للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمَّا لَوْ تَبَدَّلَ الْعَيْنُ أَوْ السَّبَبُ كَالْبَيْعِ قُطِعَ عَلَى مَا فِي الْمُجْتَبَى (أَوْ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَا بِرَضَاعٍ) فَلَوْ مَحْرَمِيَّتُهُ بِرَضَاعٍ قُطِعَ كَابْنِ عَمٍّ هُوَ أَخٌ رَضَاعًا فَإِنَّهُ رَحِمٌ نَسَبًا مَحْرَمٌ رَضَاعًا عَيْنِيٌّ فَسَقَطَ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ. (وَلَوْ) الْمَسْرُوقُ (مَالَ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ ذِي الرَّحِمِ (بِخِلَافِ مَالِهِ إذَا سَرَقَ مِنْ بَيْتِ غَيْرِهِ) فَإِنَّهُ يُقْطَعُ اعْتِبَارًا لِلْحِرْزِ وَعَدَمِهِ

ــ

[رد المحتار]

وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَسْرُوقُ عَنْ الْحَالَةِ الْأُولَى لَا يُقْطَعُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُقْطَعُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَبَيَانُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ تَبَدَّلَ الْعَيْنُ) كَمَا لَوْ كَانَ غَزْلًا فَسَرَقَهُ فَقُطِعَ فِيهِ فَرَدَّهُ ثُمَّ نُسِجَ فَسَرَقَهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَعَلَى هَذَا الصُّوفُ وَالْقُطْنُ وَالْكَتَّانُ. وَكُلُّ عَيْنٍ أَحْدَثَ الْمَالِكُ فِيهِ صُنْعًا بَعْدَ الْقَطْعِ لَوْ أَحْدَثَهُ الْغَاصِبُ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ) أَيْ لَوْ بَاعَهُ الْمَالِكُ مِنْ السَّارِقِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَسَرَقَهُ يُقْطَعُ ثَانِيًا عِنْدَ مَشَايِخِ بُخَارَى وَقَالَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ: لَا يُقْطَعُ وَظَاهِرُ الْفَتْحِ اعْتِمَادُ الثَّانِي، وَذَكَرَ فِي النَّهْرِ مَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِي الْمُجْتَبَى) أَشَارَ بِهِ إلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ، وَهَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ فِي الْمُجْتَبَى جَازِمًا بِهِ بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ) تَرْجَمَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ لِهَذِهِ الْمَسَائِلِ بِقَوْلِهِ: فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ، وَهُوَ كَمَا فِي النَّهْرِ لُغَةً: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحْرَزُ فِيهِ شَيْءٌ. وَشَرْعًا مَا يُحْفَظُ فِيهِ الْمَالُ عَادَةً كَالدَّارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَابٌ أَوْ كَانَ وَهُوَ مَفْتُوحٌ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لِقَصْدِ الْإِحْرَازِ وَكَالْحَانُوتِ وَالْخَيْمَةِ وَالشَّخْصِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ؛ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَابٌ إلَخْ فِيهِ كَلَامٌ نَذْكُرُهُ عِنْدَ مَسْأَلَةِ الْفَشَّاشِ (قَوْلُهُ فَسَقَطَ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ) حَيْثُ قَالَ وَقَوْلُهُ لَا بِرَضَاعٍ لَا حَاجَةَ إلَى إخْرَاجِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ. وَرَدَّهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ هَذَا ظَنٌّ مِنْهُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّحِمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْرَمِ اهـ ح.

قُلْت: لَا يُظَنُّ بِالزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ ظَنَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّحِمَ وَهُوَ الْقَرَابَةُ النَّسَبِيَّةُ لَا تَكُونُ بِالرَّضَاعِ أَصْلًا حَتَّى يُظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ لَا بِرَضَاعٍ تَقْيِيدٌ لَهُ بَلْ مَبْنَى كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْرَمِ مَا تَكُونُ مَحْرَمِيَّتُهُ مِنْ النَّسَبِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ، وَكَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، فَقَوْلُهُ مِنْهُ: أَيْ مِنْ الرَّحِمِ تَصْرِيحٌ بِالْمُرَادِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ ابْنُ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ رَضَاعًا؛ لِأَنَّهُ مَحْرَمٌ مِنْ الرَّضَاعِ لَا مِنْ الرَّحِمِ. ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْكَنْزِ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الزَّيْلَعِيُّ بِلَفْظٍ مِنْهُ كَعِبَارَةِ الْهِدَايَةِ، فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَا، وَسَقَطَ مَا سِوَاهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَالِهِ إذَا سَرَقَ مِنْ بَيْتِ غَيْرِهِ) أَيْ إذَا سَرَقَ مَالَ رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ مِنْ بَيْتِ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِوُجُودِ الْحِرْزِ. وَفِي الْفَتْحِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ لِمَا فِي الْقَطْعِ مِنْ الْقَطِيعَةِ. وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْقَطْعَ حَقُّ الشَّرْعِ لَا حَقُّهُ فَلَا يَكُونُ قَطِيعَةً. وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ، بِأَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ يُقْطَعُ وَلَا يَلْزَمُ الْقَطِيعَةُ لِمَا ذُكِرَ. قُلْت: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِالْقَطْعِ فِيهِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَهُوَ عَدَمُ الْحِرْزِ، بِخِلَافِ بَيْتِ الْأَجْنَبِيِّ وَنَعَمْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ قَرَابَةِ الْوِلَادِ، فَلَا يُقْطَعُ فِي الْوِلَادِ لِلشُّبْهَةِ فِي مَالِهِ عَلَى مَا مَرَّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا لِلْحِرْزِ وَعَدَمِهِ) أَيْ قُطِعَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ اعْتِبَارًا لِلْحِرْزِ وَلَمْ يُقْطَعْ فِيمَا قَبْلَهَا اعْتِبَارًا لِعَدَمِهِ، فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ. وَعَنْ هَذَا قَالَ الْبُرْجَنْدِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا دَخْلَ لِلْقَرَابَةِ، بَلْ الْمُعْتَبَرُ الْحِرْزُ؛ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ بِلَا مَانِعٍ وَلَا حِشْمَةٍ لَا يُقْطَعُ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَوْ لَا. قَالَ الْحَمَوِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الصَّدِيقَيْنِ يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا بَيْتَ الْآخَرِ بِلَا مَانِعٍ وَلَا حِشْمَةٍ مَعَ أَنَّهُ يُقْطَعُ، فَظَهَرَ أَنَّ لِلْقَرَابَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ مَدْخَلًا.

وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ أَبُو السُّعُودِ بِأَنَّ هَذَا فِيمَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ بِدُخُولِهِ، حَتَّى لَوْ سَرَقَ مِنْ مَحَلٍّ جَرَتْ عَادَتُهُ بِدُخُولِهِ لَمْ يُقْطَعْ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>