للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ حُلُولِ وَقْتِهِ لِأَنَّ خَرَاجَ الْأَرْضِ كَخَرَاجِ الرَّأْسِ (أَوْ صَارَ لَهَا) أَيْ الْمُسْتَأْمَنَةِ الْكِتَابِيَّةِ (زَوْجٌ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ) لِتَبَعِيَّتِهَا لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (لَا عَكْسُهُ) لِإِمْكَانِ طَلَاقِهَا، وَلَوْ نَكَحَهَا هُنَا فَطَالَبَتْهُ بِمَهْرِهَا فَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ الرُّجُوعِ تَتَارْخَانِيَّةٌ. فَلَوْ لَمْ يَفِ حَتَّى مَضَى حَوْلٌ يَنْبَغِي صَيْرُورَتُهُ ذِمِّيًّا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الدُّرَرِ وَمِنْهُ عُلِمَ حُكْمُ الدَّيْنِ الْحَادِثِ فِي دَارِنَا.

(فَإِنْ رَجَعَ) الْمُسْتَأْمَنُ (إلَيْهِمْ) وَلَوْ لِغَيْرِ دَارِهِ (حَلَّ دَمُهُ) لِبُطْلَانِ أَمَانِهِ (فَإِنْ تَرَكَ وَدِيعَةً عِنْدَ مَعْصُومٍ) مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (أَوْ دَيْنًا) عَلَيْهِمَا (فَأُسِرَ أَوْ ظُهِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ بِمَعْنَى غَلَبَ (عَلَيْهِمْ فَأَخَذُوهُ أَوْ قَتَلُوهُ سَقَطَ دَيْنُهُ) وَسَلَمُهُ وَمَا غُصِبَ مِنْهُ وَأُجْرَةُ عَيْنٍ أَجَّرَهَا لِسَبْقِ يَدِهِ (وَصَارَ مَالُهُ) كَوَدِيعَتِهِ وَمَا عِنْدَ شَرِيكِهِ وَمَضَارِبِهِ وَمَا فِي بَيْتِهِ فِي دَارِنَا (فَيْئًا) . وَاخْتُلِفَ فِي الرَّهْنِ وَرُجِّحَ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ لِلْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ. وَفِي السِّرَاجِ: لَوْ بَعَثَ مَنْ يَأْخُذُ الْوَدِيعَةَ وَالْقَرْضَ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلِهِ فَإِنَّ الْخَرَاجَ مُطْلَقًا عَلَى الْمَالِكِ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِي الْعُشْرِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ السَّرَخْسِيُّ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْعُشْرِ، وَقَدَّمْنَا تَرْجِيحَ قَوْلِ الْإِمَامِ هُنَاكَ فَفِي إطْلَاقِ الْفَتْحِ نَظَرٌ لِإِيهَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ كَخَرَاجِ الرَّأْسِ) أَيْ فِي أَنَّهُ إذْ الْتَزَمَهُ صَارَ مُلْتَزِمًا الْمُقَامَ فِي دَارِنَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ صَارَ لَهَا إلَخْ) أَيْ تَصِيرُ ذِمِّيَّةً بِذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ النِّكَاحَ حَادِثٌ بَعْدَ دُخُولِهَا دَارَنَا، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ، فَإِنَّهُمَا لَوْ دَخَلَا دَارَنَا ثُمَّ صَارَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، فَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ، وَقَيَّدَ بِالْكِتَابِيَّةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً وَأَسْلَمَ زَوْجُهَا يَعْرِضُ الْقَاضِي عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كَمَا فِي شَرْحِ السِّيَرِ (قَوْلُهُ لِتَبَعِيَّتِهَا لَهُ) الْمُرَادُ بِالتَّبَعِيَّةِ كَوْنُهَا الْتَزَمَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَهَذَا شَامِلٌ لِلزَّوْجِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) فَالشَّرْطُ مُجَرَّدُ عَقْدِهِ عَلَيْهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّيْلَعِيَّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَصِيرُ الْمُسْتَأْمَنُ ذِمِّيًّا إذَا نَكَحَ ذِمِّيَّةً لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ طَلَاقُهَا فَيَرْجِعُ إلَى بَلَدِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُلْتَزِمًا الْمُقَامَ وَكَذَا لَوْ دَخَلَا بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَتْ بَحْرٌ وَمَا فِي الْهِدَايَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ ذِمِّيًّا بِالتَّزْوِيجِ فِي دَارِنَا غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ مُخَالِفٌ لِلنُّسْخَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ.

(قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الدُّرَرِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَوْلُ الْإِمَامِ إنْ قُمْت سَنَةً وَضَعْنَا عَلَيْك الْجِزْيَةُ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حُكْمِ الْمَهْرِ عُلِمَ حُكْمُ غَيْرِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّ لِلدَّائِنِ مَنْعَهُ مِنْ الرُّجُوعِ أَيْضًا فَإِذَا مَنَعَهُ وَمَضَى حَوْلٌ صَارَ ذِمِّيًّا.

(قَوْلُهُ فَإِنْ رَجَعَ الْمُسْتَأْمَنُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِكَوْنِهِ ذِمِّيًّا، أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ صَارَ حَرْبِيًّا كَمَا سَيَأْتِي بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَأُسِرَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ظُهُورٍ عَلَى دَارِهِمْ بِأَنْ وَجَدَهُ مُسْلِمٌ فَأَسَرَهُ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى غَلَبَ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِمْ لِقَوْلِ الْمُغْرِبِ ظَهَرَ عَلَيْهِ غَلَبَ (قَوْلُهُ فَأَخَذُوهُ) احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ هَرَبَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ سَقَطَ دَيْنُهُ) لِأَنَّ إثْبَاتَ الْيَدِ عَلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الْمُطَالَبَةِ، وَقَدْ سَقَطَتْ، وَيَدُ مَنْ عَلَيْهِ أَسْبَقُ إلَيْهِ مِنْ يَدِ الْعَامَّةِ فَيَخْتَصُّ بِهِ فَيَسْقُطُ وَلَا طَرِيقَ لِجَعْلِهِ فَيْئًا لِأَنَّهُ الَّذِي يُؤْخَذُ قَهْرًا، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ نَهْرٌ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ الْآتِي لِسَبْقِ يَدِهِ فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْكُلِّ (قَوْلُهُ وَسَلَّمَهُ) أَيْ لَوْ أَسْلَمَ إلَى مُسْلِمٍ دَرَاهِمَ عَلَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ وَمَا غُصِبَ مِنْهُ) ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا، وَبَنَى عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ السَّلَمَ وَالْأُجْرَةَ.

(قَوْلُهُ وَصَارَ مَالُهُ) أَفَادَ أَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ مَالَهُ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْمَدْيُونِ، وَلِلْمَالِكِ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِهِ لِيَسْتَوْفِيَ مِثْلَهُ لَا عَيْنَهُ (قَوْلُهُ كَوَدِيعَتِهِ) أَيْ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ مُلْتَقًى قَالَ ط وَكَذَا غَيْرُهُ بِالْأَوْلَى وَفِي الْبَحْرِ: وَإِنَّمَا صَارَتْ وَدِيعَتُهُ غَنِيمَةً لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ تَقْدِيرًا لِأَنَّ يَدَ الْمُودِعِ كَيَدِهِ فَيَصِيرُ فَيْئًا تَبَعًا لِنَفْسِهِ، وَإِذَا صَارَ مَالُهُ غَنِيمَةً لَا خُمُسَ فِيهِ وَإِنَّمَا يُصْرَفُ كَمَا يُصْرَفُ الْخَرَاجُ، وَالْجِزْيَةُ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ بِلَا قِتَالٍ بِخِلَافِ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ فِي الرَّهْنِ) فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِلْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُبَاعُ وَيُسْتَوْفَى دَيْنُهُ وَالزِّيَادَةُ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ بَحْرٌ وَرَدَّهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ تَقْدِيمَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يُؤْذِنُ بِتَرْجِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>