فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ الْكُرُومُ إلَّا كُرُومًا قُسِمَ بِقَدْرِ الْحِصَصِ قَرْيَةٌ خَرَاجُهُمْ مُتَفَاوِتٌ، فَطَلَبُوا التَّسْوِيَةَ إنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ ابْتِدَاءً تُرِكَ عَلَى مَا كَانَ
(وَلَا خَرَاجَ إنْ غَلَبَ الْمَاءُ عَلَى أَرْضِهِ أَوْ انْقَطَعَ) الْمَاءُ (أَوْ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ كَغَرَقٍ وَحَرْقٍ وَشِدَّةِ بَرْدٍ) إلَّا إذَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ مَا يُمْكِنُ الزَّرْعُ فِيهِ ثَانِيًا (أَمَّا إذَا كَانَتْ الْآفَةُ غَيْرَ سَمَاوِيَّةٍ) وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا (كَأَكْلِ قِرَدَةٍ وَسِبَاعٍ وَنَحْوِهِمَا) كَأَنْعَامٍ وَفَأْرٍ وَدُودَةِ بَحْرٍ (أَوْ هَلَكَ) الْخَارِجُ (بَعْدَ الْحَصَادِ لَا) يَسْقُطُ وَقَبْلَهُ يَسْقُطُ وَلَوْ هَلَكَ بَعْضُهُ إنْ فَضَلَ عَمَّا أَنْفَقَ شَيْءٌ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تُعْرَفُ إلَخْ) يَعْنِي لَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ أَنَّ الْكُرُومَ كَانَتْ أَرَاضِيَ، وَلَا أَنَّ الْأَرَاضِيَ كَانَتْ كُرُومًا ح (قَوْلُهُ قُسِمَ بِقَدْرِ الْحِصَصِ) أَيْ يُنْظَرُ إلَى خَرَاجِ الْكُرُومِ وَالْأَرَاضِي، فَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ يَقْسِمُ جُمْلَةَ خَرَاجِ الضَّيْعَةِ عَلَيْهَا عَلَى قَدْرِ حِصَصِهَا ح عَنْ الْخَانِيَّةِ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَرَاجِهِمَا خَرَاجَ وَظِيفَةٍ بِأَنْ يَنْظُرَ كَمْ جَرِيبًا فِيهِمَا فَإِذَا بَلَغَ خَرَاجُ الْكُرُومِ مِائَةَ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَخَرَاجُ الْأَرَاضِي مِائَتَيْنِ يَقْسِمُ جُمْلَةَ خَرَاجِ الضَّيْعَةِ عَلَيْهِمَا ثَلَاثَةً ثُلُثُهُ عَلَى الْكُرُومِ وَثُلُثَاهُ عَلَى الْأَرَاضِي (قَوْلُهُ قَرْيَةٌ) الْمُرَادُ أَهْلُهَا؛ فَلِذَا قَالَ خَرَاجُهُمْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ خَرَاجَ أَرَاضِيهِمْ كَانَ عَلَى التَّسَاوِي أَمْ لَا تُرِكَ كَمَا كَانَ. [تَنْبِيهٌ]
فِي الْخَيْرِيَّةِ سُئِلَ فِي مَسْجِدِ قَرْيَةٍ لَهُ أَرْضٌ لَمْ يُعْرَفْ عَلَيْهَا خَرَاجٌ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ، وَيُرِيدُ السَّبَاهِي الْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْقَرْيَةِ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا خَرَاجًا. أَجَابَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالْقَدِيمُ يَبْقَى عَلَى قِدَمِهِ، وَحَمْلُ أَحْوَالِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّلَاحِ وَاجِبٌ.
(قَوْلُهُ وَلَا خَرَاجَ إلَخْ) أَيْ خَرَاجَ الْوَظِيفَةِ وَكَذَا خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ وَالْعُشْرُ بِالْأَوْلَى لِتَعَلُّقِ الْوَاجِبِ بِعَيْنِ الْخَارِجِ فِيهِمَا وَمِثْلُ الزَّرْعِ الرَّطْبَةُ وَالْكَرْمُ وَنَحْوُهُمَا خَيْرِيَّةٌ (قَوْلُهُ مَا يُمْكِنُ الزَّرْعُ فِيهِ ثَانِيًا) قَالَ فِي الْكُبْرَى وَالْفَتْوَى أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ احْتِرَازٌ عَنْهَا) خَرَجَ مَا لَا يُمْكِنُ كَالْجَرَادِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ كَأَنْعَامٍ) وَكَقِرَدَةٍ وَسِبَاعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَفَأْرٍ وَدُودَةٍ) عِبَارَةُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الدُّودَةَ وَالْفَأْرَةَ إذَا أَكَلَا الزَّرْعَ لَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ. اهـ. قُلْت: لَا شَكَّ أَنَّهُمَا مِثْلُ الْجَرَادِ فِي عَدَمِ إمْكَانِ الدَّفْعِ، وَفِي النَّهْرِ لَا يَنْبَغِي التَّرَدُّدُ فِي كَوْنِ الدُّودَةِ آفَةً سَمَاوِيَّةً، وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَأَقُولُ إنْ كَانَ كَثِيرًا غَالِبًا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِحِيلَةٍ يَجِبُ أَنْ يَسْقُطَ بِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ لَا يَسْقُطُ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ لِلصَّوَابِ (قَوْلُهُ أَوْ هَلَكَ الْخَارِجُ بَعْدَ الْحَصَادِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ قَبْلَهُ يَسْقُطُ الْخَرَاجُ لَكِنْ يُخَالِفُهُ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِيمَا لَوْ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَإِنَّ الزَّرْعَ اسْمٌ لِلْقَائِمِ فِي أَرْضِهِ، فَحَيْثُ وَجَبَ الْخَرَاجُ بِهَلَاكِهِ بِآفَةٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا عُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ قَبْلَ الْحَصَادِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْهَلَاكُ هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ بِمَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَتَنْدَفِعُ الْمُخَالَفَةُ.
وَقَدَّمْنَا فِي بَابِ الْعُشْرِ مِنْ الزَّكَاةِ الِاخْتِلَافَ فِي وَقْتِ وُجُوبِهِ. فَعِنْدَهُ يَجِبُ عِنْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ وَالْأَمْنِ عَلَيْهَا مِنْ الْفَسَادِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْحَصَادَ إذَا بَلَغَتْ حَدًّا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَعِنْدَ الثَّانِي عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْحَصَادِ، وَعِنْدَ الثَّالِثِ إذَا حُصِدَتْ وَصَارَتْ فِي الْجَرِينِ، فَلَوْ أَكَلَ مِنْهَا بَعْدَ بُلُوغِ الْحَصَادِ قَبْلَ أَنْ تُحْصَدَ ضَمِنَ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَلَوْ بَعْدَمَا صَارَتْ فِي الْجَرِينِ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا وَمَرَّ تَمَامُهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ وَقَبْلَهُ يَسْقُطُ) أَيْ إلَّا إذَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الزِّرَاعَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَلَفَ ط. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَلَوْ هَلَكَ الْخَارِجُ فِي خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ قَبْلَ الْحَصَادِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْخَارِجِ حَقِيقَةً، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الشَّرِيكِ شَرِكَةَ الْمِلْكِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي، فَاعْلَمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَيَكْثُرُ وُقُوعُهُ فِي بِلَادِنَا وَفِي الْخَانِيَّةِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي سُقُوطِهِ فِي حِصَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ بَعْدَ الْحَصَادِ وَوُجُوبُهُ عَلَيْهِ فِي حِصَّةِ الْأَكَّارِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ الْأَرْضَ فِي حِصَّتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ إنْ فَضَلَ عَمَّا أَنْفَقَ) يَنْبَغِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute