للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتَحْرُمُ غِيبَتُهُ كَالْمُسْلِمِ) فَتْحٌ. وَفِيهِ: لَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْمِنُ فِي دَارِنَا وَوَرَثَتُهُ ثَمَّةَ وَقَفَ مَالِهِ لَهُمْ، وَيَأْخُذُوهُ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَبِكَفِيلٍ وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ مَلِكِهِمْ

(وَإِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ الْحَوْلِ) وَلَوْ لِتِجَارَةٍ أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ كَمَا يُفِيدُ الْإِطْلَاقُ نَهْرٌ (مُنِعَ) لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ لَا يُنْقَضُ، وَمُفَادُهُ مَنْعُ الذِّمِّيِّ أَيْضًا (كَمَا) يُمْنَعُ (لَوْ وُضِعَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ) بِأَنْ أُلْزِمَ بِهِ وَأُخِذَ مِنْهُ

ــ

[رد المحتار]

فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ، فَيُعْتَبَرُ حُكْمُهُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَحْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَاغْتَنِمْهُ فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ (قَوْلُهُ وَتَحْرُمُ غِيبَتُهُ كَالْمُسْلِمِ) لِأَنَّهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ، وَجَبَ لَهُ مَالَنَا فَإِذَا حَرُمَتْ غِيبَةُ الْمُسْلِمِ حَرُمَتْ غِيبَتُهُ بَلْ قَالُوا: إنَّ ظُلْمَ الذِّمِّيِّ أَشَدُّ (قَوْلُهُ وَيَأْخُذُوهُ بِبَيِّنَةٍ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَيَأْخُذُونَهُ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي حَذْفَ النُّونِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِنْ أَقَامُوا بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ قُبِلَتْ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُمْ لَا يُمْكِنُهُمْ إقَامَتُهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ أَنْسَابَهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَعْرِفُهَا الْمُسْلِمُونَ، فَصَارَ كَشَهَادَةِ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ فَإِذَا قَالُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمْ دَفَعَ إلَيْهِمْ الْمَالَ، وَأَخَذَ مِنْهُمْ كَفِيلًا لِمَا يَظْهَرُ فِي الْمَآلِ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ هُوَ قَوْلُهُمَا لَا قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْمُسْلِمِينَ وَقِيلَ بَلْ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ مَلِكِهِمْ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ كِتَابُهُ أَيْ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ وَحْدَهُ لَا تُقْبَلُ فَكِتَابُهُ بِالْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ) أَيْ بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا لَهُ الْإِمَامُ حَوْلًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ كَمَا يُفِيدُهُ الْإِطْلَاقُ) كَذَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ، وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ خِيفَ عَدَمَ عَوْدِهِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ الْآتِي (قَوْلُهُ لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ لَا يُنْقَضُ) لِكَوْنِهِ خَلْفًا عَنْ الْإِسْلَامِ بَحْرٌ، وَعِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ ضَرَرًا بِالْمُسْلِمِينَ بِعَوْدِهِ حَرْبًا عَلَيْنَا، وَبِتَوَالُدِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَطْعِ الْجِزْيَةِ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَوْدِ اللَّحَاقُ بِدَارِهِمْ بِلَا رُجُوعٍ (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ مَنْعُ الذِّمِّيِّ أَيْضًا) كَذَا فِي النَّهْرِ؛ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: وَتَثْبُتُ أَحْكَامُ الذِّمِّيِّ فِي حَقِّهِ مِنْ مَنْعِ الْخُرُوجِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ إلَخْ. قُلْت: وَالْمُرَادُ الْخُرُوجُ عَلَى وَجْهِ اللَّحَاقِ بِهِمْ، وَإِذْ لَوْ خَرَجَ لِتِجَارَةٍ مَعَ أَمْنِ عَوْدِهِ عَادَةً لَا يُمْنَعُ كَالْمُسْلِمِ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ الْمَارِّ فَتَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ أَرَادَ الدُّخُولَ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ أَنْ يُدْخِلَ فَرَسًا مَعَهُ أَوْ سِلَاحًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَبِيعُهُ مِنْهُمْ، بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِعَدَاوَتِهِمْ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ بِتِجَارَةٍ عَلَى الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالسُّفُنِ لِأَنَّهُ لِلْحَمْلِ لَكِنْ يُسْتَحْلَفُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بَيْعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ.

(قَوْلُهُ كَمَا يُمْنَعُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَمَا يَصِيرُ ذِمِّيًّا، كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: إذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ، فَوُضِعَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ فِيهَا كَانَ ذِمِّيًّا اهـ قَالَ السَّرَخْسِيُّ: فَيُوضَعُ عَلَيْهِ خَرَاجُ رَأْسِهِ، وَلَا يُتْرَكُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى دَارِهِ لِأَنَّ خَرَاجَ الْأَرْضِ لَا يَجِبُ إلَّا عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ فَكَانَ ذِمِّيًّا وَفِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا لَزِمَهُ خَرَاجُ الْأَرْضِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ تَلْزَمُهُ الْجِزْيَةُ لِسَنَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ لِأَنَّهُ يَصِيرُ ذِمِّيًّا بِلُزُومِ الْخَرَاجِ فَتُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ أُلْزِمَ بِهِ وَأُخِذَ مِنْهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَخْذِ اسْتِحْقَاقُ الْأَخْذِ مِنْهُ، وَهُوَ مَعْنَى الْوَضْعِ عَلَيْهِ فِي عِبَارَةِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَخْذَ بِالْفِعْلِ بَلْ هُوَ تَأْكِيدٌ لَرَدِّ مَا قِيلَ إنَّهُ يَصِيرُ ذِمِّيًّا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيهَا لِلتِّجَارَةِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْمُرَادُ بِوَضْعِهِ إلْزَامُهُ بِهِ وَأَخْذُهُ مِنْهُ عِنْدَ حُلُولِ وَقْتِهِ، وَهُوَ بِمُبَاشَرَةِ السَّبَبِ، وَهُوَ زِرَاعَتُهَا أَوْ تَعْطِيلُهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهَا إذَا كَانَتْ فِي مِلْكِهِ أَوْ زِرَاعَتُهَا بِالْإِجَارَةِ وَهِيَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ لَا مِنْ الْمَالِكِ فَيَصِيرُ بِهِ ذِمِّيًّا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَالِكِ اهـ أَيْ بِأَنْ كَانَ خَرَاجًا مُوَظَّفًا أَيْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، فَإِنَّهُ عَلَى مَالِكِ الْأَرْضِ، فَلَا يَصِيرُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ ذِمِّيًّا لِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ.

أَمَّا خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ: وَهُوَ مَا يَكُونُ جُزْءًا مِنْ الْخَارِجِ كَنِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، لَكِنْ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا، أَمَّا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>