وَفِيهِ: لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ تَوْضِيء صَاحِبِهِ وَتَعَهُّدُهُ، وَفِي مَمْلُوكِهِ يَجِبُ (أَوْ بَرْدٍ) يُهْلِكُ الْجُنُبَ أَوْ يُمْرِضُهُ وَلَوْ فِي الْمِصْرِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ أُجْرَةُ حَمَّامٍ وَلَا مَا يُدَفِّئُهُ، وَمَا قِيلَ إنَّهُ فِي زَمَانِنَا يَتَحَيَّلُ بِالْعِدَةِ فَمِمَّا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الشَّرْعُ، نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ نَسِيئَةً وَإِلَّا لَا (أَوْ خَوْفِ عَدُوٍّ) كَحَيَّةٍ أَوْ نَارٍ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ مِنْ فَاسِقٍ أَوْ حَبْسِ غَرِيمٍ أَوْ مَالِهِ
ــ
[رد المحتار]
أَقُولُ: حَاصِلُ الْفَرْقِ أَنَّ زِيَادَةَ الْمَرَضِ حَاصِلَةٌ بِالْأَوَّلِ لَا بِالثَّانِي لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَخَافُ الِاشْتِدَادَ وَلَا الِامْتِدَادَ، فَلَمْ يَكُنْ عَاجِزًا حَقِيقَةً فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى وُضُوئِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ حَقِيقَةً فَلَا تَلْزَمُهُ الِاسْتِعَانَةُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ فِي الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الزِّيَادَةَ لَكِنَّهُ لَا يَقْدِرُ بِنَفْسِهِ فَهُوَ عَاجِزٌ حَقِيقَةً أَيْضًا، وَلَيْسَ الْمُبِيحُ لِلتَّيَمُّمِ هُوَ خُصُوصُ زِيَادَةِ الْمَرَضِ تَأَمَّلْ وَفِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ مَا فِي التَّجْنِيسِ أَنَّهُ لَوْ لَهُ مَالٌ يَسْتَأْجِرُ بِهِ أَجِيرًا لَا يَتَيَمَّمُ قَلَّ الْأَجْرُ أَوْ كَثُرَ. وَفِي الْمُبْتَغَى خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْجَوَازِ لَوْ قَلِيلًا. اهـ. وَالْمُرَادُ بِالْقَلِيلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا بَحَثَهُ فِي النَّهْرِ وَالْحِلْيَةِ وَبِهِ جَزَمَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: لَمَّا كَانَ عَلَى السَّيِّدِ تَعَاهُدُ الْعَبْدِ فِي مَرَضِهِ كَانَ عَلَى عَبْدِهِ أَنْ يَتَعَاهَدَهُ فِي مَرَضِهِ، وَالزَّوْجَةُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعَاهِدَهَا فِي مَرَضِهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ إذَا مَرِضَ، فَلَا يُعَدُّ قَادِرًا بِفِعْلِهَا. اهـ لَكِنْ قَدَّمْنَا أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ إنْ كَانَ لَوْ اسْتَعَانَ بِالزَّوْجَةِ تُعِينُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ تَوْضِيء) بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ فِي أَوَّلِهِ وَفِي آخِرِهِ هَمْزَةٌ قَبْلَهَا يَاءٌ مَمْدُودَةٌ مَصْدَرُ وَضَّأَ بِالتَّشْدِيدِ مِثْلُ فَرَّحَ تَفْرِيحًا (قَوْلُهُ يَجِبُ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَضِّئَ مَمْلُوكَهُ وَكَذَا عَكْسُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ يُهْلِكُ الْجُنُبَ أَوْ يُمْرِضُهُ) قَيَّدَ بِالْجُنُبِ؛ لِأَنَّ الْمُحْدِثَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ لِلْبَرْدِ فِي الصَّحِيحِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا. وَفِي الْمُصَفَّى أَنَّهُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ فِي الْفَتْحِ وَكَأَنَّهُ لِعَدَمِ تَحْقِيقِ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ عَادَةً. اهـ. وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّمْلِيُّ بِمَا صَحَّحَهُ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَافَ سُقُوطَ رِجْلِهِ مِنْ الْبَرْدِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّتِهِ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ. قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا إلَّا تَيَمُّمَ الْمُحْدِثِ لِخَوْفِهِ عَلَى عُضْوِهِ، فَيَتَّجِهُ مَا فِي الْأَسْرَارِ مِنْ اخْتِيَارِ قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ.
أَقُولُ: الْمُخْتَارُ فِي مَسْأَلَةِ الْخُفِّ هُوَ الْمَسْحُ لَا التَّيَمُّمُ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - نَعَمْ مُفَادُ التَّعْلِيلِ بِعَدَمِ تَحْقِيقِ الضَّرَرِ فِي الْوُضُوءِ عَادَةً أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ جَازَ فِيهِ أَيْضًا اتِّفَاقًا، وَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْإِمْدَادِ؛ لِأَنَّ الْحَرَجَ مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ، هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُتُونِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْعَصْرِ) أَيْ خِلَافًا لَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَا مَا يُدَفِّئُهُ) أَيْ مِنْ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ أَوْ مَكَان يَأْوِيهِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى قَدَرَ عَلَى الِاغْتِسَالِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ مَا قِيلَ إلَخْ) أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَجْرَ الْحَمَّامِ فِي زَمَانِ الْإِمَامِ كَانَ يُؤْخَذُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمَّا فِي زَمَانِهِمَا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بَعْدَهُ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْأُجْرَةِ دَخَلَ ثُمَّ يَتَعَلَّلُ بِالْعُسْرَةِ وَبُعْدِ الْإِعْطَاءِ (قَوْلُهُ فَمِمَّا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الشَّرْعُ) فَإِنَّ الْحَمَّامِيَّ لَوْ عَلِمَ لَا يَرْضَى بِدُخُولِهِ، فَفِيهِ تَغْرِيرٌ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ. قَالَ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلْحِلْيَةِ: وَمَنْ ادَّعَى إبَاحَتَهُ فَضْلًا عَنْ تَعَيُّنِهِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (قَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ) عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْحِلْيَةِ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ عَلَى نَفْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِخَوْفِ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ فَاسِقٍ) بِأَنْ كَانَ عِنْدَ الْمَاءِ وَخَافَتْ الْمَرْأَةُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهَا بَحْرٌ، وَالْأَمْرَدُ فِي حُكْمِهَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ أَوْ حَبْسِ غَرِيمٍ) بِأَنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ عِنْدَ الْمَاءِ وَخَافَ الْمَدْيُونُ الْمُفْلِسُ مِنْ الْحَبْسِ بَحْرٌ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُعْسِرًا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِالْمَطْلِ (قَوْلُهُ أَوْ مَالِهِ) عَطْفٌ عَلَى نَفْسِهِ ح، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَدَّرَ الْمَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute