للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَبِنِسْبَتِهِ إلَيْهِ أَوْ إلَى خَالِهِ أَوْ إلَى عَمِّهِ أَوْ رَابِّهِ) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ: مُرَبِّيهِ وَلَوْ غَيْرَ زَوْجِ أُمِّهِ زَيْلَعِيٌّ لِأَنَّهُمْ آبَاءٌ مَجَازًا (وَلَا بِقَوْلِهِ يَا ابْنَ مَاءِ السَّمَاءِ) وَفِيهِ نَظَرٌ ابْنُ كَمَالٍ (وَلَا) بِقَوْلِهِ (يَا نَبَطِيُّ) لِعَرَبِيٍّ فِي النَّهْرِ مَتَى نَسَبَهُ لِغَيْرِ قَبِيلَتِهِ أَوْ نَفَاهُ عَنْهَا عُزِّرَ، وَفِيهِ يَا فَرْخَ الزِّنَا يَا بَيْضَ الزِّنَا يَا حَمْلَ الزِّنَا يَا سَخْلَةَ الزِّنَا قَذْفٌ، بِخِلَافِ يَا كَبْشَ الزِّنَا أَوْ يَا حَرَامُ زَادَهُ

ــ

[رد المحتار]

مِنْ أَنْ يَأْتِيَ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ بِكَلَامٍ مُوهِمٍ لِلشَّتْمِ وَالسَّبِّ بِظَاهِرِهِ ويُرِيدُ بِهِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ احْتِيَالًا لِدَرْءِ الْحَدِّ عَنْهُ، وَلِصِيَانَةِ دِيَانَتِهِ مِنْ إرَادَةِ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ الَّذِي هُوَ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ بَلْ حَالُ الْمُسْلِمِ يَقْتَضِي ذَلِكَ، بِخِلَافِ نَفْيِهِ عَنْ أَبِيهِ فَإِنَّهُ قَذْفٌ صَرِيحٌ بِحَقِيقَتِهِ مَعَ زِيَادَةِ الْقَرِينَةِ كَمَا قُلْنَا، فَفِي الْعُدُولِ عَنْهُ تَفْوِيتُ حَقِّ الْمَقْذُوفِ بِلَا مُوجِبٍ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَدَبَّرْهُ (قَوْلُهُ وَبِنِسْبَتِهِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى جَدِّهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ لِجَدِّهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ آبَاءٌ مَجَازًا) أَمَّا الْجَدُّ فَلِأَنَّهُ الْأَبُ الْأَعْلَى، وَأَمَّا الْخَالُ فَلِمَا أَخْرَجَهُ الدَّيْلَمِيُّ فِي الْفِرْدَوْسِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «الْخَالُ وَالِدُ مَنْ لَا وَالِدَ لَهُ» " وَأَمَّا الْعَمُّ، فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [البقرة: ١٣٣]- فَإِنَّ إسْمَاعِيلَ كَانَ عَمًّا لِيَعْقُوبَ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَأَمَّا الرَّابُّ فَلِلتَّرْبِيَةِ، وَقِيلَ فِي قَوْلِ نُوحٍ - {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} [هود: ٤٥]- إنَّهُ كَانَ ابْنَ امْرَأَتِهِ أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَا بِقَوْلِهِ يَا ابْنَ مَاءِ السَّمَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ التَّشْبِيهُ فِي الْجُودِ وَالسَّمَاحَةِ؛ لِأَنَّ مَاءَ السَّمَاءِ لُقِّبَ بِهِ عَامِرُ بْنُ حَارِثَةَ الْأَزْدِيُّ؛؛ لِأَنَّهُ فِي وَقْتِ الْقَحْطِ كَانَ يُقِيمُ مَالَهُ مَقَامَ الْقَطْرِ فَهُوَ كَالسَّمَاءِ عَطَاءً وَجُودًا، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الْغَضَبِ تَأْبَى عَنْ قَصْدِ التَّشْبِيهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ كَمَالٍ.

قُلْت: وَقَدْ أَوْرَدَ هَذَا فِي الْفَتْحِ سُؤَالًا. وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْهَدْ اسْتِعْمَالُهُ لِنَفْيِ النَّسَبِ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُرَادُ بِهِ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ التَّهَكُّمَ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا قُلْنَا فِي قَوْلِهِ لَسْت بِعَرَبِيٍّ لِمَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ لِلنَّفْيِ يُحْمَلُ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ عَلَى سَبِّهِ بِنَفْيِ الشَّجَاعَةِ وَالسَّخَاءِ لَيْسَ غَيْرُ. اهـ. قُلْت: وَاسْتِعْمَالُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي التَّهَكُّمِ سَائِغٌ لُغَةً وَشَائِعٌ عُرْفًا، كَمَا يُقَالُ فِي حَالِ الْخِصَامِ يَا ابْنَ النَّبِيِّ يَا ابْنَ الْكِرَامِ يَا كَامِلُ يَا مُؤَدَّبُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُقْصَدُ حَقِيقَتُهُ فَافْهَمْ.

[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ اسْمُهُ مَاءُ السَّمَاءِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ يُحَدُّ فِي حَالِ السِّبَابِ. بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. قُلْت: لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ مَشْهُورًا بِالْكَرَمِ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَهُوَ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، وَلَا خُصُوصِيَّةَ أَيْضًا لِهَذَا الِاسْمِ بَلْ مِثْلُهُ كُلُّ اسْمٍ مَشْهُورٍ بِصِفَةٍ جَمِيلَةٍ أَوْ قَبِيحَةٍ، فَابْنُ مَاءِ السَّمَاءِ وَالنَّبَطِيُّ مِثَالَانِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ يَا نَبَطِيُّ) النَّبَطُ: جِيلٌ مِنْ النَّاسِ كَانُوا يَنْزِلُونَ سَوَادَ الْعِرَاقِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي أَخْلَاطِ النَّاسِ وَعَوَامِّهِمْ وَالْجَمْعُ أَنْبَاطٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ الْوَاحِدُ نَبَاطِيٌّ بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّهَا وَبِزِيَادَةِ الْأَلْفِ مِصْبَاحٌ.

[تَنْبِيهٌ] فِي الْبَحْرِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ سَوَاءٌ كَانَ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ أَوْ الرِّضَا (قَوْلُهُ فِي النَّهْرِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَزَّرَ بِهِ: أَيْ بِقَوْلِهِ يَا نَبَطِيُّ؛ لِأَنَّ النِّسْبَةَ إلَى الْأَخْلَاقِ الدَّنِيئَةِ تُجْعَلُ شَتْمًا فِي الْغَضَبِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْمَبْسُوطِ: لَوْ قَالَ لِهَاشِمِيٍّ لَسْت بِهَاشِمِيٍّ عُزِّرَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ نَسَبَهُ لِغَيْرِ قَبِيلَتِهِ أَوْ نَفَاهُ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي النَّهْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ أَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ يَا حَمَلَ الزِّنَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُحَرَّكُ الْمِيمِ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ: وَهُوَ وَلَدُ الضَّأْنِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَالسَّخْلَةُ تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِ الضَّأْنِ سَاعَةَ تُولَدُ وَالْجَمْعُ سِخَالٌ وَتُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى سَخْلٍ مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ قَذْفٌ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تُنْبِئُ عَنْ الْوِلَادَةِ فَكَانَتْ بِمَعْنَى يَا وَلَدَ الزِّنَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ يَا كَبْشَ الزِّنَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْبِئُ عَنْ ذَلِكَ أَوْ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى سَيِّدِ الْقَوْمِ وَقَائِدِهِمْ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ يَا حَرَامُ زَادَهُ) ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْوَطْءِ الْحَرَامِ فَيَعُمُّ حَالَةَ الْحَيْضِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>