للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ وُجِدَ غَيْرُهُ وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ أَصْلًا كَأَكْلِهِ لِفَقِيرٍ.

(وَ) سُؤْرُ (حِمَارٍ) أَهْلِيٍّ وَلَوْ ذَكَرًا فِي الْأَصَحِّ (وَبَغْلٍ) أُمُّهُ حِمَارَةٌ؛ فَلَوْ فَرَسًا أَوْ بَقَرَةً فَطَاهِرٌ كَمُتَوَلِّدٍ مِنْ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ وَبَقَرَةٍ، وَلَا عِبْرَةَ بِغَلَبَةِ الشَّبَهِ

ــ

[رد المحتار]

كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَحَامَى النَّجَاسَةَ، وَكَذَا فِي سِبَاعِ الطَّيْرِ وَسَوَاكِنِ الْبُيُوتِ. اهـ (قَوْلُهُ كَأَكْلِهِ لِفَقِيرٍ) أَيْ أَكْلِ سُؤْرِهَا: أَيْ مَوْضِعِ فَمِهَا، وَمَا سَقَطَ مِنْهُ مِنْ الْخُبْزِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْجَامِدَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ لُعَابِهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَكْلَ مَا بَقِيَ أَيْ مِمَّا لَمْ يُخَالِطْهُ لُعَابُهَا بِخِلَافِ الْمَائِعِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْحِلْيَةِ.

وَأَفَادَ الشَّارِحُ كَرَاهَتَهُ لِغَنِيٍّ؛ لِأَنَّهُ يَجِدُ غَيْرَهُ، وَهَذَا عِنْدَ تَوَهُّمِ نَجَاسَةِ فَمِهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ قَرِيبًا. [فَرْعٌ] تُكْرَهُ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِ مَا سُؤْرُهُ مَكْرُوهٌ كَالْهِرَّةِ. اهـ بَحْرٌ عَنْ التَّوْشِيحِ. قُلْت: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالتَّوَهُّمِ أَيْضًا كَمَا عَلِمْته مِمَّا مَرَّ، وَيَظْهَرُ مِنْهُ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ بِثَوْبٍ أَصَابَهُ السُّؤْرُ الْمَكْرُوهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحِلْيَةِ.

مَطْلَبٌ: سِتٌّ تُوَرِّثُ النِّسْيَانَ [نُكْتَةٌ] قِيلَ سِتٌّ تُوَرِّثُ النِّسْيَانَ: سُؤْرُ الْفَأْرَةِ، وَإِلْقَاءُ الْقَمْلَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ، وَالْبَوْلُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ، وَقَطْعُ الْقِطَارِ، وَمَضْغُ الْعِلْكِ، وَأَكْلُ التُّفَّاحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَهُ حَدِيثًا، لَكِنْ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ إنَّهُ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ بَحْرٌ وَحِلْيَةٌ، وَإِطْلَاقُ التُّفَّاحِ هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي كُتُبِ الطِّبِّ مِنْ أَنَّهُ أَكْلُهُ مُوَرِّثٌ لِلنِّسْيَانِ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْحَدِيثَ مُقَيِّدًا التُّفَّاحَ بِالْحَامِضِ.

[تَتِمَّةٌ] زَادَ بَعْضُهُمْ: مِمَّا يُوَرِّثُ النِّسْيَانَ أَشْيَاءُ: مِنْهَا الْعِصْيَانُ، وَالْهُمُومُ وَالْأَحْزَانُ بِسَبَبِ الدُّنْيَا، وَكَثْرَةُ الِاشْتِغَالِ بِهَا، وَأَكْلُ الْكُزْبَرَةِ الرَّطْبَةِ، وَالنَّظَرُ إلَى الْمَصْلُوبِ، وَالْحَجْمُ فِي نُقْرَةِ الْقَفَا، وَاللَّحْمُ الْمِلْحُ، وَالْخُبْزُ الْحَامِي، وَالْأَكْلُ مِنْ الْقِدْرِ وَكَثْرَةُ الْمَزْحِ، وَالضَّحِكُ بَيْنَ الْمَقَابِرِ، وَالْوُضُوءُ فِي مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ، وَتَوَسُّدُ السَّرَاوِيلِ أَوْ الْعِمَامَةِ، وَنَظَرُ الْجُنُبِ إلَى السَّمَاءِ وَكَنْسُ الْبَيْتِ بِالْخِرَقِ، وَمَسْحُ وَجْهِهِ أَوْ يَدَيْهِ بِذَيْلِهِ، وَنَفْضُ الثَّوْبِ فِي الْمَسْجِدِ، وَدُخُولُهُ بِالْيُسْرَى وَخُرُوجُهُ بِالْيُمْنَى، وَاللَّعِبُ بِالْمَذَاكِيرِ أَوْ الذَّكَرِ حَتَّى يُنْزِلَ، وَالنَّظَرُ إلَيْهِ، وَالْبَوْلُ فِي الطَّرِيقِ أَوْ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ أَوْ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ أَوْ فِي الرَّمَادِ، وَالنَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ أَوْ فِي مِرْآةِ الْحَجَّامِ، وَالِامْتِشَاطُ بِالْمُشْطِ الْمَكْسُورِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَلِسَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ فِيهَا رِسَالَةٌ

(قَوْلُهُ أَهْلِيٍّ) أَمَّا الْوَحْشِيُّ فَمَأْكُولٌ فَلَا شَكَّ فِي سُؤْرِهِ وَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) قَالَهُ قَاضِي خَانْ، وَمُقَابِلُهُ الْقَوْلُ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُ فَمَهُ بِشَمِّ الْبَوْلِ. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَوْهُومٌ لَا يَغْلِبُ وُجُودُهُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي إزَالَةِ الثَّابِتِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أُمُّهُ حِمَارَةٌ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْحِمَارَةُ بِالْهَاءِ الْأَتَانُ فَافْهَمْ، وَهَذَا الْقَيْدُ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ السُّرُوجِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ.

قَالَ: إذَا نَزَا الْحِمَارُ عَلَى الرَّمَكَةِ أَيْ الْفَرَسِ لَا يُكْرَهُ لَحْمُ الْبَغْلِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَهُمَا، فَعَلَى هَذَا لَا يَصِيرُ سُؤْرُهُ مَشْكُوكًا فِيهِ. اهـ وَالْمُرَادُ لَا يُكْرَهُ لَحْمُهُ عِنْدَهُمَا إلْحَاقًا لَهُ بِالْفَرَسِ، وَعِنْدَهُ يُكْرَهُ كَالْفَرَسِ، إلَّا أَنَّ سُؤْرَهُ لَا يَكُونُ مَشْكُوكًا اتِّفَاقًا كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي سُؤْرِ الْفَرَسِ، وَكَذَا الْبَغْلُ الَّذِي أُمُّهُ بَقَرَةٌ يَحِلُّ لَحْمُهُ اتِّفَاقًا وَلَا يَكُونُ سُؤْرُهُ مَشْكُوكًا لَكِنْ يُنَافِي هَذَا قَوْلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْبَغْلُ مِنْ نَسْلِ الْحِمَارِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ اعْتِبَارَ الْأَبِ إلَّا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَيَوَانَاتِ الْإِلْحَاقُ بِالْأُمِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ شَرْحُ الْمُنْيَةِ وَنَحْوُهُ فِي النَّهْرِ.

قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: قُلْت: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَا فِي الْهِدَايَةِ مُخَرَّجٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ خَاصَّةً فِيمَا إذَا كَانَ أَبُوهُ حِمَارًا وَأُمُّهُ فَرَسًا، تَغْلِيبًا لِجَانِبِ التَّحْرِيمِ عَلَى الْإِبَاحَةِ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ فَطَاهِرٌ) الْأَوْلَى قَوْلُ ابْنِ مَلَكٍ عَنْ الْغَايَةِ فَطَهُورٌ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ. اهـ (قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِغَلَبَةِ الشَّبَهِ) رَدٌّ عَلَى مَا قَالَهُ مِسْكِينٌ مِنْ أَنَّ التَّبَعِيَّةَ لِلْأُمِّ مَحَلُّهَا مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ شَبَهُهُ بِالْأَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>