يَتَكَرَّرُ.
(تَرَكَ السُّلْطَانِ) أَوْ نَائِبُهُ (الْخَرَاجَ لِرَبِّ الْأَرْضِ) أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَلَوْ بِشَفَاعَةٍ (جَازَ) عِنْدَ الثَّانِي وَحَلَّ لَهُ لَوْ مَصْرِفًا وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ بِهِ يُفْتَى، وَمَا فِي الْحَاوِي مِنْ تَرْجِيحِ حِلِّهِ لِغَيْرِ الْمَصْرِفِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ (وَلَوْ تَرَكَ الْعُشْرَ لَا) يَجُوزُ إجْمَاعًا وَيُخْرِجُهُ بِنَفْسِهِ لِلْفُقَرَاءِ سِرَاجٌ، خِلَافًا لِمَا فِي قَاعِدَةِ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ مَعْزِيًّا لِلْبَزَّازِيَّةِ فَتَنَبَّهْ وَفِي النَّهْرِ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الثَّانِي حُكْمُ الْإِقْطَاعَاتِ مِنْ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ إذْ حَاصِلُهَا: أَنَّ الرَّقَبَةَ لِبَيْتِ الْمَالِ -
ــ
[رد المحتار]
فِي الْفَصْلِ الْآتِي.
(قَوْلُهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ) بِأَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ أَعْطَاهُ إيَّاهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ الثَّانِي) أَيْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ بَحْرٌ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ مَصْرِفًا لِلْخَرَاجِ (قَوْلُهُ وَحَلَّ لَهُ لَوْ مَصْرِفًا) أَعَادَهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ: جَازَ أَيْ جَازَ مَا فَعَلَهُ السُّلْطَانُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ حِلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَفِي الْقُنْيَةِ وَيُعْذَرُ فِي صَرْفِهِ إلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ مَصْرِفًا كَالْمُفْتِي، وَالْمُجَاهِدِ وَالْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ وَالذَّاكِرِ وَالْوَاعِظِ عَنْ عِلْمٍ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ، وَكَذَا إذَا تَرَكَ عُمَّالُ السُّلْطَانِ الْخَرَاجَ لِأَحَدٍ بِدُونِ عِلْمِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ) أَيْ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الْعَامَّةُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعُشْرَ مَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ زَكَاةُ الْخَارِجِ، وَلَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ مَصْرِفًا لِزَكَاةِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْخَرَاجِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ زَكَاةً وَلِذَا يُوضَعُ عَلَى أَرْضِ الْكَافِرِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مَعْزِيًّا لِلْبَزَّازِيَّةِ) وَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ السُّلْطَانُ إذَا تَرَكَ الْعُشْرَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ جَازَ، غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، لَكِنْ إنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ لَهُ فَقِيرًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى السُّلْطَانِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا ضَمِنَ السُّلْطَانُ الْعُشْرَ لِلْفُقَرَاءِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْخَرَاجِ لِبَيْتِ مَالِ الصَّدَقَةِ. اهـ. قُلْت: وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْغَنِيُّ مِنْ مُسْتَحَقِّي الْخَرَاجِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ السُّلْطَانُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ تَأَمَّلْ وَقَدَّمْنَا فِي بَابِ الْعَشْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ مِثْلَ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبُرْجَنْدِيِّ فِي بَيَانِ مَصْرِفِ الْجِزْيَةِ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَ الْعُشُورَ لِلْمُقَاتِلَةِ جَازَ لِأَنَّهُ مَالٌ حَصَلَ بِقُوَّتِهِمْ اهـ فَلْيُحْفَظْ وَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ اهـ: أَيْ بِحَمْلِ الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ عَلَى غَيْرِ الْمُقَاتِلَةِ وَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ عَلَيْهِمْ. قُلْت: لَكِنْ قَوْلُهُ لَوْ جَعَلَ الْعُشُورَ لِلْمُقَاتِلَةِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي جَعْلِ عُشُورِ أَرَاضِيهِمْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي النَّهْرِ) مِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كَلَامِ النَّهْرِ (قَوْلُهُ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الثَّانِي) أَيْ بِجَوَازِ تَرْكِ الْخَرَاجِ وَهِبَتِهِ لِمَنْ هُوَ مَصْرِفٌ لَهُ. مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْإِقْطَاعِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
(قَوْلُهُ حُكْمُ الْإِقْطَاعَاتِ إلَخْ) قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَ كُلَّ مَوَاتٍ وَكُلَّ مَا لَيْسَ فِيهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ، وَيَعْمَلَ بِمَا يَرَى أَنَّهُ خَيْرٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَعَمُّ نَفْعًا وَقَالَ أَيْضًا: وَكُلُّ أَرْضٍ لَيْسَتْ لِأَحَدٍ، وَلَا عَلَيْهَا أَثَرُ عِمَارَةٍ فَأَقْطَعهَا رَجُلًا فَعَمَرَهَا، فَإِنْ كَانَتْ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ أَدَّى عَنْهَا الْخَرَاجَ وَإِنْ كَانَتْ عُشْرِيَّةً فَفِيهَا الْعُشْرُ، وَقَالَ فِي ذِكْرِ الْقَطَائِعِ إنَّ عُمَرَ اصْطَفَى أَمْوَالَ كِسْرَى، وَأَهْلَ كِسْرَى، وَكُلَّ مَنْ فَرَّ عَنْ أَرْضِهِ أَوْ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ وَكُلَّ مَفِيضِ مَاءٍ أَوْ أَجَمَةٍ فَكَانَ عُمَرُ يَقْطَعُ مَنْ هَذَا لِمَنْ أُقْطِعَ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ بَيْتِ الْمَالِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ، وَلَا فِي يَدِ وَارِثٍ فَلِلْإِمَامِ الْعَادِلِ أَنْ يُجِيزَ مِنْهُ وَيُعْطِيَ مَنْ كَانَ لَهُ عَنَاءٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَيَضَعُ ذَلِكَ مَوْضِعَهُ، وَلَا يُحَابِي بِهِ فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْأَرْضُ، فَهَذَا سَبِيلُ الْقَطَائِعِ عِنْدِي فِي أَرْضِ الْعِرَاقِ، وَإِنَّمَا صَارَتْ الْقَطَائِعُ يُؤْخَذُ مِنْهَا الْعُشْرُ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ. اهـ. قُلْت: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَطَائِعَ قَدْ تَكُونُ مِنْ الْمَوَاتِ، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِمَنْ هُوَ مِنْ مَصَارِفِهِ، وَأَنَّهُ يَمْلِكُ رَقَبَةَ الْأَرْضِ، وَلِذَا قَالَ يُؤْخَذُ مِنْهَا الْعُشْرُ، لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ أَيْضًا: وَكُلُّ مَنْ أَقْطَعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute