَهُوَ عَامِلٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَتَجِبُ الْغَرَامَةُ