للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَمْ يُقْطَعَا) قَيَّدَ بِإِقْرَارِهِمَا لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ وَفُلَانٌ فَأَنْكَرَ فُلَانٌ قُطِعَ الْمُقِرُّ كَقَوْلِهِ قَتَلْت أَنَا وَفُلَانٌ. (وَلَوْ سَرَقَا وَغَابَ أَحَدُهُمَا وَشَهِدَ) أَيْ شَهِدَ اثْنَانِ (عَلَى سَرِقَتِهِمَا قُطِعَ الْحَاضِرُ) لِأَنَّ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ لَا تُعْتَبَرُ.

(وَلَوْ أَقَرَّ عَبْدٌ) مُكَلَّفٌ (بِسَرِقَةٍ قُطِعَ وَتُرَدُّ السَّرِقَةُ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ) لَوْ قَائِمَةً (كَمَا لَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ) لَكِنْ (بِشَرْطِ حَضْرَةِ مَوْلَاهُ عِنْدَ إقَامَتِهَا) خِلَافًا لِلثَّانِي لَا عِنْدَ إقْرَارِهِ بِحَدٍّ اتِّفَاقًا. ( «وَلَا غُرْمَ عَلَى السَّارِقِ بَعْدَمَا قُطِعَتْ يَمِينُهُ» ) هَذَا لَفْظُ الْحَدِيثِ دُرَرٌ وَغَيْرُهَا، وَرَوَاهُ الْكَمَالُ «بَعْدَ قَطْعِ يَمِينِهِ» (وَتُرَدُّ الْعَيْنُ لَوْ قَائِمَةً) وَإِنْ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا (وَلَا فَرْقَ) فِي عَدَمِ الضَّمَانِ (بَيْنَ هَلَاكِ الْعَيْنِ وَاسْتِهْلَاكِهَا فِي الظَّاهِرِ) مِنْ الرِّوَايَةِ، لَكِنَّهُ يُفْتَى بِأَدَاءِ قِيمَتِهَا دِيَانَةً، وَسَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِهْلَاكُ (قَبْلَ الْقَطْعِ أَوْ بَعْدَهُ)

ــ

[رد المحتار]

سَرَقَا نِصَابًا أَيْ جِنْسَهُ، إذْ لَا بُدَّ أَنْ يُصِيبَ كُلًّا مِنْهُمَا نِصَابٌ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ لَمْ يُقْطَعَا) أَيْ الْمُدَّعِي وَالْآخَرُ؛ لِأَنَّهَا سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تَكُونُ مُوجِبَةً لِلْقَطْعِ وَغَيْرَ مُوجِبَةٍ (قَوْلُهُ قُطِعَ الْمُقِرُّ) أَيْ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ بِتَكْذِيبِهِ فَلَمْ تُوجَدْ الشَّرِكَةُ فِي السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ لَا تُعْتَبَرُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ أَوَّلًا يَقُولُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ رُبَّمَا يَدَّعِي الشُّبْهَةَ عِنْدَ حُضُورِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ سَرِقَةَ الْحَاضِرِ تَثْبُتُ بِالْحُجَّةِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْمَوْهُومُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ وَادَّعَى كَانَ شُبْهَةً وَاحْتِمَالُ الدَّعْوَى شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ. اهـ. ح

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَرَّ عَبْدٌ مُكَلَّفٌ إلَخْ) أَمَّا لَوْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يُقْطَعْ وَيَرُدُّ الْمَالَ لَوْ قَائِمًا وَكَانَ مَأْذُونًا، وَإِنْ هَالِكًا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا وَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى يَرُدُّ الْمَالَ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ لَوْ قَائِمًا، وَلَوْ هَالِكًا فَلَا ضَمَانَ وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ قُطِعَ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ وَبِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ آدَمِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِيهِ، وَإِذَا صَحَّ بِالْقَطْعِ صَحَّ بِالْمَالِ بِنَاءً عَلَيْهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْعَبْدِ مَأْذُونًا أَوْ لَا، صَدَّقَهُ الْمَوْلَى أَوْ لَا، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لَوْ قَائِمَةً) فَلَوْ مُسْتَهْلَكَةً فَلَا ضَمَانَ وَيُقْطَعُ اتِّفَاقًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَيَرُدُّ الْمَالَ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَا غُرْمَ عَلَى السَّارِقِ) التَّعْبِيرُ بِالْغُرْمِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْرُوقَ غَيْرُ بَاقٍ فَلَوْ قَائِمًا يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ؛ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَيَرُدُّ الْعَيْنَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَا غُرْمَ ط (قَوْلُهُ وَغَيْرُهَا) كَالْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَرَوَاهُ الْكَمَالُ «بَعْدَ قَطْعِ يَمِينِهِ» ) عَزَاهُ إلَى الدَّارَقُطْنِيّ، لَكِنْ عَزَاهُ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ إلَى الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضًا بِلَفْظِ الْمَتْنِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ فَإِنَّ مَا مَصْدَرِيَّةٌ، وَأَعَلَّ الْحَدِيثَ بِالْإِرْسَالِ وَبِجَهَالَةِ بَعْضِ رُوَاتِهِ، وَجَوَابُهُ مَبْسُوطٌ فِي الْفَتْحِ وَحَاشِيَةِ نُوحٍ عَلَى الدُّرَرِ، وَاسْتَدَلُّوا بَعْدَ الْحَدِيثِ بِالْمَعْقُولِ أَيْضًا.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ يُنَافِي الْقَطْعَ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْأَخْذِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخَذَ مِلْكَهُ فَلَا يُقْطَعُ فِي مِلْكِهِ لَكِنَّ الْقَطْعَ ثَابِتٌ قَطْعًا، فَمَا يُؤَدِّي إلَى انْتِفَائِهِ وَهُوَ الضَّمَانُ فَهُوَ الْمُنْتَفِي (قَوْلُهُ لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا) وَلِذَا قَالَ فِي الْإِيضَاحِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَحِلُّ لِلسَّارِقِ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَكَذَا لَوْ خَاطَهَا قَمِيصًا لَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِوَجْهٍ مَحْظُورٍ، وَقَدْ تَعَذَّرَ إيجَابُ الْقَضَاءِ بِهِ فَلَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ، كَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ وَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ لَمْ يَلْزَمْهُ الرَّدُّ قَضَاءً وَيَلْزَمُهُ دِيَانَةً، وَكَالْبَاغِي إذَا أَتْلَفَ مَالَ الْعَادِلِ ثُمَّ تَابَ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ مِنْ الرِّوَايَةِ) وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ: لَا يَظْهَرُ سُقُوطُ الْعِصْمَةِ فِي حَقِّ الِاسْتِهْلَاكِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يُفْتَى إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي الْمَبْسُوطِ: رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْ السَّارِقِ قَضَاءً لِتَعَذُّرِ الْحُكْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ، فَأَمَّا دِيَانَةً فَيُفْتَى بِالضَّمَانِ لِلْحُقُوقِ وَالْخُسْرَانِ وَالنُّقْصَانِ لِلْمَالِكِ مِنْ جِهَةِ السَّارِقِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْقَطْعِ) يَعْنِي ثُمَّ قُطِعَ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الضَّمَانِ إنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ الْقَطْعِ كَمَا عَلِمْت، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ أَيْضًا أَنَّ سُقُوطَ التَّقَوُّمِ ضَرُورَةُ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) لَكِنْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمَا فِي الْكَافِي لَوْ كَانَ قَبْلَ الْقَطْعِ، فَإِنْ قَالَ الْمَالِكُ أَنَا أَضْمَنُهُ لَمْ يُقْطَعْ عِنْدَنَا، وَإِنْ قَالَ أَنَا أَخْتَارُ الْقَطْعَ يُقْطَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>