خِلَافًا لَهَا (وَدِيَةُ رَجْمِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا) وَيُحَدُّ مَنْ رَجَعَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ (بَعْدَ الرَّجْمِ فَقَطْ) لِانْقِلَابِ شَهَادَتِهِ بِالرُّجُوعِ قَذْفًا (وَغَرِمَ رُبْعَ الدِّيَةِ وَ) إنْ رَجَعَ (قَبْلَهُ) أَيْ الرَّجْمِ (حُدُّوا) لِلْقَذْفِ (وَلَا رَجْمَ) لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي بَابِ الْحُدُودِ.
(وَلَا شَيْءَ عَلَى خَامِسٍ) رَجَعَ بَعْدَ الرَّجْمِ (فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ حُدَّا وَغَرِمَا رُبْعَ الدِّيَةِ) وَلَوْ رَجَعَ الثَّالِثُ ضَمِنَ الرُّبْعَ، وَلَوْ رَجَعَ الْخَمْسَةُ ضَمِنُوهَا أَخْمَاسًا حَاوِيٌّ.
(وَضَمِنَ الْمُزَكِّي دِيَةَ الْمَرْجُومِ إنْ ظَهَرُوا) غَيْرَ أَهْلٍ لِلشَّهَادَةِ (عَبِيدًا أَوْ كُفَّارًا) وَهَذَا إذَا أَخْبَرَ الْمُزَكِّي
ــ
[رد المحتار]
فِي مَالِهِمْ.
وَلَهُ أَنَّ الْفِعْلَ الْجَارِحَ لَا يَنْتَقِلُ لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْجَلَّادِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي الصَّحِيحِ كَيْ لَا يَمْتَنِعَ النَّاسُ عَنْ الْإِقَامَةِ مَخَافَةَ الْغَرَامَةِ ابْنُ كَمَالٍ. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ لَا يَضْمَنُونَ عِنْدَهُ. وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُونَ، وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالنَّهْرِ. وَفِي الْعَزْمِيَّةِ عَنْ بَعْضِ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ: وَمَعْرِفَةُ الْأَرْشِ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَحْدُودُ عَبْدًا سَلِيمًا مِنْ هَذَا الْأَثَرِ فَيُنْظَرُ مَا يَنْقُصُ بِهِ الْقِيمَةُ يَنْقُصُ مِنْ الدِّيَةِ بِمِثْلِهِ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ قَوْلُهُ يَنْقُصُ مِنْ الدِّيَةِ بِمِثْلِهِ لَا مَحِلَّ لَهُ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فَيُنْظَرُ مَا يَنْقُصُ بِهِ الْقِيمَةُ يُؤْخَذُ مِنْ الشُّهُودِ. وَبَيَانُهُ أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ قِيمَتَهُ سَلِيمًا أَلْفٌ وَقِيمَتَهُ بِهَذِهِ الْجِرَاحَةِ تِسْعُمِائَةٍ تَكُونُ الْجِرَاحَةُ نَقَّصَتْهُ مِائَةً هِيَ الْأَرْشُ فَيَرْجِعُ عَلَى الشُّهُودِ بِهَا (قَوْلُهُ فَقَطْ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ يُحَدُّ مَنْ رَجَعَ أَيْ يُحَدُّ الرَّاجِعُ فَقَطْ حَدَّ الْقَذْفِ دُونَ الْبَاقِينَ لِبَقَاءِ شَهَادَتِهِمْ (قَوْلُهُ وَغَرِمَ رُبْعَ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّ التَّالِفَ بِشَهَادَتِهِ رُبْعُ الْحَقِّ، وَكَذَا لَوْ رَجَعَ الْكُلُّ حُدُّوا وَغَرِمُوا الدِّيَةَ نَهْرٌ، وَقَوْلُ الْبَحْرِ وَغَرِمُوا رُبْعَ الدِّيَةِ صَوَابُهُ جَمِيعُ الدِّيَةِ كَمَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ قَبْلَهُ) أَيْ الرَّجْمِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ حُدُّوا لِلْقَذْفِ) أَيْ حُدَّ الشُّهُودُ كُلُّهُمْ. أَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا قَذَفَةً. وَأَمَّا بَعْدَهُ فَهُوَ قَوْلُهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُحَدُّ الرَّاجِعُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَأَكَّدَتْ بِالْقَضَاءِ فَلَا تَنْفَسِخُ إلَّا فِي حَقِّ الرَّاجِعِ. وَلَهُمَا أَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ، وَلِذَا سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ فِيمَا إذَا كَانَ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْخِلَافِ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ فِيمَا قَبْلَهُ فَافْهَمْ. وَمَعْنَاهُ أَنَّ إمْضَاءَ الْحَدِّ مِنْ تَمَامِ الْقَضَاءِ بِهِ. وَثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا اعْتَرَضَتْ أَسْبَابُ الْجُرْحِ أَوْ سُقُوطُ إحْصَانِ الْمَقْذُوفِ أَوْ عَزْلُ الْقَاضِي كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ
(قَوْلُهُ حُدَّا وَغَرِمَا رُبْعَ الدِّيَةِ) أَمَّا الْحَدُّ فَلِانْفِسَاخِ الْقَضَاءِ بِالرَّجْمِ فِي حَقِّهِمَا. وَأَمَّا الْغُرْمُ فَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ بَقَاءُ مَنْ بَقِيَ لَا رُجُوعُ مَنْ رَجَعَ. وَقَدْ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِبَقَائِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ فَيَلْزَمُهُمَا الرُّبُعُ. فَإِنْ قِيلَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا حِينَ رَجَعَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالضَّمَانُ بَعْدَ ذَلِكَ بِرُجُوعِ غَيْرِهِ. قُلْنَا وُجِدَ مِنْهُ الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ وَالضَّمَانِ وَهُوَ قَذْفُهُ وَإِتْلَافُهُ بِشَهَادَتِهِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْوُجُوبُ لِمَانِعٍ وَهُوَ بَقَاءُ مَنْ يَقُومُ بِالْحَقِّ فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ بِرُجُوعِ الثَّانِي ظَهَرَ الْوُجُوبُ ح عَنْ الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ رَجَعَ الثَّالِثُ ضَمِنَ الرُّبُعَ) وَكَذَا الثَّانِي وَالْأَوَّلُ بَحْرٌ عَنْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ رَجَعَ الْخَمْسَةُ) أَيْ مَعًا لَا مُرَتَّبًا
(قَوْلُهُ وَضَمِنَ الْمُزَكِّي) أَفْرَدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِي التَّزْكِيَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ: أَيْ ضَمِنَ مَنْ زَكَّى شُهُودَ الزِّنَا إذَا رَجَعَ عَنْ التَّزْكِيَةِ وَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ خِلَافًا لَهُمَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا تَصِيرُ حُجَّةً بِالتَّزْكِيَةِ فَكَانَتْ فِي مَعْنَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهَا بِخِلَافِ شُهُودِ الْإِحْصَانِ إذَا رَجَعُوا؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إنْ ظَهَرُوا) أَيْ شُهُودُ الزِّنَا (قَوْلُهُ عَبِيدًا أَوْ كُفَّارًا) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ غَيْرَ أَهْلٍ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ كَوْنُهُمْ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْأَدَاءِ وَإِنْ كَانُوا أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ (قَوْلُهُ وَهَذَا إلَخْ) تَوَرُّكٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute