(وَالْخُمُسُ) الْبَاقِي يُقْسَمُ أَثْلَاثًا عِنْدَنَا (لِلْيَتِيمِ وَالْمِسْكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) وَجَازَ صَرْفُهُ لِصِنْفٍ وَاحِدٍ فَتْحٌ، وَفِي الْمُنْيَةِ لَوْ صَرَفَهُ لِلْغَانِمِينَ لِحَاجَتِهِمْ جَازَ وَقَدْ حَقَّقْتُهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى (وَقَدَّمَ فُقَرَاءَ ذَوِي الْقُرْبَى) مِنْ بَنِي هَاشِمٍ (مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ (عَلَيْهِمْ) لِجَوَازِ الصَّدَقَاتِ لِغَيْرِهِمْ لَا لَهُمْ (وَلَا حَقَّ لِأَغْنِيَائِهِمْ) عِنْدَنَا
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي قِسْمَةِ الْخُمُسِ (قَوْلُهُ وَالْخُمُسُ الْبَاقِي) أَيْ الْبَاقِي بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَانِمِينَ (قَوْلُهُ عِنْدَنَا) وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيُقْسَمُ أَخْمَاسًا سَهْمٌ لِذَوِي الْقُرْبَى، وَسَهْمٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْلُفُهُ فِيهِ الْإِمَامُ، وَيَصْرِفُهُ إلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَالْبَاقِي لِلثَّلَاثَةِ لِلْآيَةِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ لِلْيَتِيمِ) أَيْ بِشُرُوطِ فَقْرِهِ، وَفَائِدَةُ ذِكْرِهِ دَفْعُ تَوَهُّمِ أَنَّ الْيَتِيمَ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا بِالْجِهَادِ، وَالْيَتِيمُ صَغِيرٌ فَلَا يَسْتَحِقُّهَا، وَمِثْلُهُ مَا فِي التَّأْوِيلَاتِ لِلشَّيْخِ أَبِي مَنْصُورٍ لَمَّا كَانَ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى يَسْتَحِقُّونَ بِالْفَقْرِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِمْ فِي الْقُرْآنِ أَجَابَ بِأَنَّ أَفْهَامَ بَعْضِ النَّاسِ قَدْ تَقْضِي إلَى أَنَّ الْفَقِيرَ مِنْهُمْ لَا يَسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الصَّدَقَةِ، وَلَا تَحِلُّ لَهُمْ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَالْمِسْكِينِ) الْمُرَادُ مِنْهُ مَا يَشْمَلُ الْفَقِيرَ (قَوْلُهُ وَجَازَ صَرْفُهُ إلَخْ) عَلَّلَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّ ذِكْرَ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ لِبَيَانِ الْمَصَارِفِ، لَا لِإِيجَابِ الصَّرْفِ إلَى كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمْ شَيْئًا بَلْ لِتَعْيِينِ الْمَصْرِفِ، حَتَّى لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَى غَيْرِ هَؤُلَاءِ اهـ. شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ حَقَّقْته فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى) وَنَصُّهُ وَالْخُمُسُ الْبَاقِي مِنْ الْمَغْنَمِ كَالْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ يَكُونُ مَصْرِفُهَا لِلْيَتَامَى الْمُحْتَاجِينَ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَتُقْسَمُ عِنْدَنَا أَثْلَاثًا هَذِهِ الْأَمْوَالُ الثَّلَاثَةُ لِهَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ خَاصَّةً غَيْرَ مُتَجَاوَزٍ عَنْهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ، فَتُصْرَفُ لِكُلِّهِمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ، فَسَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِمْ احْتِيَاجٌ بِيُتْمٍ أَوْ مَسْكَنَةٍ أَوْ كَوْنِهِ ابْنَ السَّبِيلِ فَلَا يَجُوزُ الصَّرْفُ لِغَنِيِّهِمْ، وَلَا لِغَيْرِهِمْ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ. قُلْت: وَنَقَلْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى التَّنْوِيرِ عَنْ الْمُنْيَةِ أَنَّهُ لَوْ صُرِفَ لِلْغَانِمِينَ لِحَاجَتِهِمْ جَازَ اهـ وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فَلَا تَنَافِي حِينَئِذٍ فَتَنَبَّهْ. اهـ.
أَقُولُ: لَا مَعْنَى لِلتَّرَجِّي بَعْدَ تَصْرِيحِ الْمُنْيَةِ بِقَوْلِهِ لِحَاجَتِهِمْ. اهـ. ح (قَوْلُهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ) بَيَانٌ لِذَوِي الْقُرْبَى، وَفِيهِ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ هُنَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَضَعَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى فِيهِمْ، وَتَرَكَ بَنِي نَوْفَلٍ وَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ مَعَ أَنَّ قَرَابَتَهُمْ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ عَبْدَ مَنَافٍ الْجَدَّ الثَّالِثَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ أَوْلَادٌ هَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ وَنَوْفَلٌ وَعَبْدُ شَمْسٍ بَحْرٌ. وَالْمُطَّلِبُ عَمُّ الْجَدِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ) وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِمْ رَاجِعٌ إلَيْهِمْ، وَالضَّمِيرُ الثَّانِي يُغْنِي عَنْ الْأَوَّلِ، وَلَكِنْ زَادَهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الرَّكَاكَةِ لِيُفِيدَ أَنَّ ذَوِي الْقُرْبَى إذَا كَانُوا مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ يُقَدَّمُونَ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى، فَيَتِيمُ ذَوِي الْقُرْبَى مُقَدَّمٌ عَلَى يَتِيمِ غَيْرِهِمْ، وَهَكَذَا قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَالْأَوْضَحُ أَنْ يُقَالَ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ وَالْمَعْدِنِ لِلْمُحْتَاجِ وَذَوُو الْقُرْبَى مِنْهُ أَوْلَى (قَوْلُهُ لِجَوَازِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ أَيْ؛ لِأَنَّ غَيْرَ ذَوِي الْقُرْبَى يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ لِدَفْعِ حَاجَتِهِ بِخِلَافِهِمْ فَلَيْسَ فِي تَقْدِيمِهِمْ إضْرَارٌ بِغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ وَلَا حَقَّ لِأَغْنِيَائِهِمْ عِنْدَنَا) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: يَسْتَوِي فِيهِ فَقِيرُهُمْ وَغَنِيُّهُمْ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ كَالْأُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ فِي الْآيَةِ بَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ، وَلَنَا أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ قَسَمُوهُ كَمَا قُلْنَاهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَكَانَ إجْمَاعًا وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعْطِيهِمْ لِلنُّصْرَةِ، لَا لِلْفَقْرِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مَعِي هَكَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» حِينَ أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ؛ لِأَنَّهُمْ قَامُوا مَعَهُ حِينَ أَرَادَتْ قُرَيْشٌ قَتْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَدَخَلَ بَنُو نَوْفَلٍ وَعَبْدُ شَمْسٍ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute