وَلَوْ) دَيْنُهُ (مُؤَجَّلًا أَوْ زَائِدًا عَلَيْهِ) أَوْ أَجْوَدَ لِصَيْرُورَتِهِ شَرِيكًا (إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَلَوْ حُكْمًا) بِأَنْ كَانَ لَهُ دَرَاهِمُ فَسَرَقَ دَنَانِيرَ وَبِعَكْسِهِ هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ النَّقْدَيْنِ جِنْسٌ وَاحِدٌ حُكْمًا خِلَافَ الْعَرْضِ وَمِنْهُ الْحُلِيُّ، فَيُقْطَعُ بِهِ مَا لَمْ يَقُلْ أَخَذْته رَهْنًا أَوْ قَضَاءً. وَأَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ أَخْذَ خِلَافِ الْجِنْسِ لِلْمُجَانَسَةِ فِي الْمَالِيَّةِ. قَالَ فِي الْمُجْتَبَى وَهُوَ أَوْسَعُ فَيُعْمَلُ بِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ
(بِخِلَافِ سَرِقَتِهِ مِنْ غَرِيمِ أَبِيهِ أَوْ غَرِيمِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَوْ غَرِيمِ مُكَاتَبِهِ أَوْ غَرِيمِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ) فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ لِغَيْرِهِ. (وَلَوْ سَرَقَ مِنْ غَرِيمِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا كَسَرِقَةِ شَيْءٍ قُطِعَ فِيهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ)
ــ
[رد المحتار]
الْإِعْطَاءُ الْآنَ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَدْيُونِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ مُمَاطِلًا أَوْ لَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَوْ زَائِدًا عَلَيْهِ أَوْ أَجْوَدَ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي زَائِدًا وَأَجْوَدَ عَائِدٌ عَلَى الدَّيْنِ، وَفِي عَلَيْهِ عَلَى الْمَسْرُوقِ، فَالْمُنَاسِبُ لِلتَّعْمِيمِ أَنْ يُقَالَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأَ فَيُعْلَمَ حُكْمُ الزَّائِدِ وَالْأَجْوَدِ بِالْأَوْلَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ شَرِيكًا فِي ذَلِكَ الْمَالِ بِمِقْدَارِ حَقِّهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَعَلَى قِيَاسِهِ يُقَالُ فِيمَا لَوْ سَرَقَ الْأَجْوَدَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّقْدَيْنِ جِنْسٌ وَاحِدٌ حُكْمًا) وَلِهَذَا كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِهَا دَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْمَطْلُوبِ بَحْرٌ. قُلْت: وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْحَجْرِ. وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَخْذُ الدَّرَاهِمِ بَدَلَ الدَّنَانِيرِ بِلَا إذْنِ الْمَدْيُونِ وَلَا فِعْلِ حَاكِمٍ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الْمُسَاوَمَةِ بِأَنَّ لَهُ الْأَخْذَ وَكَذَا فِي حَظْرِ الْمُجْتَبَى، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ، فَإِذَا ظَفِرَ بِمَالِ مَدْيُونِهِ لَهُ الْأَخْذُ دِيَانَةً بَلْ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَمِنْهُ الْحُلِيُّ) أَيْ بِسَبَبِ مَا فِيهِ مِنْ الصِّيَاغَةِ الْتَحَقَ بِالْعَرْضِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا أَوْ قَضَاءً لِدَيْنِهِ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ فَكَأَنَّهُ ادَّعَى أَخْذَهُ بِإِذْنِهِ فَلَا يُقْطَعُ. وَفِي الْفَتْحِ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُقْطَعُ بِالْعُرُوضِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْأَخْذَ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ. قُلْنَا: هَذَا قَوْلٌ لَا يَسْتَنِدُ إلَى دَلِيلٍ ظَاهِرٍ فَلَا يَصِيرُ شُبْهَةً دَارِئَةً إلَّا إنْ ادَّعَى الرَّهْنَ أَوْ الْقَضَاءَ.
مَطْلَبٌ يُعْذَرُ بِالْعَمَلِ بِمَذْهَبِ الْغَيْرِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ أَخْذَ خِلَافِ الْجِنْسِ) أَيْ مِنْ النُّقُودِ أَوْ الْعُرُوضِ؛ لِأَنَّ النُّقُودَ يَجُوزُ أَخْذُهَا عِنْدَنَا عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ عِنْدَ الْمُجَانَسَةِ فِي الْمَالِيَّةِ، وَهَذَا أَوْسَعُ فَيَجُوزُ الْأَخْذُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْهَبَنَا، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يُعْذَرُ فِي الْعَمَلِ بِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ. اهـ. قُلْت: وَهَذَا مَا قَالُوا إنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ، لَكِنْ رَأَيْت فِي شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ لِلْمَقْدِسِيِّ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ. قَالَ: وَنَقَلَ جَدُّ وَالِدِي لِأُمِّهِ الْجَمَالُ الْأَشْقَرُ فِي شَرْحِهِ لِلْقُدُورِيِّ أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الْأَخْذِ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ كَانَ فِي زَمَانِهِمْ لِمُطَاوَعَتِهِمْ فِي الْحُقُوقِ. وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ لَا سِيَّمَا فِي دِيَارِنَا لِمُدَاوَمَتِهِمْ لِلْعُقُوقِ:
عَفَاءٌ عَلَى هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّهُ ... زَمَانُ عُقُوقٍ لَا زَمَانُ حُقُوقِ
وَكُلُّ رَفِيقٍ فِيهِ غَيْرُ مُرَافِقٍ ... وَكُلُّ صَدِيقٍ فِيهِ غَيْرُ صَدُوقِ
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَرِقَتِهِ مِنْ غَرِيمِ أَبِيهِ) سَقَطَ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ لَفْظُ غَرِيمٍ وَهُوَ خَطَأٌ (قَوْلُهُ لَا) أَيْ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ أَخْذِ دَيْنِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ. بَقِيَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ لِسُوءِ اخْتِيَارِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ رَقِيقًا. وَاسْتَظْهَرَ ط أَنَّهُ كَذَلِكَ وَيَظْهَرُ لِي خِلَافُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَسَرِقَةِ شَيْءٍ إلَخْ) أَيْ إذَا سَرَقَ شَيْئًا فَقُطِعَ فِيهِ فَرَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ ثُمَّ سَرَقَهُ ثَانِيًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute