فَصَارَ كَالْغَاصِبِ، ثُمَّ بَعْدَ الْقَطْعِ هَلْ لِلْأَوَّلِ اسْتِرْدَادُهُ؟ رِوَايَتَانِ وَاخْتَارَ الْكَمَالُ رَدَّهُ لِلْمَالِكِ.
(سَرَقَ شَيْئًا وَرَدَّهُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ) عِنْدَ الْقَاضِي (إلَى مَالِكِهِ) وَلَوْ حُكْمًا كَأُصُولِهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ عِيَالِهِ (أَوْ مَلَكَهُ) أَيْ الْمَسْرُوقَ (بَعْدَ الْقَضَاءِ) بِالْقَطْعِ وَلَوْ بِهِبَةٍ مَعَ قَبْضٍ (أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ) وَإِنْ لَمْ يُبَرْهِنْ لِلشُّبْهَةِ (أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ مِنْ النِّصَابِ) بِنُقْصَانِ السِّعْرِ فِي بَلَدِ الْخُصُومَةِ (لَمْ يُقْطَعْ) فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ.
(أَقَرَّا بِسَرِقَةِ نِصَابٍ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا شُبْهَةً) مُسْقِطَةً لِلْقَطْعِ
ــ
[رد المحتار]
الْقَطْعِ، يَعْنِي ثُمَّ قُطِعَ تَحَقَّقَ سُقُوطُ التَّقَوُّمِ. فَعُلِمَ أَنَّ التَّقَوُّمَ لَا يَسْقُطُ إلَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ قَطْعٌ أَصْلًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَصَارَ كَالْغَاصِبِ) أَيْ فِي أَنَّ لَهُ يَدًا صَحِيحَةً هِيَ يَدُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ الْقَطْعِ إلَخْ) أَيْ قَطْعِ السَّارِقِ الْأَوَّلِ وَالْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا قَبْلَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَرَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ رِوَايَتَانِ) إحْدَاهُمَا لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَسْرُوقِ مِنْ السَّارِقِ الثَّانِي لِحَاجَتِهِ إلَى الرَّدِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَالْأُخْرَى لَا؛ لِأَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ ضَمَانٍ وَلَا أَمَانَةٍ وَلَا مِلْكٍ فَتْحٌ (قَوْلُهُ، وَاخْتَارَ الْكَمَالُ إلَخْ) أَيْ اخْتَارَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَرُدُّهُ مِنْ يَدِ الثَّانِي إلَى الْمَالِكِ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَإِلَّا حَفِظَهُ لَهُ كَمَا يَحْفَظُ أَمْوَالَ الْغُيَّبِ، وَلَا يَرُدُّهُ إلَى الْأَوَّلِ وَلَا يُبْقِيهِ مَعَ الثَّانِي لِظُهُورِ خِيَانَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا
(قَوْلُهُ وَرَدَّهُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ) أَيْ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا أَوْ الْإِقْرَارِ، وَقَيَّدَ بِالرَّدِّ قَبْلَ الْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ بَعْدَهَا سَوَاءٌ قُضِيَ بِالْقَطْعِ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ حُكْمًا كَأُصُولِهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ عِيَالِهِ) أَيْ كَوَالِدِهِ وَجَدِّهِ وَوَالِدَتِهِ وَجَدَّتِهِ؛ لِأَنَّ لِهَؤُلَاءِ شُبْهَةَ الْمِلْكِ فَيَثْبُتُ بِهِ شُبْهَةُ الرَّدِّ بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّهُ إلَى عِيَالِ أُصُولِهِ؛ لِأَنَّهُ شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَمِنْ الرَّدِّ الْحُكْمِيِّ الرَّدُّ إلَى فَرْعِهِ وَكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ إنْ كَانُوا فِي عِيَالِهِ وَالرَّدُّ إلَى مُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ بَحْرٌ، وَكَذَا إلَى زَوْجَتِهِ وَأَجِيرِهِ مُشَاهَرَةً، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى غُلَامَهُ أَوْ مُسَانَهَةً فَتْحٌ، وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَلَكَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقَطْعِ) ؛ لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْحُدُودِ أَيْ فَالْمِلْكُ الْحَادِثُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْمِلْكِ الْحَادِثِ قَبْلَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمَّا لَمْ يُمْضِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فَلَا يُسْتَوْفَى الْقَطْعُ كَمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْقَضَاءِ فِي بَابِ الْحُدُودِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ قَضَيْت بَلْ بِالِاسْتِيفَاءِ جَلْدًا أَوْ رَجْمًا أَوْ قَطْعًا فَلَا جَرَمَ كَانَ الْإِمْضَاءُ مِنْ الْقَضَاءِ، بِخِلَافِ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَإِنَّهُ ثَمَّةَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ قَضَيْت يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْقَضَاءِ، وَأَنَّ السَّارِقَ لَوْ قُطِعَ بَعْدَ الْمِلْكِ قُطِعَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ. اهـ. ط عَنْ الشَّلَبِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِهِبَةٍ مَعَ قَبْضٍ) هَكَذَا وَقَعَ التَّقْيِيدُ بِالْقَبْضِ فِي الْهِدَايَةِ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَقْطَعُ الْخُصُومَةَ؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَهَبُ لِيُخَاصِمَ فَلْيُتَأَمَّلْ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. قُلْت: وَهُوَ بَحْثٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخُصُومَةَ قَدْ وُجِدَتْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقَطْعِ، لَكِنَّهُمْ عَدُّوا مِلْكَ الْمَسْرُوقِ بَعْدَ الْقَضَاءِ شُبْهَةً وَالْهِبَةُ بِدُونِ قَبْضٍ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ فَلَمْ تُوجَدْ الشُّبْهَةُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِاشْتِرَاطِ خُصُومَةٍ أُخْرَى بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقَطْعِ بَلْ طَلَبُهُ الْقَطْعَ غَيْرُ شَرْطٍ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا مَرَّ، نَعَمْ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ عِنْدَ الْقَطْعِ كَمَا تَقَدَّمَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ) أَيْ بَعْدَمَا ثَبَتَتْ السَّرِقَةُ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِلشُّبْهَةِ) هِيَ احْتِمَالُ صِدْقِهِ وَلِذَا صَحَّ رُجُوعُهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ بَعْدَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ كَمَالَ النِّصَابِ لَمَّا كَانَ شَرْطًا يُشْتَرَطُ قِيَامُهُ عِنْدَ الْإِمْضَاءِ لِمَا ذَكَرْنَا (قَوْلُهُ بِنُقْصَانِ السِّعْرِ) أَيْ لَا بِنُقْصَانِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَوْ نَقَصَتْ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَكَمُلَ النِّصَابُ عَيْنًا وَدَيْنًا كَمَا إذَا اسْتَهْلَكَهُ كُلَّهُ، أَمَّا نُقْصَانُ السِّعْرِ فَغَيْرُ مَضْمُونٍ فَافْتَرَقَا بَحْرٌ، وَالْمُرَادُ بِنُقْصَانِ الْعَيْنِ فَوَاتُ بَعْضِهَا أَوْ حُدُوثُ عَيْبٍ فِيهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ كِتَابِ السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ فِي بَلَدِ الْخُصُومَةِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَرَقَ فِيهَا لَمْ يَنْقُصْ لِمَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ السَّرِقَةِ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقِيمَةُ وَقْتَ السَّرِقَةِ وَوَقْتَ الْقَطْعِ وَمَكَانَهُ
(قَوْلُهُ أَقَرَّا بِسَرِقَةِ نِصَابٍ) أَيْ أَقَرَّ اثْنَانِ أَنَّهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute