للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَطَاقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ كَافِيٌّ

(وَيُنْقِصُ مِمَّا وُظِّفَ) عَلَيْهَا (إنْ لَمْ تُطِقْ) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْخَارِجُ ضِعْفَ الْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ فَيُنْقَصُ إلَى نِصْفِ الْخَارِجِ وُجُوبًا وَجَوَازًا عِنْدَ الْإِطَاقَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى النِّصْفِ وَلَا يُنْقَصُ عَنْ الْخُمُسِ

ــ

[رد المحتار]

مُسْتَأْجَرَةً. اهـ.

أَيْ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ يَدْفَعُهَا لِلزُّرَّاعِ بِأَحَدِ طَرِيقَيْنِ: إمَّا بِإِقَامَتِهِمْ مَقَامَ الْمُلَّاكِ فِي الزِّرَاعَةِ، وَإِعْطَاءِ الْخَرَاجِ، وَإِمَّا بِإِجَارَتِهَا لَهُمْ بِقَدْرِ الْخَرَاجِ، فَقَوْلُهُ: بِقَدْرِ الْخَرَاجِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ. قُلْت: لَكِنَّ الْمَأْخُوذَ الْآنَ مِنْ الْأَرَاضِي الشَّامِيَّةِ الَّتِي آلَتْ إلَى بَيْتِ الْمَالِ بِمُوجِبِ الْبَرَاءَةِ وَالدَّفَاتِرِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَكَذَا مِنْ الْأَوْقَافِ شَيْءٌ كَثِيرٌ فَإِنَّ مِنْهَا مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نِصْفُ الْخَارِجِ، وَمِنْهَا الرُّبْعُ، وَمِنْهَا الْعُشْرُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ فَيُؤْخَذُ بِقَدْرِهِ إذَا صَارَ بَدَلَ أُجْرَةٍ، وَلَعَلَّ مَا مَرَّ مِنْ التَّوْظِيفِ كَانَ عَلَى سَوَادِ الْعِرَاقِ فَقَطْ، وَالْمَوْضُوعُ عَلَى الْأَرَاضِي الشَّامِيَّةِ كَانَ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ فَبَقِيَ الْمَأْخُوذُ قَدْرُهُ وَقَدَّمْنَا التَّصْرِيحَ عَنْ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ بِأَنَّهُ خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَطَاقَتْ) تَعْمِيمٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ إلَخْ، فَيَشْمَلُ مَا لَمْ يُوَظَّفْ كَمَا صَرَّحَ فِي قَوْلِهِ: وَغَايَةُ الطَّاقَةِ نِصْفُ الْخَارِجِ، وَيَشْمَلُ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ وَكَذَا الْمُوَظَّفُ مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَمَا فِي الْبَحْرِ أَوْ مِنْ إمَامٍ بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ فَافْهَمْ.

مَطْلَبٌ لَا يَلْزَمُ جَمِيعُ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ إذَا لَمْ تُطِقْ لِكَثْرَةِ الْمَظَالِمِ

(قَوْلُهُ وَجَوَازًا عِنْدَ الْإِطَاقَةِ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: وَيُنْقَصُ مِمَّا وُظِّفَ إنْ لَمْ تُطِقْ يُفْهَمُ مِنْهُ إنَّهَا إنْ أَطَاقَتْ لَا يُنْقَصُ مِنْهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الدِّرَايَةِ مِنْ جَوَازِ النُّقْصَانِ عِنْدَ الْإِطَاقَةِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِطَاقَةِ وَبِجَوَازِهِ عِنْدَ الْإِطَاقَةِ لَكَانَ حَسَنًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الدِّرَايَةِ فَتَدَبَّرْهُ. اهـ. وَحِينَئِذٍ فَالْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إنْ لَمْ تُطِقْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّنْقِيصُ عِنْدَ الْإِطَاقَةِ فَلَا يُنَافِي جَوَازَهُ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وُجُوبًا قَيْدٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُنْقَصُ مِمَّا وُظِّفَ لَا لِقَوْلِهِ فِي الشَّرْحِ فَيُنْقَصُ إلَى نِصْفِ الْخَارِجِ وَقَوْلُهُ: وَجَوَازًا عُطِفَ عَلَى وُجُوبًا فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَيُنْقَصُ وُجُوبًا مِمَّا وُظِّفَ إنْ لَمْ تُطِقْ، وَجَوَازًا إنْ أَطَاقَتْ، وَهَذَا كَلَامٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ مُقْتَضَى هَذَا الْعَطْفِ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ الْكَرْمِ مَثَلًا لَوْ بَلَغَ أَلْفَ دِرْهَمٍ جَازَ أَخْذُ خَمْسِمِائَةٍ وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إنْ بَلَغَ الْخَارِجُ ضِعْفَ الْمُوَظَّفِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُنْقِصَ عَنْ الْمُوَظَّفِ. اهـ.

وَوَجْهُ السُّقُوطِ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يُرَادُ لَوْ كَانَ قَوْلُهُ وُجُوبًا قَيْدًا لِقَوْلِهِ فَيُنْقَصُ إلَى نِصْفِ الْخَارِجِ فَيَصِيرُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَجَوَازُ أَنَّهُ يُنْقَصُ إلَى نِصْفِ الْخَارِجِ جَوَازًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلَا مُوجِبَ لِهَذَا الْحِلِّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى النِّصْفِ إلَخْ) هَذَا فِي خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِهِ لِانْفِهَامِهِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالنِّصْفِ وَالْخُمُسِ فَإِنَّ خَرَاجَ الْوَظِيفَةِ لَيْسَ فِيهِ جَزْءٌ مُعَيَّنٌ تَأَمَّلْ.

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَسَكَتَ عَنْ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ، وَهُوَ إذَا مَنَّ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ بِأَرَاضِيِهِمْ وَرَأَى أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِمْ جُزْءًا مِنْ الْخَارِجِ كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْعُشْرِ وَمِنْ حُكْمِهِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى النِّصْفِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ الْخُمُسِ قَالَهُ الْحَدَّادِيُّ اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ: وَيَنْبَغِي مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النِّصْفِ غَيْرُ جَائِزَةٍ كَمَا مَرَّ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَكَأَنَّ عَدَمَ التَّنْقِيصِ عَنْ الْخُمُسِ غَيْرُ مَنْقُولٍ فَذَكَرَهُ الْحَدَّادِيُّ بَحْثًا، لَكِنْ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ تُطِيقُ، فَلَوْ كَانَتْ قَلِيلَةَ الرِّيعِ كَثِيرَةَ الْمُؤَنِ يُنْقِصُ، إذْ يَجِبُ أَنْ يَتَفَاوَتَ الْوَاجِبُ لِتَفَاوُتِ الْمُؤْنَةِ كَمَا فِي أَرْضِ الْعُشْرِ ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْكَافِي: وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ الْخَرَاجَ الْمُوَظَّفَ إلَى خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ. أَقُولُ: وَكَذَلِكَ عَكْسُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ تَعْلِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لِأَنَّ فِيهِ نَقْضَ الْعَهْدِ وَهُوَ حَرَامٌ. اهـ.

قُلْت: صَرَّحَ بِالْعَكْسِ الْقُهُسْتَانِيُّ وَقَدَّمْنَا عَلَى الرَّمْلِيِّ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْأَرَاضِي الشَّامِيَّةِ خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ، وَكَتَبْنَا أَنَّ مَا صَارَ مِنْهَا لِبَيْتِ الْمَالِ تُؤْخَذُ أُجْرَتُهُ بِقَدْرِ الْخَرَاجِ وَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ خَرَاجًا، فَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>