. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[رد المحتار]
بِالتَّسْوِيَةِ، بَلْ وَزِيَادَةُ حِرْمَانِ مَنْ لَمْ يُصِبْ شَيْئًا أَصْلًا بِانْتِهَائِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ، وَالْفَرْعُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْحَوَاشِي وَبِهِ أَيْضًا يَنْتَفِي مَا ذَكَرَ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ لَوْ نَفَّلَ بِجَمِيعِ الْمَأْخُوذِ جَازَ
إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ
وَفِيهِ زِيَادَةُ إيحَاشِ الْبَاقِينَ وَزِيَادَةُ الْفِتْنَةِ اهـ وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ.
أَقُولُ وَبِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى التَّوْفِيقُ: لَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَمَا نَقَلَهُ الْكَمَالُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى السَّرِيَّةِ الْمَبْعُوثَةِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَالثَّانِي عَلَى الْمَبْعُوثَةِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا أَوْرَدَهُ الْكَمَالُ عَلَى الْفَرْعِ الْمَنْقُولِ عَنْ الْحَوَاشِي وَغَيْرِهِ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْهُ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ السَّرِيَّةَ إنْ كَانَتْ مَبْعُوثَةً مِنْ دَارِ الْحَرْبِ بِأَنْ دَخَلَ الْإِمَامُ مَعَ الْجَيْشِ ثُمَّ بَعَثَ سَرِيَّةً وَنَفَّلَ لَهُمْ مَا أَصَابُوا جَازَ؛ لِأَنَّهُمْ قَبْلَ التَّنْفِيلِ لَا يَخْتَصِمُونَ بِمَا أَصَابُوا، وَهَذَا التَّنْفِيلُ لِلتَّخْصِيصِ عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيضِ، وَإِنْ كَانَتْ السَّرِيَّةُ مَبْعُوثَةً مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ نَفَّلَ لَهُمْ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ، أَوْ قَبْلَ الْخُمُسِ كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ مَا خَصَّ بَعْضَهُمْ بِالتَّنْفِيلِ، وَلَيْسَ مَقْصُودُهُ إلَّا إبْطَالَ الْخُمُسِ أَوْ إبْطَالَ تَفْضِيلِ الْفَارِسِ عَلَى الرَّاجِلِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ قَالَ: لَا خُمُسَ عَلَيْكُمْ فِيمَا أَصَبْتُمْ أَوْ الْفَارِسُ وَالرَّاجِلُ سَوَاءٌ فِيمَا أَصَبْتُمْ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَاطِلًا فَكَذَا كُلُّ تَنْفِيلٍ لَا يُفِيدُ إلَّا ذَلِكَ بَاطِلٌ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ دُونَ بَاقِي أَصْحَابِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّخْصِيصِ لِلتَّحْرِيضِ،؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ يَخْتَصُّ بِالنَّفْلِ، دُونَ بَاقِي أَصْحَابِهِ.
وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ الْخُمُسِ عَنْ الْأَسْلَابِ، لَكِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّحْرِيضُ، وَتَخْصِيصُ الْقَاتِلِينَ بِإِبْطَالِ شَرِكَةِ الْعَسْكَرِ عَنْ الْأَسْلَابِ ثُمَّ يَثْبُتُ إبْطَالُ الْخُمُسِ عَنْهَا تَبَعًا، وَقَدْ يَثْبُتُ تَبَعًا مَا لَا يَثْبُتُ قَصْدًا كَالشِّرْبِ وَالطَّرِيقِ فِي الْبَيْعِ وَالْوَقْفِ فِي الْمَنْقُولِ يَثْبُتُ تَبَعًا لِلْعَقَارِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ قَصْدًا، وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ ظَهَرَ عَلَى بَلْدَةٍ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا خَرَاجًا، وَيُبْطِلَ مِنْهَا سِهَامَ مَنْ أَصَابَهَا وَالْخُمُسَ وَلَوْ أَرَادَ قِسْمَتَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَيَجْعَلَ حِصَّةَ الْخُمُسِ خَرَاجًا لِلْمُقَاتِلَةِ الْأَغْنِيَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إبْطَالُ الْخُمُسِ مَقْصُودًا، فَلَا يَجُوزُ وَفِي الْأَوَّلِ يَثْبُتُ إبْطَالُهُ تَبَعًا لِإِبْطَالِ حَقِّ الْغَانِمِينَ فِي الْغَنِيمَةِ فَيَجُوزُ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَخْلُصُ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُقَاتِلَةِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ مَوَاضِعِهِ.
وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ مِنْهُ وَمِمَّا مَرَّ: أَنَّ تَنْفِيلَ كُلِّ الْعَسْكَرِ بِكُلِّ الْمَأْخُوذِ أَوْ ثُلُثِهِ مَثَلًا بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ أَوْ قَبْلَهُ لَا يَصِحُّ وَكَذَا تَنْفِيلُ السَّرِيَّةِ الْمَبْعُوثَةِ مِنْ دَارِنَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَسْكَرِ، وَالتَّنْفِيلُ هُوَ تَخْصِيصُ بَعْضِ الْمُقَاتِلِينَ بِزِيَادَةٍ لِلتَّحْرِيضِ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ الْمَأْخُوذِ أَوْ ثُلُثَهُ بَيْنَ كُلِّ الْمُقَاتِلِينَ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ، فَصَارَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إبْطَالَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ وَإِبْطَالَ الْخُمُسِ أَيْضًا إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ الْخُمُسِ وَإِبْطَالُ ذَلِكَ مَقْصُودًا لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ السَّرِيَّةِ الْمَبْعُوثَةِ مِنْ الْجَيْشِ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى التَّنْفِيلِ مَوْجُودٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ تَمْيِيزُهَا مِنْ بَيْنِ الْعَسْكَرِ بِجَمِيعِ الْمَأْخُوذِ أَوْ بِثُلُثِهِ مَثَلًا لِأَجْلِ تَحْرِيضِهَا عَلَى الْقِتَالِ وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ إبْطَالُ التَّفَاوُتِ وَالْخُمُسِ لِكَوْنِهِ ضِمْنًا لَا قَصْدًا فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لِلْعَسْكَرِ: مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَإِنَّهُ تَخْصِيصٌ لِبَعْضٍ مِنْهُمْ، وَهُوَ الْقَاتِلُ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْبَاقِي وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ مَا ذَكَرَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِكُلِّ الْعَسْكَرِ مَا أَصَبْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ ذَلِكَ لِلسَّرِيَّةِ الْمَبْعُوثَةِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ، لِعَدَمِ الْمُشَارِكِ لَهَا فَلَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصُ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ، فَلَا يَصِحُّ كَمَا قَرَرْنَاهُ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ صِحَّةُ الْفَرْعِ الْمَنْقُولِ مِنْ حَوَاشِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ لِلْمُصِيبِ بِمَا أَصَابَهُ.
فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَا أَصَبْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ، أَوْ كُلُّ مَا أَخَذْتُمْ، فَهُوَ لَكُمْ بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ مَحْضٌ بِجَمِيعِ الْمَأْخُوذِ بَيْنَ جَمِيعِ الْعَسْكَرِ أَوْ السَّرِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ قِسْمَةُ جَمِيعِ مَا يَأْخُذُهُ كُلُّ وَاحِدٍ بَيْنَهُمْ سَوِيَّةً، فَصَارَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute