للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُخَاصَمَتِهِ، وَ) كَذَا (لَوْ قَالَ سَرَقْت هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَلَا أَدْرِي لِمَنْ هِيَ أَوْ لَا أُخْبِرُك مَنْ صَاحِبُهَا لَا قَطْعَ) لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ جَهَالَتِهِ عَدَمُ طَلَبِهِ (وَ) كُلُّ (مَنْ لَهُ يَدٌ صَحِيحَةٌ مَلَكَ الْخُصُومَةَ) ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (كَمُودَعٍ وَغَاصِبٍ) وَمُرْتَهِنٍ وَمُتَوَلٍّ وَأَبٍ وَوَصِيٍّ وَقَابِضٍ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ (وَصَاحِبِ رِبًا) بِأَنْ بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ وَقَبَضَهُمَا فَسُرِقَا مِنْهُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ فَاسِدًا بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ، بِخِلَافِ مُعْطِي الرِّبَا لِأَنَّهُ بِالتَّسْلِيمِ لَمْ يَبْقَ لَهُ مِلْكٌ وَلَا يَدٌ شُمُنِّيٌّ وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ اللُّقَطَةِ خَانِيَّةٌ.

ــ

[رد المحتار]

الْأَوَّلُ مَرْجُوعًا عَنْهُ، وَلِذَا صَحَّحَ مَا هُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ الْوَهْبَانِيَّةِ كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَنْ لَهُ يَدٌ صَحِيحَةٌ مَلَكَ الْخُصُومَةَ) شَمَلَ الْمَالِكَ وَالْأَمِينَ وَالضَّامِنَ كَالْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ الْمَغْصُوبِ كَالْأَمِينِ فَيَمْلِكُ الْخُصُومَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ إلَّا بِذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ، وَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ السِّرَاجِ (قَوْلُهُ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى ثُمَّ مَثَّلَ لَهُ ط.

(قَوْلُهُ مُتَوَلٍّ) أَيْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْفَتْحِ، وَعَبَّرَ فِي الْبَحْرِ، بِمُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ، وَهَذَا يَرُدُّ مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ فِي الْبَابِ السَّابِقِ مِنْ أَنَّهُ لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالِ الْوَقْفِ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِيهِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ وَقَابِضٍ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ سَمَّى الثَّمَنَ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَإِلَّا كَانَ أَمَانَةً بِمَنْزِلَةِ الْمُودَعِ، وَعَلَى كُلٍّ فَيَدُهُ صَحِيحَةٌ، وَمِثْلُ مَنْ ذَكَرَ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُضَارِبُ وَالْمُسْتَبْضِعُ (قَوْلُهُ بِأَنْ بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ) الْأَحْسَنُ قَوْلُ النَّهْرِ بَاعَ عَشَرَةً بِعِشْرِينَ وَقَبَضَهَا فَسُرِقَتْ اهـ لِتَحْقِيقِ النِّصَابِ الْمُوجِبِ لِلْقَطْعِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ فَاسِدًا) أَيْ الَّذِي مِنْهُ الرِّبَا بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَضْمُونٌ عَلَى ذِي الْيَدِ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُعْطِي الرِّبَا) مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ وَيُقْطَعُ بِطَلَبِ الْمَالِكِ لَوْ سَرَقَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّسْلِيمِ لَمْ يَبْقَ لَهُ مِلْكٌ وَلَا يَدٌ) فِيهِ نَظَرٌ، لِمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَنَّ الرِّبَا لَا يُمْلَكُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ عَيْنِهِ مَادَامَ قَائِمًا، حَتَّى لَوْ أَبْرَأَهُ صَاحِبُهُ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ رَدَّ عَيْنِهِ الْقَائِمَةِ حَقُّ الشَّرْعِ. اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ صَاحِبَ الرِّبَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الَّذِي قَبَضَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بَلْ بَقِيَ عَلَى مِلْكِ الْمُعْطِي فَصَارَ الْمُعْطِي مَالِكًا وَالْقَابِضُ ذَا يَدٍ فَتَصِحُّ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَةِ تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَلِصَاحِبِ النَّهْرِ هُنَا كَلَامٌ غَيْرُ مُحَرَّرٍ فَرَاجِعْهُ وَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ اللُّقَطَةِ) هَذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُفْهَمُ مِنْهَا كَمَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ. وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَضَاعَتْ مِنْهُ فَوَجَدَهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّ فِي الْوَدِيعَةِ يَكُونُ لِلْمُودَعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ لُقَطَةَ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فِي وِلَايَةِ أَخْذِ اللُّقَطَةِ، وَلَيْسَ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فِي إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى الْوَدِيعَةِ اهـ: قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ بِطَلَبِ الْمُلْتَقِطِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ وَتَبِعَهُ أَخُوهُ فِي النَّهْرِ، وَكَذَا الْمَقْدِسِيَّ. وَاعْتَرَضَهُ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ بِأَنَّ نَفْيَ الْخُصُومَةِ بَيْنَ الْمُلْتَقِطِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا خُصُومَةَ بَيْنَ الْمُلْتَقِطِ وَالسَّارِقِ مِنْهُ اهـ. قُلْت: أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَدُهُ يَدُ أَمَانَةٍ حَتَّى لَا يَتَمَكَّنَ أَحَدٌ مِنْ أَخْذِهَا مِنْهُ، وَلَوْ دَفَعَهَا لِآخَرَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْهُ؛ وَلَوْ ذَكَرَ أَحَدٌ عَلَامَتَهَا وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهَا لَهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا إلَيْهِ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ يَدٌ صَحِيحَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ مُخَاصَمَةَ السَّارِقِ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا ضَاعَتْ مِنْهُ فَالْتَقَطَهَا غَيْرُهُ فَإِنَّ يَدَ الْأَوَّلِ زَالَتْ بِإِثْبَاتِ يَدٍ مِثْلِ يَدِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَهُ وِلَايَةُ أَخْذِهَا فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ زَوَالِ يَدِهِ مُخَاصَمَةُ الثَّانِي.

وَأَمَّا الْوَدِيعَةُ إذَا ضَاعَتْ مِنْ الْمُودَعِ فَإِنْ لَهُ مُخَاصَمَةَ مُلْتَقِطِهَا إذْ لَيْسَ لَهُ إثْبَاتُ يَدٍ عَلَيْهَا كَالْمُودَعِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُودَعِ وَالْمُلْتَقِطِ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدُهُ يَدُ أَمَانَةٍ أَنَّ يَدَ الْمُودَعِ أَقْوَى؛ لِأَنَّهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَكَانَتْ يَدُهُ يَدَ الْمَالِكِ، بِخِلَافِ يَدِ الْمُلْتَقِطِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>