للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا مُبْتَدَعِي يَا يَهُودِيُّ يَا نَصْرَانِيُّ يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ نَهْرٌ (يَا لِصُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِصًّا) لِصِدْقِ الْقَائِلِ كَمَا مَرَّ، وَالنِّدَاءُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، إذْ الْإِخْبَارُ كَأَنْتَ أَوْ فُلَانٌ فَاسِقٌ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الدَّعْوَى قُنْيَةٌ (يَا دَيُّوثُ) هُوَ مَنْ لَا يَغَارُ عَلَى امْرَأَتِهِ أَوْ مَحْرَمِهِ (يَا قَرْطَبَانِ) مُرَادِفُ دَيُّوثٍ بِمَعْنَى مُعَرِّصٍ (يَا شَارِبَ الْخَمْرِ، يَا آكِلَ الرِّبَا، يَا ابْنَ الْقَحْبَةِ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ إذَا شَتَمَ أَصْلَهُ عُزِّرَ بِطَلَبِ الْوَلَدِ كَيَا ابْنَ الْفَاسِقِ يَا ابْنَ الْكَافِرِ، وَأَنَّهُ يُعَزَّرُ بِقَوْلِهِ يَا قَحْبَةُ. لَا يُقَالُ: الْقَحْبَةُ عُرْفًا أَفْحَشُ مِنْ الزَّانِيَةِ لِكَوْنِهَا تُجَاهِرُ بِهِ بِالْأُجْرَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: لِذَلِكَ الْمَعْنَى لَمْ يُحَدَّ، فَإِنَّ

ــ

[رد المحتار]

بِمَنْزِلَةِ يَا كَافِرُ أَوْ يَا مُبْتَدِعُ فَيُعَزَّرُ؛ لِأَنَّ الرَّافِضِيَّ كَافِرٌ إنْ كَانَ يَسُبُّ الشَّيْخَيْنِ مُبْتَدِعٌ إنْ فَضَّلَ عَلِيًّا عَلَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ سَبٍّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. اهـ.

قُلْت: وَفِي كُفْرِ الرَّافِضِيِّ بِمُجَرَّدِ السَّبِّ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ الْمُرْتَدِّ، نَعَمْ لَوْ كَانَ يَقْذِفُ السَّيِّدَةَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ (قَوْلُهُ يَا مُبْتَدِعِيُّ) أَهْلُ الْبِدْعَةِ: كُلُّ مَنْ قَالَ قَوْلًا خَالَفَ فِيهِ اعْتِقَادَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ يَا لِصُّ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَتُضَمُّ دُرٌّ مُنْتَقَى (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِصًّا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لِئَلَّا يُوهِمَ اخْتِصَاصَهُ بِاللِّصِّ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكُلِّ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ وَقَالَ إنَّهُ لَا تَصْرِيحَ بِهِ. اهـ. قُلْت: وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي الْفَتْحِ: وَقَيَّدَ النَّاطِفِيُّ بِمَا إذَا قَالَهُ لِرَجُلٍ صَالِحٍ، أَمَّا لَوْ قَالَ لِفَاسِقٍ أَوْ لِلِصٍّ يَا لِصُّ أَوْ لِفَاجِرٍ يَا فَاجِرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالتَّعْلِيلُ يُفِيدُ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُنَا إنَّهُ آذَاهُ بِمَا أَلْحَقَ بِهِ مِنْ الشَّيْنِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَنْ لَمْ يَعْلَمْ اتِّصَافَهُ بِهَذِهِ؛ أَمَّا مَنْ عَلِمَ فَإِنَّ الشَّيْنَ قَدْ أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ قَبْلَ قَوْلِ الْقَائِلِ اهـ كَلَامُ الْفَتْحِ.

قُلْت: وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا وَكَذَا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْفِسْقِ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُجَاهِرُ الْمُشْتَهِرُ بِذَلِكَ فَلَا يُعَزَّرُ شَاتِمُهُ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ اغْتَابَهُ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إيذَاءَهُ بِمَا لَمْ يُعْلَمْ اتِّصَافُهُ بِهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعَزَّرُ بِالْغِيبَةِ وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا بِوَصْفِهِ بِمَا فِيهِ وَإِلَّا كَانَتْ بُهْتَانًا، فَإِذَا عُزِّرَ بِوَصْفِهِ بِمَا فِيهِ مِمَّا لَمْ يَتَجَاهَرْ بِهِ فَفِي شَتْمِهِ بِهِ فِي وَجْهِهِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ فِي الْإِيذَاءِ وَالْإِهَانَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ يَا فَاسِقُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الدَّعْوَى) قَيْدٌ لِلُزُومِ التَّعْزِيرِ بِالْإِخْبَارِ عَنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ فُلَانًا فَعَلَ كَذَا مِمَّا هُوَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يُعَزَّرُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ السَّبِّ وَالِانْتِقَاصِ، بَلْ يُعَزَّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ عَنْ كَفَالَةِ النَّهْرِ أَنَّ كُلَّ تَعْزِيرٍ لِلَّهِ تَعَالَى يَكْفِي فِيهِ خَبَرُ الْعَدْلِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ سَرِقَةً أَوْ مَا يُوجِبُ كُفْرًا وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ، بِخِلَافِ دَعْوَى الزِّنَا كَمَا يَأْتِي، وَالْفَرْقُ وُجُودُ النَّصِّ عَلَى حَدِّهِ لِلْقَذْفِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةٍ مِنْ الشُّهَدَاءِ (قَوْلُهُ يَا دَيُّوثُ) بِتَثْلِيثِ الدَّالِ ط، وَمِثْلُهُ الْقَوَّادُ فِي عُرْفِ مِصْرَ وَالشَّامِ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ يَا قَرْطَبَانُ) مُعَرَّبُ قَلْتَبَانَ دُرَرٌ، وَمِثْلُهُ يَا كَشْخَانُ وَهُوَ الْحَقُّ، خِلَافًا لِمَا فِي الْكَنْزِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَعْزِيرَ فِيهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ بِالْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ مُرَادِفُ دَيُّوثٍ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: هُوَ الَّذِي يَرَى مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ مَحْرَمِهِ رَجُلًا فَيَدَعُهُ خَالِيًا بِهَا. وَقِيلَ هُوَ الْمُتَسَبِّبُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِمَعْنًى غَيْرِ مَمْدُوحٍ، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يَبْعَثُ امْرَأَتَهُ مَعَ غُلَامٍ بَالِغٍ، أَوْ مَعَ مُزَارِعِهِ إلَى الضَّيْعَةِ، أَوْ يَأْذَنُ لَهُمَا بِالدُّخُولِ عَلَيْهَا فِي غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى مُعَرِّصٍ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُعَرِّسٌ بِالسِّينِ. قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَمَا مَرَّ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ: وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِالْمُعَرِّسِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْعَوَامُّ يَلْحَنُونَ فِيهِ فَيَفْتَحُونَ الرَّاءَ وَيَأْتُونَ بِالصَّادِ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ (قَوْلُهُ عُزِّرَ بِطَلَبِ الْوَلَدِ) ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالشَّتْمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الطَّلَبَ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ حَيًّا، بِخِلَافِ قَوْلِهِ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَأَنَّهُ يُعَزَّرُ أَيْضًا بِطَلَبِ الْأَصْلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ يُعَزَّرُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ إذَا شَتَمَ: أَيْ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءً أَيْضًا إلَى أَنَّ مُوجَبَهُ التَّعْزِيرُ لَا الْحَدُّ (قَوْلُهُ لَا يُقَالُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُوجِبَ الْحَدَّ لَا التَّعْزِيرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>