للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَنْ لَا) يَدَ لَهُ صَحِيحَةٌ (فَلَا) يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ كَسَارِقٍ سُرِقَ مِنْهُ بَعْدَ الْقَطْعِ لَمْ يُقْطَعْ بِخُصُومَةِ أَحَدٍ وَلَوْ مَالِكًا لِأَنَّ يَدَهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا يَأْتِي آنِفًا. (وَيُقْطَعُ بِطَلَبِ الْمَالِكِ) أَيْضًا (لَوْ سُرِقَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَكَذَا بِطَلَبِ الرَّاهِنِ مَعَ غَيْبَةِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَالِكُ (لَا بِطَلَبِ الْمَالِكِ) لِلْعَيْنِ الْمَسْرُوقَةِ (أَوْ) بِطَلَبِ (السَّارِقِ لَوْ سُرِقَ مِنْ سَارِقٍ بَعْدَ الْقَطْعِ) لِسُقُوطِ عِصْمَتِهِ. (بِخِلَافِ مَا إذَا سَرَقَ) الثَّانِي مِنْ السَّارِقِ الْأَوَّلِ (قَبْلَ الْقَطْعِ) أَوْ بَعْدَمَا دُرِئَ بِشُبْهَةٍ (فَإِنَّ لَهُ وَلِرَبِّ الْمَالِ الْقَطْعَ) لِأَنَّ سُقُوطَ التَّقَوُّمِ ضَرُورَةُ الْقَطْعِ وَلَمْ تُوجَدْ

ــ

[رد المحتار]

وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ سُرِقَ مِنْهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِسَارِقٍ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْقَطْعِ: أَيْ قَطْعِ السَّارِقِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يُقْطَعْ: أَيْ السَّارِقُ الثَّانِي وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ: أَيْ يَدَ السَّارِقِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي آنِفًا) أَيْ قَرِيبًا وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ، وَيَجُوزُ فِي أَوَّلِهِ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ، وَقُرِئَ بِهِمَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ بِطَلَبِ الْمَالِكِ) شَمَلَ مَا إذَا حَضَرَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَحْضُرْ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْأَوَّلُ كَمَا فِي النَّهْرِ وَالزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ الثَّلَاثَةِ) هُمْ الْمُودَعُ وَالْغَاصِبُ وَصَاحِبُ الرِّبَا زَيْلَعِيٌّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِكِ فِي مَسْأَلَةِ الرِّبَا هُوَ الْمُعْطِي؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُقْطَعُ السَّارِقُ بِطَلَبِهِ خِلَافًا لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الشُّمُنِّيِّ، وَمِثْلُ الثَّلَاثَةِ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ مَرَّ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا بِطَلَبِ الرَّاهِنِ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ قَائِمَةً وَقَدْ قَضَى الدَّيْنَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقْضِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَ السَّارِقُ الْعَيْنَ فَلَا قَطْعَ بِخُصُومَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْإِيفَاءِ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْعَيْنِ، وَبِالِاسْتِهْلَاكِ صَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِخُصُومَتِهِ فِيمَا إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ عَلَى دَيْنِهِ بِمَا يَبْلُغُ نِصَابًا؛ لِأَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ بِمَا زَادَ كَالْوَدِيعَةِ، وَارْتَضَاهُ فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ نَهْرٌ أَيْ أَنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ السَّارِقِ بَعْدَ الْهَلَاكِ بِمَا زَادَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الْمُرْتَهِنِ، إذْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا بِطَلَبِ الْمَالِكِ إلَخْ) أَيْ لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ الثَّانِي بِطَلَبِ إلَخْ (قَوْلُهُ لَوْ سُرِقَ) قَيْدٌ لِطَلَبِ الْمَالِكِ وَلِطَلَبِ السَّارِقِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْقَطْعِ) أَيْ قَطْعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ لِسُقُوطِ عِصْمَتِهِ) أَيْ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى السَّارِقِ بَعْدَمَا قُطِعَتْ يَمِينُهُ كَمَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِ يُقْطَعُ بِخُصُومَةِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ.

وَلَنَا أَنَّ الْمَالَ لَمَّا لَمْ يَجِبْ عَلَى السَّارِقِ ضَمَانُهُ كَانَ سَاقِطَ التَّقَوُّمِ فِي حَقِّهِ، وَكَذَا فِي حَقِّ الْمَالِكِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الضَّمَانِ لَهُ، فَيَدُ السَّارِقِ الْأَوَّلِ لَيْسَتْ يَدَ ضَمَانٍ وَلَا أَمَانَةٍ وَلَا مِلْكٍ فَكَانَ الْمَسْرُوقُ مَالًا غَيْرَ مَعْصُومٍ فَلَا قَطْعَ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَمَا دُرِئَ بِشُبْهَةٍ) كَدَعْوَاهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ قَبْلَ الْقَطْعِ، وَفِيهِ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ الْقَطْعِ كَوْنُ الْقَطْعِ لَازِمًا لَهُ وَهَذَا سَاقِطٌ عَنْهُ بِشُبْهَةٍ، نَعَمْ يُعْلَمُ حُكْمُ السَّاقِطِ بِالْأَوْلَى، لَكِنَّهُ تَابَعَ الْهِدَايَةَ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ) أَيْ لِلسَّارِقِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ التَّقَوُّمِ ضَرُورَةُ الْقَطْعِ إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ بِرَفْعِ ضَرُورَةُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ أَنَّ أَوْ بِنَصْبِهِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ ثَابِتٌ لِضَرُورَةِ الْقَطْعِ: أَيْ أَنَّهُ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لِلْقَطْعِ: أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الْقَطْعِ سُقُوطُ التَّقَوُّمِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْقَطْعِ وَلَا يُوجَدُ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ سُقُوطِهِ يُنَافِي وُجُوبَ الْقَطْعِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ إشَارَةٌ إلَى الرَّدِّ عَلَى مَا قَالَهُ الْكَرْخِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ إطْلَاقِ عَدَمِ الْقَطْعِ سَوَاءٌ قُطِعَ الْأَوَّلُ أَوْ لَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ كِتَابِ السَّرِقَةِ. قُلْت: وَمَفْهُومُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ الْقَطْعِ مَا إذَا لَمْ يُقْطَعْ الْأَوَّلُ أَصْلًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ بَيْنَ هَلَاكِ الْعَيْنِ وَاسْتِهْلَاكِهَا قَبْلَ الْقَطْعِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً بِالِاسْتِهْلَاكِ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>