للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِإِبَاحَتِهِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ (إلَّا إذَا قَالُوا) تَعَمَّدْنَاهُ (لِلتَّلَذُّذِ فَلَا) تُقْبَلُ لِفِسْقِهِمْ فَتْحٌ

(وَإِنْ أَنْكَرَ الْإِحْصَانَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ وَلَدَتْ زَوْجَتُهُ مِنْهُ) قَبْلَ الزِّنَا نَهْرٌ (رُجِمَ. وَلَوْ خَلَا بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ وَطِئْتهَا وَأَنْكَرَتْ فَهُوَ مُحْصَنٌ) بِإِقْرَارِهِ (دُونَهَا) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ (كَمَا لَوْ قَالَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ كُنْت نَصْرَانِيَّةً وَقَالَ كَانَتْ مُسْلِمَةً) فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ، وَبِهِ اُسْتُغْنِيَ عَمَّا يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ مِنْ قَوْلِهِ (إذَا كَانَ أَحَدُ الزَّانِيَيْنِ مُحْصَنًا يُحَدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدَّهُ) فَتَأَمَّلْ.

(تَزَوَّجَ بِلَا وَلِيٍّ فَدَخَلَ بِهَا لَا يَكُونُ مُحْصَنًا عِنْدَ الثَّانِي) لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ نَهْرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ الْمَوَاضِعُ الَّتِي يَحِلُّ فِيهَا النَّظَرُ إلَى عَوْرَةِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ لِإِبَاحَتِهِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ) وَمِثْلُهُ نَظَرُ الْقَابِلَةِ وَالْخَافِضَةِ وَالْخَتَّانِ وَالطَّبِيبِ وَزَادَ فِي الْخُلَاصَةِ: مِنْ مَوَاضِعِ حِلِّ النَّظَرِ لِلْعَوْرَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ الِاحْتِقَانُ وَالْبَكَارَةُ فِي الْعُنَّةِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَتْحٌ. قُلْت: وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الزَّانِي بَكَارَتَهَا، وَنَظَمْتهَا بِقَوْلِي:

وَلَا تَنْظُرْ لِعَوْرَةِ أَجْنَبِيٍّ ... بِلَا عُذْرٍ كَقَابِلَةٍ طَبِيبِ

وَخَتَّانٍ وَخَافِضَةٍ وَحَقْنٍ ... شُهُودِ زِنًا بِلَا قَصْدٍ مُرِيبٍ

وَعِلْمِ بَكَارَةٍ فِي عُنَّةٍ أَوْ ... زِنًا أَوْ حِينَ رَدٍّ لِلْمَعِيبِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْإِحْصَانَ) أَيْ اسْتِجْمَاعَ شَرَائِطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، كَأَنْ أَنْكَرَ النِّكَاحَ وَالدُّخُولَ فِيهِ وَالْحُرِّيَّةَ (قَوْلُهُ فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْإِحْصَانِ عِنْدَنَا، وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. وَكَيْفِيَّةُ الشَّهَادَةِ بِهِ أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَجَامَعَهَا أَوْ بَاضَعَهَا. لَوْ قَالُوا دَخَلَ بِهَا يَكْفِي عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَتَى أُضِيفَ إلَى الْمَرْأَةِ بِحَرْفِ الْبَاءِ يُرَادُ بِهِ الْجِمَاعُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكْفِي، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَوْ وَلَدَتْ زَوْجَتُهُ مِنْهُ) أَيْ إذَا وَلَدَتْ فِي مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ جُعِلَ وَاطِئًا شَرْعًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ حُكْمٌ بِالدُّخُولِ بِهَا وَلِهَذَا يَعْقُبَ الرَّجْعَةَ زَيْلَعِيٌّ. قُلْت: ظَاهِرُهُ ثُبُوتُ الْإِحْصَانِ وَلَوْ كَانَ ثُبُوتُ النَّسَبِ بِحُكْمِ الْفِرَاشِ كَتَزَوُّجِ مَشْرِقِيٍّ بِمَغْرِبِيَّةٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لَكِنْ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُمَا مُقِرَّانِ بِالْوَلَدِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الشَّلَبِيِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ قَبْلَ الزِّنَا) مُتَعَلِّقٌ بِوَلَدَتْ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَعْلِيلِ الزَّيْلَعِيِّ الْمَذْكُورِ آنِفًا، حَتَّى لَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ الزِّنَا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيُعْلَمُ أَنَّهُ وَقْتَ الزِّنَا كَانَ وَاطِئًا لِزَوْجَتِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُحْصَنٌ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، فَلَا يُقَالُ إنَّهَا بِإِنْكَارِهَا الْوَطْءَ لَمْ تَصِرْ مُحْصَنَةً فَلَا يَكُونُ هُوَ مُحْصَنًا أَيْضًا (قَوْلُهُ وَبِهِ اسْتَغْنَى إلَخْ) وَجْهُ الِاسْتِغْنَاءِ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُحْصَنًا دُونَ الْآخَرِ عُلِمَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا زَنَى يُحَدُّ بِمَا يَسْتَوْجِبُهُ، فَالْمُحْصَنُ يُرْجَمُ وَغَيْرُهُ يُجْلَدُ كَمَا أَفَادَ التَّفْرِيعُ، نَعَمْ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَعَمُّ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ عَدَمُ إحْصَانِ أَحَدِهِمَا بِبَكَارَتِهِ، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ فَتَأَمَّلْ.

لَا يُقَالُ: مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا تُوُهِّمَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّجْمِ إحْصَانُ كُلٍّ وَلَمْ يُوجَدْ.؛ لِأَنَّا نَقُولُ شَرْطُ الرَّجْمِ إحْصَانُ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ لَا الزَّانِيَيْنِ، فَيُرْجَمُ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ إذَا كَانَ فِيهِ شُرُوطُ الْإِحْصَانِ الَّتِي مِنْهَا دُخُولُهُ بِامْرَأَةٍ مُحْصَنَةٍ مِثْلِهِ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ الْمَزْنِيُّ بِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ لِرَجْمِهِ أَنْ تَكُونَ مُحْصَنَةً بَلْ إحْصَانُهَا شَرْطٌ لِرَجْمِهَا هِيَ، فَإِنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً مِثْلَهُ رُجِمَتْ مَعَهُ وَإِلَّا جُلِدَتْ، وَهَذَا ظَاهِرٌ نَبَّهْنَا عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِحْصَانِ أَيْضًا فَافْهَمْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّانِيَيْنِ إمَّا مُحْصَنَانِ فَيُرْجَمَانِ، أَوْ غَيْرُ مُحْصَنَيْنِ فَيُجْلَدَانِ، أَوْ مُخْتَلِفَانِ فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ

(قَوْلُهُ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ) أَيْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَخْبَارِ فِي صِحَّتِهِ فَلَمْ تَكُنْ صِحَّتُهُ قَطْعِيَّةً، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَقَلَهَا فِي الْبَحْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>