للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِحُرِّيَّةِ الشُّهُودِ وَإِسْلَامِهِمْ ثُمَّ رَجَعَ قَائِلًا تَعَمَّدْت الْكَذِبَ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا وَلَا يُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ بَحْرٌ (كَمَا لَوْ قُتِلَ مَنْ أُمِرَ بِرَجْمِهِ) بَعْدَ التَّزْكِيَةِ (فَظَهَرُوا كَذَلِكَ غَيْرَ أَهْلٍ) فَإِنَّ الْقَاتِلَ يَضْمَنُ الدِّيَةَ اسْتِحْسَانًا لِشُبْهَةِ صِحَّةِ الْقَضَاءِ، فَلَوْ قَتَلَهُ قَبْلَ الْأَمْرِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ اُقْتُصَّ مِنْهُ كَمَا يَقْتَصُّ الْمَقْضِيُّ بِقَتْلِهِ قِصَاصًا ظَهَرَ الشُّهُودُ عَبِيدًا أَوْ لَا لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لِلْوَلِيِّ زَيْلَعِيٌّ مِنْ الرِّدَّةِ

(وَإِنْ رُجِمَ وَلَمْ يُزَكَّ) الشُّهُودُ (فَوُجِدُوا عَبِيدًا فَدِيَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِامْتِثَالِهِ أَمْرَ الْإِمَامِ فَنُقِلَ فِعْلُهُ إلَيْهِ

(وَإِنْ قَالَ شُهُودُ الزِّنَا تَعَمَّدْت النَّظَرَ قُبِلَتْ)

ــ

[رد المحتار]

حَيْثُ تَرَكَ كَالْكَنْزِ قَيْدَ الرُّجُوعِ أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمَنْظُومَةِ، وَقَدْ حَقَّقَ الْمَقَامَ فِي الْفَتْحِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ بِحُرِّيَّةِ الشُّهُودِ وَإِسْلَامِهِمْ) أَيْ وَعَدَالَتِهِمْ وَقَيَّدَ بِالْإِخْبَارِ بِذَلِكَ لِيَكُونَ تَزْكِيَةً سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ أَوْ بِلَفْظِ الْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ بِأَنَّهُمْ عُدُولٌ ثُمَّ ظَهَرُوا عَبِيدًا لَمْ يَضْمَنْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَزْكِيَةً وَالْقَاضِي قَدْ أَخْطَأَ حَيْثُ اكْتَفَى بِهَذَا الْقَدْرِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَلْ اسْتَمَرَّ عَلَى تَزْكِيَتِهِ قَائِلًا هُمْ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَخْطَأْت فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُحَدُّونَ) أَيْ الشُّهُودُ، وَكَذَا لَا يَضْمَنُونَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ) ؛ لِأَنَّهُمْ قَذَفُوا حَيًّا وَقَدْ مَاتَ فَلَا يُورَثُ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

قُلْت: وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ، وَهِيَ مَا إذَا رَجَعَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَ الرَّجْمِ لِمَا مَرَّ مِنْ انْقِلَابِ شَهَادَتِهِ بِالرُّجُوعِ قَذْفًا: أَيْ؛ لِأَنَّهَا حِينَ وَقَعَتْ كَانَتْ مُعْتَبَرَةً شَهَادَةً ثُمَّ انْفَسَخَتْ فَصَارَتْ قَذْفًا لِلْحَالِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْفَتْحِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَتَلَ، إلَخْ) هَكَذَا عَبَّرَ فِي الدُّرَرِ. وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الضَّامِنَ هُوَ الْمُزَكَّى وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ الْقَاتِلُ، فَالتَّشْبِيهُ بَيْنَ الضَّمَانَيْنِ فَقَطْ لَا مَعَ مَا أُسْنِدَ إلَيْهِمَا.

وَالْأَوْضَحُ قَوْلُ الْوِقَايَةِ ضَمِنَ الدِّيَةَ مَنْ قَتَلَ الْمَأْمُورَ بِرَجْمِهِ أَوْ زَكَّى شُهُودَ زِنَاهُ فَظَهَرُوا عَبِيدًا أَوْ كُفَّارًا. اهـ. (قَوْلُهُ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ هُوَ الْكَامِلُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ. نَهْرٌ ويَأْتِي مُحْتَرَزُهُ (قَوْلُهُ فَظَهَرُوا كَذَلِكَ) أَمَّا لَوْ لَمْ يَظْهَرُوا كَذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ، لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ، وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ أَوَّلَ الْحُدُودِ عَنْ النَّهْرِ بَحْثًا (قَوْلُهُ غَيْرَ أَهْلٍ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ يَضْمَنُ الدِّيَةَ) أَيْ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَالْعَاقِلَةُ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ، وَتَجِبُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِنَفْسِ الْقَتْلِ فَيَجِبُ مُؤَجَّلًا كَالدِّيَةِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا مَحْقُونَةَ الدَّمِ عَمْدًا بِفِعْلٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، إذْ الْمَأْمُورُ بِهِ الرَّجْمُ فَلَا يَصِيرُ فِعْلُهُ مَنْقُولًا إلَى الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ لِشُبْهَةِ صِحَّةِ الْقَضَاءِ) أَيْ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ حِينَ قَتَلَهُ كَانَ الْقَضَاءُ بِالرَّجْمِ صَحِيحًا ظَاهِرًا فَأَوْرَثَ شُبْهَةَ الْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْأَمْرِ) أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالرَّجْمِ كَمَا عَبَّرَ فِي الْفَتْحِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ الْكَامِلِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْأَمْرِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ خَطَأٌ مِنْ الْقَاضِي بَحْرٌ (قَوْلُهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ) أَيْ فِي الْعَمْدِ وَوَجَبَ فِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَمَا يُقْتَصُّ إلَخْ) التَّشْبِيهُ، مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فَقَطْ.

وَأَفَادَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ الشُّهُودُ عَبِيدًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَقْضِيَّ بِقَتْلِهِ قِصَاصًا حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ لِلْوَلِيِّ، بِخِلَافِ الْمَقْضِيِّ بِرَجْمِهِ (قَوْلُهُ زَيْلَعِيٌّ مِنْ الرِّدَّةِ) أَيْ مِنْ بَابِ الرِّدَّةِ وَهَذَا الْعَزْوُ كَذَلِكَ وَقَعَ فِي الْبَحْرِ، وَعَزَاهُ فِي النَّهْرِ إلَى الزَّيْلَعِيِّ مِنْ الدِّيَةِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ رُجِمَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ: أَيْ مَنْ أَمَرَ الْقَاضِي بِرَجْمِهِ لَوْ رَجَمَهُ أَحَدٌ (قَوْلُهُ فَدِيَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَمْ أَرَ هَلْ الدِّيَةُ تُؤْخَذُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلَةً (قَوْلُهُ فَنُقِلَ فِعْلُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الرَّاجِمَ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَقَدْ ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّةِ الْأَمْرِ فَنُقِلَ فِعْلُهُ إلَى الْإِمَامِ وَهُوَ عَامِلٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَتَجِبُ الْغَرَامَةُ فِي مَالِهِمْ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَهُ بِغَيْرِ الرَّجْمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِرْ أَمْرَهُ فَلَمْ يُنْقَلْ فِعْلُهُ إلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>