بِقَذْفِ (مُكَاتَبٍ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ) لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي حُرِّيَّتِهِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً.
(وَحُدَّ قَاذِفٌ وَاطِئٌ عِرْسَهُ حَائِضًا وَأَمَةً مَجُوسِيَّةً وَمُكَاتَبَةً وَمُسْلِمٌ نَكَحَ مُحَرَّمَةً فِي كُفْرِهِ) لِثُبُوتِ مِلْكِهِ فِيهِنَّ، وَفِي الذَّخِيرَةِ خِلَافُهُمَا.
(وَ) حُدَّ (مُسْتَأْمَنٌ قَذَفَ مُسْلِمًا) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ إيفَاءَ حُقُوقِ الْعِبَادِ (بِخِلَافِ حَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) لِأَنَّهُمَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَحْضَةِ كَحَدِّ الْخَمْرِ. وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُحَدُّ فِي الْكُلِّ إلَّا الْخَمْرَ غَايَةٌ، لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْ الْمُنْيَةِ تَصْحِيحَ حَدِّهِ بِالسُّكْرِ أَيْضًا. وَفِي السِّرَاجِيَّةِ: إذَا اعْتَقَدُوا حُرْمَةَ الْخَمْرِ كَانُوا كَالْمُسْلِمِينَ، وَفِيهَا: لَوْ سَرَقَ الذِّمِّيُّ أَوْ زَنَى فَأَسْلَمَ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ الْمُسْلِمِينَ حُدَّ، وَإِنْ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا
(أَقَرَّ الْقَاذِفُ بِالْقَذْفِ، فَإِنْ أَقَامَ أَرْبَعَةً عَلَى زِنَاهُ) وَلَوْ فِي كُفْرِهِ لِسُقُوطِ إحْصَانِهِ كَمَا مَرَّ (أَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا) أَرْبَعًا (كَمَا مَرَّ) عِبَارَةُ الدُّرَرِ: أَوْ إقْرَارُهُ بِالزِّنَا، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِالزِّنَا، وَقَدْ حَرَّرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَا تُعْتَبَرُ أَصْلًا وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا،
ــ
[رد المحتار]
الْعَبْدُ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ زَنَيْت وَأَطْلَقَ يُحَدُّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يُحَدُّ مَعَ الْإِطْلَاقِ إذَا لَمْ يَكُنْ زِنَاهُ فِي كُفْرِهِ ثَابِتًا فَلَوْ كَانَ ثَابِتًا لَا يُحَدُّ، وَلِذَا قَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ أَثْبَتَ أَنَّهُ زَنَى فِي كُفْرِهِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ حَيْثُ جَعَلَ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ قَذْفَ مَنْ زَنَتْ فِي كُفْرِهَا، فَمُقْتَضَاهُ ثُبُوتُ الزِّنَا فِي حَالِ كُفْرِهَا. وَأَمَّا لَوْ قَالَ قَذَفْتُك وَأَنْتِ أَمَةٌ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِ زِنَاهَا لِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ) وَكَذَا لَوْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَفَاءٍ بِالْأَوْلَى لِمَوْتِهِ عَبْدًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ فِي حُرِّيَّتِهِ) أَيْ الَّتِي هِيَ شَرْطُ الْإِحْصَانِ
(قَوْلُهُ وَحُدَّ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي مُحْتَرَزِ قَوْلِهِ أَوْ فِي مِلْكِهِ الْمُحَرَّمِ أَبَدًا فَإِنَّ الْحُرْمَةَ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مُؤَقَّتَةٌ وَمِثْلُ الْحَائِضِ الْمُظَاهَرُ مِنْهَا وَالصَّائِمَةُ صَوْمَ فَرْضٍ وَمِثْلُ الْأَمَةِ الْمَجُوسِيَّةِ الْأَمَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ وَالْمُشْتَرَاةُ شِرَاءً فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ الْفَاسِدَ يُوجِبُ الْمِلْكَ، بِخِلَافِ الْمَنْكُوحَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا فَإِنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ فَلِذَا يَسْقُطُ إحْصَانُهُ بِالْوَطْءِ فِيهِ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَمُسْلِمٍ) بِالْجَرِّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَمُسْلِمًا بِالنَّصْبِ، فَالْأَوَّلُ عَطْفٌ عَلَى لَفْظِ وَاطِئٍ.
وَالثَّانِي عَلَى مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ فِيهِنَّ) أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، فَفِي بَعْضِهَا مِلْكُ نِكَاحٍ وَفِي بَعْضِهَا مِلْكُ الْيَمِينِ، وَحُرْمَةُ الْمُتْعَةِ فِيهَا لَيْسَتْ مُؤَبَّدَةً بَلْ مُؤَقَّتَةٌ كَمَا عَلِمْت فَكَانَ الْوَطْءُ فِيهَا حَرَامًا لِغَيْرِهِ لَا لِعَيْنِهِ فَلَمْ يَكُنْ زِنًا؛ لِأَنَّ الزِّنَا مَا كَانَ بِلَا مِلْكٍ (قَوْلُهُ وَفِي الذَّخِيرَةِ خِلَافُهُمَا) وَأَصْلُهُ أَنَّ تَزَوُّجَ الْمَجُوسِيِّ لَهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ عِنْدَهُ، وَحُكْمُ الْبُطْلَانِ عِنْدَهُمَا غَايَةُ الْبَيَانِ
(قَوْلُهُ مُسْتَأْمِنٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ كَمَا؛ يَأْتِي فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ إلَخْ) أَيْ وَحَدُّ الْقَذْفِ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ حَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ فَيُحَدُّ فِي الْكُلِّ) أَيْ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ غَايَةٌ) أَيْ غَايَةُ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ لَكِنْ إلَخْ) اسْتَدْرَكَ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا الْخَمْرَ فَإِنَّهُ بِإِطْلَاقِهِ شَامِلٌ لِمَا إذَا سُكِرَ مِنْهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُحَدُّ لِلزِّنَا وَالسَّرِقَةِ لَكِنْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ (قَوْلُهُ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ إلَّا الْخَمْرَ (قَوْلُهُ حُدَّ) أَيْ إذَا لَمْ يَتَقَادَمْ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْبَابِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ لَا) أَيْ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ قَامَتْ عَلَى مُسْلِمٍ فَلَمْ تُقْبَلْ
(قَوْلُهُ عَلَى زِنَاهُ) أَيْ زِنًا بِالْمَقْذُوفِ (قَوْلُهُ لِسُقُوطِ إحْصَانِهِ) لَا مَحِلَّ لِذِكْرِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ جَوَابَ الْمَسْأَلَةِ هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ حُدَّ الْمَقْذُوفُ، فَالْكَلَامُ فِي حَدِّ الْمَقْذُوفِ لَا فِي حَدِّ الْقَاذِفِ، وَقَدَّمْنَا قَرِيبًا عَنْ الْفَتْحِ أَنَّ الزِّنَا يَتَحَقَّقُ مِنْ الْكَافِرِ وَيُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الْجَلْدِ لَا الرَّجْمِ، وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِالْإِسْلَامِ، وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا عِنْدَ بَيَانِ شُرُوطِ الْإِحْصَانِ، نَعَمْ هَذَا التَّعْلِيلُ يُنَاسِبُ سُقُوطَ الْحَدِّ عَنْ الْقَاذِفِ، وَإِذَا كَانَ جَوَابُ الْمَسْأَلَةِ حَدُّ الْمَقْذُوفِ يَلْزَمُ مِنْهُ سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْ الْقَاذِفِ فَلَمْ يَكُنْ التَّعْلِيلُ خَارِجًا عَنْ الْمُنَاسَبَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، كَيْفَ وَالْبَابُ مَعْقُودٌ لِحَدِّ الْقَاذِفِ دُونَ الْمَقْذُوفِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ نَظِيرِ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ فِي أَرْبَعَةِ مَجَالِسَ (قَوْلُهُ وَقَدْ حَرَّرَ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) أَيْ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا وَذَكَرَ مِثْلَهُ هُنَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبَدَائِعِ.