وَلَوْ أَمَانَةً: ثُمَّ إنْ نَشَأَ الْخَوْفُ بِسَبَبِ وَعِيدِ عَبْدٍ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِلَّا لَا؛ لِأَنَّهُ سَمَاوِيٌّ (أَوْ عَطَشٍ) وَلَوْ لِكَلْبِهِ أَوْ رَفِيقِ الْقَافِلَةِ حَالًا أَوْ مَآلًا، وَكَذَا الْعَجِينُ، أَوْ إزَالَةُ نَجَسٍ كَمَا سَيَجِيءُ: وَقَيَّدَ ابْنُ الْكَمَالِ عَطَشَ دَوَابِّهِ بِتَعَذُّرِ حِفْظِ الْغُسَالَةِ بِعَدَمِ الْإِنَاءِ.
وَفِي السِّرَاجِ لِلْمُضْطَرِّ أَخْذُهُ قَهْرًا وَقِتَالُهُ،
ــ
[رد المحتار]
بِمِقْدَارٍ، وَسَنَذْكُرُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة مَا يُفِيدُ تَقْدِيرَهُ بِدِرْهَمٍ كَمَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَمَانَةً) عَدَّ الْأَمَانَةَ مَالَهُ بِاعْتِبَارِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا ط (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ نَشَأَ الْخَوْفُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْوُضُوءِ إنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْعِبَادِ: كَأَسِيرٍ مَنَعَهُ الْكُفَّارُ مِنْ الْوُضُوءِ، وَمَحْبُوسٍ فِي السِّجْنِ، وَمَنْ قِيلَ لَهُ إنْ تَوَضَّأْت قَتَلْتُك جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ إذَا زَالَ الْمَانِعُ كَذَا فِي الدُّرَرِ وَالْوِقَايَةِ: أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمَرَضِ فَلَا يُعِيدُ. وَوَقَعَ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا: أَسِيرٌ مَنَعَهُ الْعَدُوُّ مِنْ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ ثُمَّ يُعِيدُ، فَقَيَّدَ بِالْإِيمَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُنِعَ مِنْ الصَّلَاةِ أَيْضًا: فَلَوْ مُنِعَ مِنْ الْوُضُوءِ فَقَطْ صَلَّى بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الدُّرَرِ، أَفَادَهُ نُوحٌ أَفَنْدِي.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْخَوْفِ مِنْ الْعَدُوِّ هَلْ هُوَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا إعَادَةَ، أَوْ مِنْ الْعَبْدِ فَتَجِبُ؟ ذَهَبَ فِي الْمِعْرَاجِ إلَى الْأَوَّلِ، وَفِي النِّهَايَةِ إلَى الثَّانِي، وَوَفَّقَ فِي الْبَحْرِ بِحَمْلِ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا حَصَلَ وَعِيدٌ مِنْ الْعَبْدِ نَشَأَ مِنْهُ الْخَوْفُ فَكَانَ مِنْ قِبَلِ الْعِبَادِ، وَحَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ أَصْلًا بَلْ حَصَلَ خَوْفٌ مِنْهُ فَكَانَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى لِتَجَرُّدِهِ عَنْ مُبَاشَرَةِ السَّبَبِ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ مِنْهُ تَعَالَى خَلْقًا وَإِرَادَةً. قَالَ: ثُمَّ رَأَيْت فِي الْحِلْيَةِ صَرَّحَ بِمَا فَهِمْته وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ فِي الْغُسْلِ أَنَّ الْمَرْأَةَ بَيْنَ رِجَالٍ تَتَيَمَّمُ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ الرَّجُلَ كَذَلِكَ، وَأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ شَرْعِيٌّ وَهُوَ كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ رُؤْيَتُهَا وَالْمَانِعُ مِنْهُ الْحَيَاءُ وَخَوْفُ اللَّهِ تَعَالَى وَهُمَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا مِنْ قِبَلِ الْعِبَادِ. [فَرْعٌ] فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُبْتَغَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ: أَجِيرٌ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إلَّا فِي نِصْفِ مِيلٍ لَا يُعْذَرُ فِي التَّيَمُّمِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ تَيَمَّمَ وَأَعَادَ، وَلَوْ صَلَّى صَلَاةً أُخْرَى وَهُوَ يَذْكُرُ هَذِهِ تَفْسُدُ (قَوْلُهُ أَوْ عَطَشٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى عَدُوٍّ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِحَاجَتِهِ وَالْمَشْغُولُ بِالْحَاجَةِ كَالْمَعْدُومِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِكَلْبِهِ) قَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ بِكَلْبِ الْمَاشِيَةِ وَالصَّيْدِ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يُعْطَى هَذَا الْحُكْمَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلْبَ الْحِرَاسَةِ لِلْمَنْزِلِ مِثْلُهَا ط (قَوْلُهُ أَوْ رَفِيقِ الْقَافِلَةِ) سَوَاءٌ كَانَ رَفِيقَهُ الْمُخَالِطَ لَهُ أَوْ آخَرَ مِنْ أَهْلِ الْقَافِلَةِ بَحْرٌ، وَعَطَشُ دَابَّةِ رَفِيقِهِ كَعَطَشِ دَابَّتِهِ نُوحٌ (قَوْلُهُ حَالًا أَوْ مَآلًا) ظَرْفٌ لِعَطَشِ أَوْ لَهُ وَلِرَفِيقٍ عَلَى التَّنَازُعِ كَمَا قَالَ ح: أَيْ الرَّفِيقُ فِي الْحَالِ أَوْ مَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ. قَالَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ: فَمَنْ عِنْدَهُ مَاءٌ كَثِيرٌ فِي طَرِيقِ الْحَاجِّ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي الرَّكْبِ مَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْفُقَرَاءِ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ، بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ إذَا تَحَقَّقَ احْتِيَاجُهُمْ يَجِبُ بَذْلُهُ إلَيْهِمْ لِإِحْيَاءِ مُهَجِهِمْ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْعَجِينُ) فَلَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِاِتِّخَاذِ الْمَرَقَةِ لَا يَتَيَمَّمُ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الطَّبْخِ دُونَ حَاجَةِ الْعَطَشِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ إزَالَةُ نَجَسٍ) أَيْ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَفِي الْفَيْضِ: لَوْ مَعَهُ مَا يَغْسِلُ بَعْضَ النَّجَاسَةِ لَا يَلْزَمُهُ. اهـ.
قُلْت: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَبْلُغْ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ، فَإِذَا كَانَ فِي طَرَفَيْ ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ وَكَانَ إذَا غَسَلَ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ بَقِيَ مَا فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَلْزَمُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي النَّوَاقِضِ (قَوْلُهُ بِعَدَمِ الْإِنَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعَذُّرِ ط (قَوْلُهُ لِلْمُضْطَرِّ أَخْذُهُ) أَيْ إذَا امْتَنَعَ صَاحِبُ الْمَاءِ مِنْ دَفْعِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِلْعَطَشِ وَهُنَاكَ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ لِلْعَطَشِ كَانَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ قَهْرًا وَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ سِرَاجٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute