حَدَّادِيٌّ، وَفِيهِ لَوْ غَرَسَ بِأَرْضِ الْخَرَاجِ كَرْمًا أَوْ شَجَرًا فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْأَرْضِ إلَى أَنْ يُطْعِمَ وَكَذَا لَوْ قَلَعَ الْكَرْمَ. وَزَرَعَ الْحَبَّ فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْكَرْمِ، وَإِذَا أَطْعَمَ فَعَلَيْهِ قَدْرُ مَا يُطِيقُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَا يُنْقِصُ عَمَّا كَانَ وَكُلُّ مَا يُمْكِنُ الزَّرْعُ تَحْتَ شَجَرِهِ فَبُسْتَانٌ، وَمَا لَا يُمْكِنُ فَكَرْمٌ، وَأَمَّا الْأَشْجَارُ الَّتِي عَلَى الْمُسَنَّاةِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا انْتَهَى: وَفِي زَكَاةِ الْخَانِيَّةِ قَوْمٌ شَرَوْا ضَيْعَةً فِيهَا كَرْمٌ وَأَرْضٌ فَشَرَى أَحَدُهُمَا الْكَرَمَ وَالْآخَرُ الْأَرَاضِيَ وَأَرَادُوا قَسْمَ الْخَرَاجِ، فَلَوْ مَعْلُومًا فَكَمَا كَانَ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ جُمْلَةً -
ــ
[رد المحتار]
تُعْتَبَرُ فِيهِ الطَّاقَةُ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ التَّيْمَارِ وَالزَّعَامَاتِ مِنْ مُطَالَبَةِ أَهْلِ الْقُرَى بِجَمِيعِ مَا عَيَّنَهُ لَهُمْ السُّلْطَانُ عَلَى الْقُرَى كَالْقَسْمِ مِنْ النِّصْفِ وَنَحْوِهِ ظُلْمٌ مَحْضٌ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ فِي الدَّفَاتِرِ السُّلْطَانِيَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الزُّرَّاعِ، سِوَى ذَلِكَ الْقَسْمِ الْمُعَيَّنِ وَالْفَاضِلُ عَنْهُ يَبْقَى لِلزُّرَّاعِ، وَالْوَاقِعُ فِي زَمَانِنَا خِلَافُهُ فَإِنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْآنَ ظُلْمًا مِمَّا يُسَمَّى بِالذَّخَائِرِ وَغَيْرِهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ رُبَّمَا يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ الْخَارِجِ مِنْ بَعْضِ الْأَرَاضِي، بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا وَقَدْ شَاهَدْنَا مِرَارًا أَنَّ بَعْضَهُمْ يَنْزِلُ عَنْ أَرْضِهِ لِغَيْرِهِ بِلَا شَيْءٍ لِكَثْرَةِ مَا عَلَيْهَا مِنْ الظُّلْمِ، وَحِينَئِذٍ فَمُطَالَبَتُهُ بِالْقَسْمِ ظُلْمٌ عَلَى ظُلْمٍ وَالظُّلْمُ يَجِبُ إعْدَامُهُ فَلَا يَجُوزُ مُسَاعَدَةُ أَهْلِ التَّيْمَارِ عَلَى ظُلْمِهِمْ، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا تُطِيقُهُ الْأَرَاضِي، كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
وَنَقَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ مِنْ سِيرَةِ الْأَكَاسِرَةِ إذَا أَصَابَ زَرْعَ بَعْضِ الرَّعِيَّةِ آفَةٌ عَوَّضُوا لَهُ مَا أَنْفَقَهُ فِي الزِّرَاعَةِ مِنْ بَيْتِ مَالِهِمْ وَقَالُوا التَّاجِرُ شَرِيكٌ فِي الْخُسْرَانِ كَمَا هُوَ شَرِيكٌ فِي الرِّبْحِ، فَإِذَا لَمْ يُعْطِهِ الْإِمَامُ شَيْئًا فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ لَا يُغَرِّمَهُ الْخَرَاجَ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْأَرْضِ) كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ قَالَ ط: وَالْأَوْلَى خَرَاجُ الزَّرْعِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى فِي بَابِ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ أَيْ فَيَدْفَعُ صَاعًا وَدِرْهَمًا (قَوْلُهُ إلَى أَنْ يُطْعِمَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: أَطْعَمْت الشَّجَرَةَ بِالْأَلِفِ أَدْرَكَ ثَمَرُهَا (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْكَرْمِ) أَيْ دَائِمًا لِأَنَّهُ صَارَ إلَى الْأَدْنَى مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْأَعْلَى، قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ قَالُوا: مَنْ انْتَقَلَ إلَى أَخَسِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْأَعْلَى كَمَنْ لَهُ أَرْضُ الزَّعْفَرَانِ فَتَرَكَهُ وَزَرَعَ الْحُبُوبَ فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الزَّعْفَرَانِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ كَرْمٌ فَقَطَعَ وَزَرَعَ الْحُبُوبَ فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْكَرْمِ وَهَذَا شَيْءٌ يُعْلَمُ، وَلَا يُفْتَى بِهِ كَيْ لَا يَطْمَعَ الظَّلَمَةُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ كَذَا فِي الْكَافِي ح قَالَ فِي الْفَتْحِ: إذْ يَدَّعِي كُلُّ ظَالِمٍ أَنَّ أَرْضَهُ كَانَتْ تَصْلُحُ لِزِرَاعَةِ الزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِ وَعِلَاجُهُ صَعْبٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِذَا أُطْعِمَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَى أَنْ يُطْعِمَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: لَوْ أَنْبَتَ أَرْضُهُ كَرْمًا فَعَلَيْهِ خَرَاجُهَا إلَى أَنْ يُطْعِمَ، فَإِذَا أُطْعِمَ، فَإِنْ كَانَ ضِعْفَ وَظِيفَةِ الْكَرْمِ فَفِيهِ وَظِيفَةُ الْكَرْمِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَنِصْفُهُ إلَى أَنْ يَنْقُصَ عَنْ قَفِيزٍ وَدِرْهَمٍ، فَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ قَفِيزٌ وَدِرْهَمٌ. اهـ. وَالْقَفِيزُ صَاعٌ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ لِلزِّرَاعَةِ، فَلَوْ لِلرَّطْبَةِ فَالظَّاهِرُ لُزُومُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ وَلَا يَنْقُصُ عَمَّا كَانَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَا يُمْكِنُ إلَخْ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ ح (قَوْلُهُ عَلَى الْمُسَنَّاةِ) قَالَ فِي جَامِعِ اللُّغَةِ: الْمُسَنَّاةُ الْعَرِمُ، وَهُوَ مَا يُبْنَى لِلسَّيْلِ لِيَرُدَّ الْمَاءَ. اهـ. ح. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهَا مَا يُبْنَى حَوْلَ الْأَرْضِ لِيَرُدَّ السَّيْلَ عَنْهَا، وَتُسَمَّى حَافَّتَا النَّهْرِ مُسَنَّاةٌ أَيْضًا
، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا كَذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مَحَلَّ الزَّرْعِ فَلَا يُسَمَّى شَاغِلًا لِلْأَرْضِ فَيَكُونَ تَابِعًا لَهَا (قَوْلُهُ قَوْمٌ) أَرَادَ بِاسْمِ الْجَمْعِ الِاثْنَيْنِ مَجَازًا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ أَحَدُهُمَا وَوَاوُ الْجَمْعِ فِي شَرَوْا بِاعْتِبَارِ صُورَةِ اسْمِ الْجَمْعِ ح (قَوْلُهُ وَفِيهَا كَرْمٌ) أَرَادَ بِهِ الْجِنْسَ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ بِقَرِينَةِ الْجَمْعِ فِيمَا يَأْتِي ح (قَوْلُهُ فَشَرَى) عُطِفَ عَلَى شَرَوْا عَطْفُ مُفَصَّلٍ عَلَى مُجْمَلٍ ح (قَوْلُهُ فَلَوْ مَعْلُومًا) أَيْ عَلِمَ حِصَّةَ الْكُرُومِ وَحِصَّةَ الْأَرَاضِي مِنْ الْخَرَاجِ الْمَأْخُوذِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ جُمْلَةً) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِأَنْ كَانَ جُمْلَةً أَيْ بِأَنْ كَانَ خَرَاجَ الضَّيْعَةِ يُؤْخَذُ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِحِصَّةِ الْكُرُومِ وَحِصَّةِ الْأَرَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute