؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ أَسْبَابِ الرُّخْصَةِ يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ بِالرُّخْصَةِ الْأُولَى وَتَصِيرُ الْأُولَى كَأَنْ لَمْ تَكُنْ، جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فَلْيُحْفَظْ (مُسْتَوْعِبًا وَجْهَهُ) حَتَّى لَوْ تَرَكَ شَعْرَهُ أَوْ وَتَرَةَ مَنْخَرِهِ لَمْ يَجُزْ (وَيَدَيْهِ) فَيَنْزِعُ الْخَاتَمَ وَالسِّوَارَ أَوْ يُحَرِّكُ بِهِ يُفْتَى (مَعَ مِرْفَقَيْهِ) فَيَمْسَحُهُ الْأَقْطَعُ (بِضَرْبَتَيْنِ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا، لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا
: لَوْ حَرَّكَ
ــ
[رد المحتار]
كَانَ لَهُ مُبِيحٌ آخَرُ فِي الْحَالِ، وَنَظِيرُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ فِي النَّوَاقِضِ بِقَوْلِهِ: فَإِذَا تَيَمَّمَ لِلْمَرَضِ أَوْ لِلْبَرْدِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ ثُمَّ فَقَدَ الْمَاءَ ثُمَّ زَالَ الْمَرَضُ أَوْ الْبَرْدُ يَنْتَقِضُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ مَوْجُودًا. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ.
أَقُولُ: لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْبَدَائِعِ لَوْ مَرَّ الْمُتَيَمِّمُ عَلَى مَاءٍ لَا يَسْتَطِيعُ النُّزُولَ إلَيْهِ لِخَوْفِ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ لَا يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُ كَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ، وَقَالَ هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ مَعْنًى فَكَانَ مُلْحَقًا بِالْعَدَمِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْمُنْيَةِ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ خَوْفَ الْعَدُوِّ سَبَبٌ آخَرُ غَيْرُ الَّذِي أَبَاحَ لَهُ التَّيَمُّمَ أَوَّلًا، فَإِنَّ الظَّاهِرَ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَيَمَّمَ أَوَّلًا لِفَقْدِ الْمَاءِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ هُنَا بَاقٍ، وَفِيهِ بَحْثٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ أَسْبَابِ الرُّخْصَةِ إلَخْ) الرُّخْصَةُ هُنَا التَّيَمُّمُ، وَأَسْبَابُهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمَذْكُورَةِ وَسَنُحَقِّقُ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) هُوَ كِتَابٌ مُعْتَبَرٌ لِابْنِ قَاضِي سَمَاوَةَ، جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ فُصُولِ الْعِمَادِيِّ وَفُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِيهِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ فِي أَحْكَامِ الْمَرْضَى.
(قَوْلُهُ مُسْتَوْعِبًا) أَيْ يَتَيَمَّمُ تَيَمُّمًا مُسْتَوْعِبًا فَهُوَ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ حَالًا فَيُفِيدُ أَنَّهُ رُكْنٌ، وَعَلَى الْحَالِيَّةِ يَصِيرُ شَرْطًا خَارِجًا عَنْ الْمَاهِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَحْوَالَ شُرُوطٌ عَلَى مَا عُرِفَ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ تَرَكَ شَعْرَةً) قَالَ فِي الْفَتْحِ: يَمْسَحُ مِنْ وَجْهِهِ ظَاهِرَ الْبَشَرَةِ وَالشَّعْرَ عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ وَكَذَا الْعِذَارُ، وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ مُجْتَبًى، وَمَا تَحْتَ الْحَاجِبَيْنِ فَوْقَ الْعَيْنَيْنِ مُحِيطٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَوْ وَتَرَةَ مَنْخَرِهِ) هِيَ الَّتِي بَيْنَ الْمَنْخَرَيْنِ ابْنُ كَمَالٍ، لَكِنْ فِي الْقَامُوسِ: الْوَتَرَةُ مُحَرَّكَةً حَرْفُ الْمَنْخَرِ، وَالْوَتِيرَةُ: حِجَابُ مَا بَيْنَ الْمَنْخَرَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَيَدَيْهِ) عَطَفَ بِالْوَاوِ دُونَ ثُمَّ إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِيهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَأَصْلِهِ بَحْرٌ، وَالْحُكْمُ فِي الْيَدِ الزَّائِدَةِ كَالْوُضُوءِ ط (قَوْلُهُ فَيَنْتَزِعُ الْخَاتَمَ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ لَمْ يُحَرِّكْ الْخَاتَمَ، إنْ كَانَ ضَيِّقًا، وَكَذَا الْمَرْأَةُ السِّوَارَ لَمْ يَجُزْ. اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّحْرِيكَ مَسْحٌ لِمَا تَحْتَهُ، إذْ الشَّرْطُ الْمَسْحُ لَا وُصُولُ التُّرَابِ فَافْهَمْ، لَكِنَّ التَّقْيِيدَ بِالضَّيِّقِ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاسِعًا لَا يَلْزَمُ تَحْرِيكُهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَالُ فِيهِ مَا سَنَذْكُرُهُ فِي التَّخْلِيلِ.
(قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) أَيْ بِلُزُومِ الِاسْتِيعَابِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ خَانِيَّةٌ وَغَيْرُهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ زَيْلَعِيٌّ، وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ أَنَّ الْأَكْثَرَ كَالْكُلِّ (قَوْلُهُ فَيَمْسَحُهُ) أَيْ الْمِرْفَقَ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمِرْفَقَيْنِ ط (قَوْلُهُ الْأَقْطَعُ) أَيْ مِنْ الْمِرْفَقِ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ وَلَوْ رَأْسَ الْعَضُدِ؛ لِأَنَّ الْمِرْفَقَ مَجْمُوعُ رَأْسَيْ الْعَظْمَاتِ رَحْمَتِيٌّ، فَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ فَوْقَ الْمِرْفَقَيْنِ لَا يَجِبُ اتِّفَاقًا ط (قَوْلُهُ بِضَرْبَتَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَيَمَّمَ أَوْ بِمُسْتَوْعِبًا أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ، وَإِنَّمَا آثَرَ عِبَارَةَ الضَّرْبِ عَلَى عِبَارَةِ الْوَضْعِ لِكَوْنِهَا مَأْثُورَةً، وَإِلَّا فَهِيَ لَيْسَتْ بِضَرْبَةِ لَازِبٍ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ نَبَّهَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْأُصُولِ عَلَى أَنَّ الْوَضْعَ كَافٍ، وَالْمُرَادُ بَيَانُ كِفَايَةِ الضَّرْبَتَيْنِ لَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّيَمُّمِ مِنْهُمَا ابْنُ كَمَالٍ وَقَدَّمْنَاهُ، تَمَامُ عِبَارَتِهِ: وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ فَائِدَةَ الْعَدَدِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ضَرْبَةٍ ثَالِثَةٍ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ) فَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يُيَمِّمَهُ جَازَ بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ الْآمِرُ بَحْرٌ. قَالَ ط: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي مِنْ الْغَيْرِ ضَرْبَتَانِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا يَأْتِي عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي شُجَاعٍ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ مَعَ ثَمَرَةِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ) عِبَارَتُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي مَوْضِعِ الْغُبَارِ بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ يَجُوزُ، وَلَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute