قُنْيَةٌ؛ وَفِيهَا: لَوْ جَحَدَ أَبُوهُ نَسَبَهُ فَلَا حَدَّ
(وَلَا) حَدَّ (بِقَوْلِهِ لِامْرَأَةٍ زَنَيْت بِبَعِيرٍ أَوْ بِثَوْرٍ أَوْ بِحِمَارٍ أَوْ بِفَرَسٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا شَرْعًا (بِخِلَافِ زَنَيْت بِبَقَرَةٍ أَوْ بِشَاةٍ) أَوْ بِنَاقَةٍ أَوْ بِحَمَارَةٍ (أَوْ بِثَوْبٍ أَوْ بِدَرَاهِمَ) فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلْإِيلَاجِ فَيُرَادُ زَنَيْت وَأَخَذْت الْبَدَلَ، وَلَوْ قِيلَ هَذَا لِرَجُلٍ فَلَا حَدَّ لِعَدَمِ الْعُرْفِ بِأَخْذِهِ لِلْمَالِ
(وَ) إنَّمَا (يَطْلُبُهُ بِقَذْفِ الْمَيِّتِ مَنْ يَقَعُ الْقَدْحُ فِي نَسَبِهِ) بِسَبَبِ (قَذْفِهِ) أَيْ الْمَيِّتَ (وَهُمْ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ وَإِنْ عَلَوْا أَوْ سَفَلُوا؛ وَلَوْ كَانَ الطَّالِبُ) مَحْجُوبًا أَوْ (مَحْرُومًا مِنْ الْمِيرَاثِ) بِقَتْلٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ كُفْرٍ (أَوْ وَلَدَ بِنْتٍ) وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ أَوْ عَفْوِهِ أَوْ تَصْدِيقِهِ
ــ
[رد المحتار]
الشَّارِحُ مَعَ دَفْعِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ (قَوْلُهُ وَفِيهَا) أَيْ فِي الْقُنْيَةِ (قَوْلُهُ فَلَا حَدَّ) أَيْ عَلَى قَاذِفِ الْوَلَدِ بِقَوْلِهِ يَا وَلَدَ الزِّنَا
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا) ؛ لِأَنَّ الزِّنَا إدْخَالُ رَجُلٍ ذَكَرَهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَيُرَادُ زَنَيْتِ وَأَخَذْتِ الْبَدَلَ) أَيْ بِلَا اسْتِئْجَارٍ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَإِنْ قِيلَ بَلْ مَعْنَاهُ زَنَيْت بِدِرْهَمٍ اُسْتُؤْجِرَتْ عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُحَدَّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: قُلْنَا: هَذَا مُحْتَمَلٌ أَيْضًا فَيَتَقَابَلُ الْمُحْتَمَلَانِ وَيَبْقَى قَوْلُهُ زَنَيْت (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْعُرْفِ بِأَخْذِهِ لِلْمَالِ) هَكَذَا عَلَّلَ فِي الْفَتْحِ وَالنَّهْرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْآخِذَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الدَّافِعَ بَلْ هُوَ الْأَظْهَرُ بِقَرِينَةِ الْعُرْفِ، وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ يَدْفَعُ الْمَالَ بِمُقَابَلَةِ الزِّنَا، نَعَمْ قَدْ يَأْخُذُ عَلَى اللِّوَاطَةُ بِهِ بَدَلًا، لَكِنْ الْكَلَامُ فِي الزِّنَا، وَاللُّوَاطَةُ غَيْرُهُ فَتَأَمَّلْ، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا مَا فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ زَنَيْت بِبَعِيرٍ أَوْ بِنَاقَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَهُ إلَى إتْيَانِ الْبَهِيمَةِ، فَإِنْ قَالَ بِأَمَةٍ أَوْ دَارٍ أَوْ ثَوْبٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَطْلُبُهُ) أَيْ الْحَدَّ (قَوْلُهُ بِسَبَبِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْقَدْحِ (قَوْلُهُ وَهُمْ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ) شَمِلَ الْأُصُولُ الْجَدَّ، وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ جَدُّك زَانٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُدْرَى أَيُّ جَدٍّ هُوَ. وَفِي الْفَتْحِ؛ لِأَنَّ فِي أَجْدَادِهِ مَنْ هُوَ كَافِرٌ فَلَا يَكُونُ قَاذِفًا مَا لَمْ يُعَيِّنْ مُسْلِمًا بِخِلَافِ أَنْتَ ابْنُ ابْنِ الزَّانِي؛ لِأَنَّهُ قَذْفٌ لِجَدِّهِ الْأَدْنَى وَشَمِلَ أَيْضًا الْأُمَّ فَتُطَالِبُ بِقَذْفِ وَلَدِهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأُصُولِ أَبُو الْأُمِّ وَأُمُّ الْأُمِّ، وَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ ذِكْرِهِ أَبَا الْأَبِ بَدَلَ أَبِي الْأُمِّ سَبْقُ قَلَمٍ فَإِنَّ الْمَوْجُودَ فِي الْخَانِيَّةِ أَبُو الْأُمِّ.
وَخَرَجَ الْأَخُ وَالْعَمُّ وَالْعَمَّةُ وَالْمَوْلَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، أَفَادَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي الْبَحْرِ. قُلْت: وَالْمُرَادُ بِالْأَخِ وَالْعَمِّ أَخُو الْمَيِّتِ وَعَمُّهُ (قَوْلُهُ مَحْجُوبًا) كَالْجَدِّ أَوْ ابْنِ الِابْنِ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ أَوْ الِابْنِ ط (قَوْلُهُ أَوْ رِقٍّ أَوْ كُفْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إحْصَانُ الطَّالِبِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَوْ وَلَدَ بِنْتٍ) فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِقَذْفِ جَدِّهِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ خِلَافُهُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الشَّيْنَ يَلْحَقُهُ إذْ النَّسَبُ ثَابِتٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ بَحْرٌ أَيْ طَرَفِ الْأَبِ وَطَرَفِ الْأُمِّ. قُلْت: وَيُشْكِلُ اسْتِثْنَاءُ أَبِي الْأُمِّ وَأُمِّ الْأُمِّ مِنْ الْأُصُولِ كَمَا مَرَّ، فَلَيْسَ لَهُمَا الطَّلَبُ بِقَذْفِ وَلَدِ الْبِنْتِ وَهُنَا أَثْبَتُوا لِابْنِ الْبِنْتِ الطَّلَبَ بِقَذْفِ أَحَدِهِمَا. وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْإِشْكَالِ بِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمَارِّ مَبْنِيًّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.
مَطْلَبٌ فِي الشَّرَفِ مِنْ الْأُمِّ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالنَّسَبِ الْجُزْئِيَّةُ فَإِنَّهَا مَبْنَى ثُبُوتِ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ هُنَا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَإِلَّا فَالنَّسَبُ لِلْأَبِ فَقَطْ فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ابْنَ الشَّرِيفَةِ شَرِيفٌ، وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا إنَّ الشَّرَفَ مِنْ الْأُمِّ فَقَطْ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا فِي أَوَاخِرِ فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، نَعَمْ لَهُ مَزِيَّةٌ فِي الْجُمْلَةِ. اهـ. وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَطْلُبُهُ إلَخْ، وَدَخَلَ الْمُسَاوِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute