مِنْ أَرَاضِي مِصْرَ أُجْرَةٌ لَا خَرَاجٌ فَمَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ الْأَخْذِ مِنْ الْفَلَاحِ وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ وَيُسَمَّى ذَلِكَ فِلَاحَةً وَإِجْبَارُهُ عَلَى السُّكْنَى فِي بَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ يَعْمُرُ دَارِهِ وَيَزْرَعُ الْأَرْضَ حَرَامٌ بِلَا شُبْهَةٍ نَهْرٌ وَنَحْوُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ مَعْزِيًّا لِلْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِصْرَ الْآنَ لَيْسَتْ خَرَاجِيَّةً بَلْ بِالْأُجْرَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ لَمْ يَزْرَعْ وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَأْجِرًا، وَلَا جَبْرَ عَلَيْهِ بِتَسْيِيبِهَا، فَمَا يَفْعَلُهُ الظَّلَمَةُ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ حَرَامٌ خُصُوصًا إذَا أَرَادَ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ، وَقَالُوا لَوْ زَرَعَ الْأَخَسَّ قَادِرًا عَلَى الْأَعْلَى كَزَعْفَرَانٍ فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْأَعْلَى وَهَذَا يُعْلَمُ وَلَا يُفْتَى بِهِ كَيْ لَا يَتَجَرَّأَ الظَّلَمَةُ.
(بَاعَ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً إنْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ مِقْدَارُ مَا يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ الزِّرَاعَةِ فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ وَإِلَّا فَعَلَى الْبَائِعِ) عِنَايَةٌ.
(وَلَا يُؤْخَذُ الْعُشْرُ مِنْ الْخَارِجِ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ) لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ
(وَلَا يَتَكَرَّرُ الْخَرَاجُ بِتَكَرُّرِ الْخَارِجِ فِي سَنَةٍ لَوْ مُوَظَّفًا وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ (تَكَرَّرَ) لِتَعَلُّقِهِ بِالْخَارِجِ حَقِيقَةً (كَالْعُشْرِ) فَإِنَّهُ
ــ
[رد المحتار]
يَدْفَعُهَا لِغَيْرِهِ مُزَارَعَةً أَوْ بِالْأُجْرَةِ أَوْ يَبِيعُهَا وَلَمْ يَقُولُوا بِإِجْبَارِ صَاحِبِهَا، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَرَاضِيَ الشَّامِيَّةَ خَرَاجُهَا مُقَاسَمَةً لَا وَظِيفَةً فَلَا يَجِبُ بِالتَّعْطِيلِ أَصْلًا، وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ صَارَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا أُجْرَةً بِقَدْرِ الْخَرَاجِ، وَالْأُجْرَةُ لَا تَلْزَمُ هُنَا بِدُونِ الْتِزَامٍ، إمَّا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ أَوْ بِالزِّرَاعَةِ. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ أَقُولُ: رَأَيْت بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَفْتَى بِأَنَّهُ إذَا رَحَلَ الْفَلَّاحُ مِنْ قَرْيَتِهِ وَلَزِمَ خَرَابُ الْقَرْيَةِ بِرَحِيلِهِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعَوْدِ وَرُبَّمَا اغْتَرَّ بِهِ بَعْضُ الْجَهَلَةِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا رَحَلَ لَا عَنْ ظُلْمٍ وَجَوْرٍ وَلَا عَنْ ضَرُورَةٍ بَلْ تَعَنُّتًا وَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِإِعَادَتِهِ لِلْمَصْلَحَةِ وَهِيَ صِيَانَةُ الْقَرْيَةِ عَنْ الْخَرَابِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الْعَوْدِ، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ الظَّلَمَةُ الْآنَ مِنْ الْإِلْزَامِ بِالرَّدِّ إلَى الْقَرْيَةِ مَعَ التَّكَالِيفِ الشَّاقَّةِ وَالْجَوْرِ الْمُفْرِطِ فَلَا يَقُولُ بِهِ مُسْلِمٌ، وَقَدْ جَعَلَ الْحِصْنِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ رِسَالَةً أَقَامَ بِهَا الطَّامَّةَ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ فَارْجِعْ إلَيْهَا إنْ شِئْت (قَوْلُهُ كَيْ لَا يَتَجَرَّأُ الظَّلَمَةُ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَجُوزُ الْكِتْمَانُ وَأَنَّهُمْ لَوْ أَخَذُوا كَانَ فِي مَوْضِعِهِ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا أُجِيبَ بِأَنَّا لَوْ أَفْتَيْنَا بِذَلِكَ لَادَّعَى كُلُّ ظَالِمٍ فِي أَرْضٍ لَيْسَ شَأْنُهَا ذَلِكَ أَنَّهَا قَبْلَ هَذَا كَانَتْ تُزْرَعُ الزَّعْفَرَانَ فَيَأْخُذَ خَرَاجَ ذَلِكَ، وَهُوَ ظُلْمٌ وَعُدْوَانٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ بَاعَ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَتْ فَارِغَةً لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي اعْتِبَارِ مَا يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ زِرَاعَتِهِ، فَقِيلَ: الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ، وَقِيلَ أَيُّ زَرْعٍ كَانَ وَفِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ إدْرَاكُ الرِّيعِ بِكَمَالِهِ أَوَّلًا. وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى تَقْدِيرِهِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَهَذَا مِنْهُ اعْتِبَارٌ لِزَرْعِ الدُّخْنِ وَإِدْرَاكِ الرِّيعِ فَإِنَّ رِيعَ الدُّخْنِ يُدْرَكُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةً فَبَاعَهَا مَعَ الزَّرْعِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا، وَإِنْ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَانْعِقَادِ حَبِّهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهَا فَارِغَةً، وَلَوْ كَانَ لَهَا رِيعَانِ خَرِيفِيٌّ وَرَبِيعِيٌّ وَسَلَّمَ أَحَدَهُمَا لِلْبَائِعِ وَالْآخَرَ لِلْمُشْتَرِي فَالْخَرَاجُ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي وَلَمْ تَمْكُثْ فِي مِلْكِ أَحَدِهِمَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَلَا خَرَاجَ عَلَى أَحَدٍ. اهـ.
مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ عِنَايَةٌ) لَمْ أَجِدْهُ فِيهَا وَإِنَّمَا عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْبِنَايَةِ وَهِيَ شَرْحُ الْهِدَايَةِ لِلْعَيْنِيِّ
(قَوْلُهُ وَلَا يُؤْخَذُ الْعُشْرُ إلَخْ) أَيْ لَوْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ خَرَاجُهَا مُوَظَّفٌ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عُشْرُ الْخَارِجِ وَكَذَا لَوْ كَانَ خَرَاجُهَا مُقَاسَمَةً مِنْ النِّصْفِ وَنَحْوِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ عُشْرِيَّةً لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا خَرَاجٌ لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ، وَلِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَإِلَّا لَنُقِلَ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ وَلَا يَتَكَرَّرُ الْخَرَاجُ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَالْخَرَاجُ لَهُ شِدَّةٌ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ بِالتَّمَكُّنِ، وَلَهُ خِفَّةٌ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ تَكَرُّرِهِ فِي السَّنَةِ وَلَوْ زَرَعَ فِيهَا مِرَارًا وَالْعُشْرُ لَهُ شِدَّةٌ وَهُوَ تَكَرُّرُهُ بِتَكَرُّرِ خُرُوجِ الْخَارِجِ وَخِفَّةٌ بِتَعَلُّقِهِ بِعَيْنِ الْخَارِجِ فَإِذَا عَطَّلَهَا لَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ. اهـ.
قُلْت: وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْخَرَاجَ يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَبِالتَّدَاخُلِ كَالْجِزْيَةِ وَقِيلَ لَا كَالْعُشْرِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