للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِسَبِّهِ لِلْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اهـ. قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ ابْنَ كَمَالٍ بَاشَا فِي أَحَادِيثِهِ الْأَرْبَعِينِيَّةِ فِي الْحَدِيثِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ: يَا عَائِشَةُ لَا تَكُونِي فَاحِشَةً مَا نَصُّهُ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ يُقْتَلُ عِنْدَنَا إذَا أَعْلَنَ بِشَتْمِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَرَّحَ بِهِ فِي سِيَرِ الذَّخِيرَةِ، حَيْثُ قَالَ: وَاسْتَدَلَّ مُحَمَّدٌ لِبَيَانِ قَتْلِ الْمَرْأَةِ إذَا أَعْلَنَتْ بِشَتْمِ الرَّسُولِ بِمَا رُوِيَ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَدِيٍّ لَمَّا سَمِعَ عَصْمَاءَ بِنْتَ مَرْوَانَ تُؤْذِي الرَّسُولَ فَقَتَلَهَا لَيْلًا مَدَحَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ» انْتَهَى فَلْيُحْفَظْ

(وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِ بَالِغِ تَغْلِبِينَ وَتَغْلَبِيَّةٍ) لَا مِنْ طِفْلِهِمْ إلَّا الْخَرَاجَ (ضِعْفُ زَكَاتِنَا) بِأَحْكَامِهَا (مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ) الْمَعْهُودَةُ بَيْنَنَا لِأَنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ كَذَلِكَ (وَ) يُؤْخَذُ (مِنْ مَوْلَاهُ) أَيْ مُعْتِقُ التَّغْلِبِيِّ (فِي الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ كَمَوْلَى الْقُرَشِيِّ) وَحَدِيثُ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» مَخْصُوصٌ بِالْإِجْمَاعِ

ــ

[رد المحتار]

وَالْمَقْدِسِيِّ، لَكِنْ عَلِمْت تَقْيِيدَهُ بِالْإِعْلَانِ، أَوْ بِمَا فِي الصَّارِمِ الْمَسْلُولِ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّكْرَارِ (قَوْلُهُ لِسَبِّهِ لِلْأَنْبِيَاءِ) الْمُرَادُ الْجِنْسُ وَإِلَّا فَهُوَ قَدْ سَبَّ نَبِيًّا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ يُؤَيِّدُهُ قَتْلُ الْكَافِرِ السَّابِّ (قَوْلُهُ فِي أَحَادِيثِهِ) الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَمَا فِي قَوْله مَا نَصُّهُ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِمَعْنَى شَيْءٍ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ، وَالْجُمْلَةُ مِنْ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ خَبَرُ إنَّ وَنَصُّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى مَنْصُوصِهِ مَرْفُوعٌ، عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ وَالْحَقُّ إلَخْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ إلَى آخِرِهَا أُرِيدَ بِهَا لَفْظُهَا فِي مَحَلِّ رَفْعٍ، عَلَى أَنَّهَا خَبَرُ نَصِّهِ وَجُمْلَةُ هَذَا الْمُبْتَدَأِ أَوْ خَبَرِهِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهَا صِفَةٌ لِمَا الْوَاقِعَةِ مُبْتَدَأً وَجُمْلَةُ مَا وَخَبَرُهَا الْمُقَدَّمُ خَبَرُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ أَنَّ ابْنَ كَمَالٍ وَالْمَعْنَى: أَنَّ ابْنَ كَمَالٍ شَيْءٌ مَنْصُوصُهُ، وَالْحَقُّ إلَخْ ثَابِتٌ فِي أَحَادِيثِهِ الْأَرْبَعِينِيَّةِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ حَيْثُ قَالَ إلَخْ) بَيَانُهُ أَنَّ هَذَا اسْتِدْلَالٌ مِنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الْمَرْأَةِ إذَا أَعْلَنَتْ بِالشَّتْمِ فَهُوَ مَخْصُوصٌ مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ، مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الذِّمِّيِّ الْمَنْهِيّ عَنْ قَتْلِهِ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ، إذَا أَعْلَنَ بِالشَّتْمِ أَيْضًا، وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ بِعِدَّةِ أَحَادِيثَ مِنْهَا: حَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ سَمِعْت امْرَأَةً مِنْ يَهُودٍ وَهِيَ تَشْتُمُك وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهَا لَمُحْسِنَةٌ إلَيَّ فَقَتَلْتهَا فَأَهْدَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَمَهَا»

