للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ قُتِلَ رَبُّ الْمَاءِ فَهَدَرٌ وَإِنْ الْمُضْطَرُّ ضَمِنَ بِقَوَدٍ أَوْ دِيَةٍ (أَوْ عَدَمِ آلَةٍ) طَاهِرَةٍ يَسْتَخْرِجُ بِهَا الْمَاءَ وَلَوْ شَاشًا وَإِنْ نَقَصَ بِإِدْلَائِهِ أَوْ شَقِّهِ نِصْفَيْنِ قَدْرَ قِيمَةِ الْمَاءِ، كَمَا لَوْ وَجَدَ مَنْ يَنْزِلُ إلَيْهِ بِأَجْرٍ (تَيَمَّمَ) لِهَذِهِ الْأَعْذَارِ كُلِّهَا، حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ لَمْ يُصَلِّ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهِ مَجَّانًا أَوْ بِالثَّمَنِ، وَلِلْمُضْطَرِّ ثَمَنُهُ وَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ الشُّرْبِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ بِالسِّلَاحِ. قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ تَبَعًا لِلْمِنَحِ وَالزَّيْلَعِيِّ: هَذَا فِي غَيْرِ الْمُحَرَّزِ بِالْأَوَانِي، وَإِلَّا قَاتَلَهُ بِغَيْرِ سِلَاحٍ إذَا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ حَاجَتِهِ لِمِلْكِهِ لَهُ بِالْإِحْرَازِ، فَصَارَ نَظِيرَ الطَّعَامِ. وَقِيلَ فِي الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا الْأَوْلَى أَنْ يُقَاتِلَهُ بِغَيْرِ سِلَاحٍ؛ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً، فَكَانَ كَالتَّعْزِيرِ كَمَا فِي الْكَافِي. اهـ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُتِلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ فَهَدَرٌ) أَيْ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ سِرَاجٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْمُضْطَرُّ قِيمَةَ الْمَاءِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ بِقَوَدٍ) أَيْ بِقِصَاصٍ إنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا كَأَنْ قَتَلَهُ بِمُحَدَّدٍ (قَوْلُهُ أَوْ دِيَةٍ) أَيْ إنْ كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَوْ جَرَى مَجْرَى الْخَطَأِ، وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَلَى الْقَاتِلِ الْكَفَّارَةُ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ ط قَالَ فِي السِّرَاجِ: وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَاءِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لِلْعَطَشِ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ الْأَجْنَبِيُّ لِلْوُضُوءِ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ أَخْذُهُ مِنْهُ قَهْرًا (قَوْلُهُ طَاهِرَةٍ) أَمَّا النَّجِسَةُ فَكَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَاشًا) أَيْ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُمْكِنُ إدْلَاؤُهُ وَاسْتِخْرَاجُ الْمَاءِ بِهِ قَلِيلًا وَعَصْرُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَ إلَى قَوْلِهِ تَيَمَّمَ) نَقَلَهُ فِي التَّوْشِيحِ عَنْ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِنَا، وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ، وَكَذَا أَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَكِنْ رَأَيْت فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ: إنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْمِنْدِيلِ قَدْرَ دِرْهَمٍ تَيَمَّمَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ، وَلَوْ أَقَلَّ فَلَا؛ كَمَا لَوْ رَأَى الْمُصَلِّي مَنْ يَسْرِقُ مَالَهُ، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ دِرْهَمٍ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا هُنَا. اهـ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ أَقْرَبُ إلَى الْقَوَاعِدِ، أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْمَاءَ يُبَاعُ يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ، وَلَكِنَّ الرُّجُوعَ إلَى الْمَنْقُولِ فِي الْمَذْهَبِ بَعْدَ الظَّفَرِ بِهِ أَوْلَى، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ أَنَّ الشِّرَاءَ وَإِنْ كَثُرَ ثَمَنُهُ لَا يُسَمَّى إتْلَافًا؛ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةٌ بِعِوَضٍ، بِخِلَافِ إتْلَافِ الْمِنْدِيلِ وَنَحْوِهِ بِالْإِدْلَاءِ أَوْ بِالشَّقِّ فَإِنَّهُ إتْلَافٌ بِلَا عِوَضٍ وَهُوَ مَنْهِيٌّ شَرْعًا.

وَإِذَا جَازَ قَطْعُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا لِأَجْلِ دِرْهَمٍ عُلِمَ أَنَّ الدِّرْهَمَ قَدْرٌ مُعْتَبَرٌ لَهُ خَطَرٌ فَلَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ فِيمَا لَهُ عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ؛ لِأَنَّهُ عَادِمٌ لِلْمَاءِ شَرْعًا فَيَتَيَمَّمُ.

وَإِذَا جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ فِيمَا إذَا كَانَ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَاءِ وَجُعِلَ عَادِمًا لِلْمَاءِ مُرَاعَاةً لِحَقِّهِ يُجْعَلُ عَادِمًا لِلْمَاءِ هُنَا أَيْضًا مُرَاعَاةً لِحَقِّهِ وَحَقِّ الشَّرْعِ فِي الِامْتِنَاعِ عَنْ الْإِتْلَافِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي السَّقِيمِ، وَاَللَّهُ الْعَلِيمُ (قَوْلُهُ أَوْ شَقِّهِ) أَيْ إذَا كَانَ لَا يَصِلُ إلَى الْمَاءِ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ قَدْرَ قِيمَةِ الْمَاءِ) أَيْ وَآلَةِ الِاسْتِقَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ فِي صُورَةِ الشَّقِّ؛ وَالظَّاهِرُ أَنَّ صُورَةَ الْإِدْلَاءِ كَذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِأَجْرٍ) أَيْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَيَلْزَمُهُ وَلَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ وَإِلَّا جَازَ بِلَا إعَادَةٍ بَحْرٌ عَنْ التَّوْشِيحِ (قَوْلُهُ كُلِّهَا) أَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ إلَخْ) أَشَارَ بِالتَّفْرِيعِ الْمَذْكُورِ إلَى أَنَّ كُلَّ عُذْرٍ مِنْهَا إنَّمَا يُسَمَّى عُذْرًا مَادَامَ مَوْجُودًا، فَلَوْ زَالَ بَطَلَ حُكْمُهُ وَإِنْ وُجِدَ بَعْدَهُ عُذْرٌ آخَرُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يَنْقُضُهُ زَوَالُ مَا أَبَاحَهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَرِضَ إلَخْ) صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ: أَنْ يَكُونَ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ الْمَرَضِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ بَقِيَ عَادِمًا لَهُ، وَلَا شُبْهَةَ أَنَّهُ فِي الْأُولَى يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ لِعَدَمِ زَوَالِ مَا أَبَاحَهُ وَلِأَنَّ اخْتِلَافَ السَّبَبِ لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا زَالَ الْأَوَّلُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِيَةُ فَقَطْ، فَإِذَا تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ مَرِضَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَهُ لَا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِفَقْدِ الْمَاءِ، وَالْآنَ هُوَ وَاجِدٌ لَهُ فَبَطَلَ تَيَمُّمُهُ لِزَوَالِ مَا أَبَاحَهُ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>