(قَوْلُهُ تَغْلِبِيٍّ وَتَغْلَبِيَّةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ عَلَى الْأَصْلِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْتَحُهَا مِصْبَاحٌ نِسْبَةً إلَى تَغْلِبَ بْنِ وَائِلِ بْنِ رَبِيعَةَ بِوَزْنِ تَضْرِبُ قَوْمٌ تَنَصَّرُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَسَكَنُوا بِقُرْبِ الرُّومِ امْتَنَعُوا عَنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، فَصَالَحَهُمْ عُمَرُ عَلَى ضِعْفِ زَكَاتِنَا فَهُوَ وَإِنْ كَانَ جِزْيَةً فِي الْمَعْنَى إلَّا أَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُهَا مِنْ وَصْفِ الصَّغَارِ، وَتُقْبَلُ مِنْ النَّائِبِ بَلْ شَرَائِطُ الزَّكَاةِ وَأَسْبَابُهَا وَلِذَا أُخِذَتْ مِنْ الْمَرْأَةِ لِأَهْلِيَّتِهَا لَهَا بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَوَاشِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ إلَّا الْخَرَاجَ) أَيْ خَرَاجَ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ طِفْلِهِمْ وَالْمَجْنُونِ لِأَنَّهُ وَظِيفَةُ الْأَرْضِ وَلَيْسَ عِبَادَةً بَحْرٌ (قَوْلُهُ ضِعْفُ زَكَاتِنَا) فَيَأْخُذُ السَّاعِي مِنْ غَنَمِهِمْ السَّائِمَةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةٍ شَاتَيْنِ، وَمِنْ كُلِّ مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ أَرْبَعَ شِيَاهٍ وَعَلَى هَذَا مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ نَهْرٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِي بَقِيَّةِ أَمْوَالِهِمْ وَرَقَبَتِهِمْ كَمَا فِي الأتقاني يَعْنِي إلَّا إذَا مَرُّوا عَلَى الْعَاشِرِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُمْ ضِعْفَ مَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ كَمَوْلَى الْقُرَشِيِّ) يَعْنِي أَنَّ مُعْتِقَ التَّغْلِبِيِّ كَمُعْتِقِ الْقُرَشِيِّ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَتْبَعُ أَصْلَهُ، حَتَّى تُوضَعَ الْجِزْيَةُ وَالْخَرَاجُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يُوضَعَا عَلَى أَصْلِهِمَا تَخْفِيفًا وَالْمُعْتَقُ لَا يَلْحَقُ أَصْلَهُ فِي التَّخْفِيفِ وَلِذَا لَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ مَوْلًى نَصْرَانِيٌّ، وُضِعَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَحَدِيثُ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ وَهُوَ أَنَّ مَا عَلَّلْتُمْ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَقَ لَا يَلْحَقُ أَصْلَهُ فِي التَّخْفِيفِ مُعَارِضٌ لِلنَّصِّ وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ غَيْرُ مُجْرًى عَلَى عُمُومِهِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّ مَوْلَى الْهَاشِمِيِّ لَا يَلْحَقُهُ فِي الْكَفَاءَةِ لِلْهَاشِمِيَّةِ وَلَا فِي الْإِمَامَةِ، وَإِذَا كَانَ عَامًّا مَخْصُوصًا يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ أَيْضًا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْعِلَّةِ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>