(وَمَصْرِفُ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ وَمَالُ التَّغْلِبِيِّ وَهَدِيَّتُهُمْ لِلْإِمَامِ) وَإِنَّمَا يَقْبَلُهَا إذَا وَقَعَ عِنْدَهُمْ إنَّ قِتَالَنَا لِلدِّينِ لَا الدُّنْيَا جَوْهَرَةٌ (وَمَا أُخِذَ مِنْهُمْ بِلَا حَرْبٍ) وَمِنْهُ تَرِكَةُ ذِمِّيٍّ وَمَا أَخَذَهُ عَاشِرٌ مِنْهُمْ ظَهِيرِيَّةٌ (مَصَالِحُنَا) خَبَرُ مَصْرِفٍ (كَسَدِّ ثُغُورٍ وَبِنَاءِ قَنْطَرَةٍ وَجِسْرٍ وَكِفَايَةِ الْعُلَمَاءِ) وَالْمُتَعَلِّمِينَ تَجْنِيسٌ وَبِهِ يَدْخُلُ طَلَبَةُ الْعِلْمِ فَتْحٌ (وَالْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ) كَكَتَبَةِ قُضَاةٍ وَشُهُودِ قِسْمَةٍ وَرُقَبَاءِ سَوَاحِلَ (وَرِزْقِ الْمُقَاتِلَةِ وَذَرَارِيِّهِمْ) أَيْ ذَرَارِيِّ مَنْ ذُكِرَ مِسْكِينٌ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْبَحْرِ قَائِلًا: وَهَلْ يُعْطُونَ بَعْدَ مَوْتِ آبَائِهِمْ حَالَةَ الصِّغَرِ؟
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ
(قَوْلُهُ وَمَصْرِفُ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ إلَخْ) قَيَّدَ بِالْخَرَاجِ لِأَنَّ الْعُشْرَ مَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَقْبَلُهَا إلَخْ) تَرَكَ قَيْدًا آخَرَ ذَكَرَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُهْدِي لَا يَطْمَعُ فِي إيمَانِهِ لَوْ رُدَّتْ هَدَيْته فَلَوْ طَمِعَ فِي إيمَانِهِ بِالرَّدِّ لَا يَقْبَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَمَا أُخِذَ مِنْهُمْ بِلَا حَرْبٍ) فِيهِ أَنَّ مَا قَبْلَهُ مَأْخُوذٌ بِحَرْبٍ، لَكِنْ فَسَّرَهُ فِي النَّهْرِ بِالْمَأْخُوذِ صُلْحًا عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ قَبْلَ نُزُولِ الْعَسْكَرِ بِسَاحَتِهِمْ (قَوْلُهُ مَصَالِحُنَا) نَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَمَّسُ وَلَا يُقْسَمُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ نَهْرٌ، وَهُوَ جَمْعُ مَصْلَحَةٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ مَا يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى الْإِسْلَامِ ط عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ كَسَدِّ ثُغُورٍ) أَيْ حِفْظِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَيْسَ وَرَاءَهَا إسْلَامٌ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى جَمَاعَةٍ يَحْفَظُونَ الطَّرِيقَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَنْ اللُّصُوصِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِنَاءِ قَنْطَرَةٍ وَجِسْرٍ) الْقَنْطَرَةُ مَا بُنِيَ عَلَى الْمَاءِ لِلْعُبُورِ، وَالْجِسْر بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ مَا يُعْبَرُ بِهِ النَّهْرُ وَغَيْرُهُ مَبْنِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَمِثْلُهُ بِنَاءِ مَسْجِدٍ وَحَوْضٍ، وَرِبَاطٍ وَكَرْيِ أَنْهَارٍ عِظَامٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ كَالنِّيلِ وَجَيْحُونَ قُهُسْتَانِيٌّ وَكَذَا النَّفَقَةِ عَلَى الْمَسَاجِدِ كَمَا فِي زَكَاةِ الْخَانِيَّةِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الصَّرْفُ عَلَى إقَامَةِ شَعَائِرِهَا مِنْ وَظَائِفِ الْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ وَنَحْوِهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَكِفَايَةُ الْعُلَمَاءِ) هُمْ أَصْحَابُ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَنْ يُعَلِّمُ الْعُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ، فَيَشْمَلُ الصَّرْفَ وَالنَّحْوَ وَغَيْرَهُمَا حَمَوِيٌّ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ ط. وَفِي التَّعْبِيرِ بِالْكِفَايَةِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ وَكَذَا يُشْعِرُ بِاشْتِرَاطِ فَقْرِهِمْ، لَكِنْ فِي حَظْرِ الْخَانِيَّةِ سُئِلَ عَلِيُّ الرَّازِيّ عَنْ بَيْتِ الْمَالِ هَلْ لِلْأَغْنِيَاءِ فِيهِ نَصِيبٌ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَامِلًا أَوْ قَاضِيًا، وَلَيْسَ لِلْفُقَهَاءِ فِيهِ نَصِيبٌ إلَّا فَقِيهٌ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِتَعْلِيمِ النَّاسِ الْفِقْهَ أَوْ الْقُرْآنَ. اهـ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: أَيْ بِأَنْ صَرَفَ غَالِبَ أَوْقَاتِهِ فِي الْعِلْمِ وَلَيْسَ مُرَادُ الرَّازِيّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْعَامِلِ، أَوْ الْقَاضِي، بَلْ أَشَارَ بِهِمَا إلَى كُلِّ مَنْ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِعَمَلِ الْمُسْلِمِينَ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُفْتِي وَالْجُنْدِيُّ، فَيَسْتَحِقَّانِ الْكِفَايَةَ مَعَ الْغَنِيِّ اهـ وَذَكَرَ قَبْلَهُ عَنْ الْفَتْحِ أَنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يَتَأَهَّلَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ لَكِنْ لِيَعْمَلَ بَعْدَهُ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَالْعُمَّالُ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّهُ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ جَمْعُ عَامِلٍ، وَهُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى أُمُورَ رَجُلٍ فِي مَالِهِ وَعَمَلِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُذَكِّرُ وَالْوَاعِظُ بِحَقٍّ وَعِلْمٍ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ، وَكَذَا الْوَالِي وَطَالِبُ الْعِلْمِ وَالْمُحْتَسِبُ، وَالْقَاضِي، وَالْمُفْتِي وَالْمُعَلِّمُ بِلَا أَجْرٍ كَمَا فِي الْمُضْمِرَاتِ (قَوْلُهُ وَشُهُودِ قِسْمَةٍ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ الْقِسْمَةَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، وَالشُّرَكَاءِ وَاسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِمْ، وَفِي نُسْخَةٍ: وَشُهُودِ قِيمَةٍ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى التَّقْوِيمِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي الْقِيمَةِ ط (قَوْلُهُ وَرُقَبَاءِ سَوَاحِلَ) جَمْعُ رَقِيبٍ مِنْ رَقَبْته أَرْقُبُهُ مِنْ بَابِ قَتَلَ: أَيْ حَفِظْته وَالسَّوَاحِلُ جَمْعُ سَاحِلٍ، وَهُوَ شَاطِئُ الْبَحْرِ مِصْبَاحٌ فَالْمُرَادُ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ السَّوَاحِلَ، وَهُمْ الْمُرَابِطُونَ فِي الثُّغُورِ أَوْ أَعَمُّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَرِزْقِ الْمُقَاتِلَةِ) الرِّزْقُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ مِنْ الرَّزْقِ بِالْفَتْحِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ قَامُوسٌ، وَقَالَ الرَّاغِبُ: الرِّزْقُ يُقَالُ لِلْعَطَاءِ الْجَارِي دِينِيًّا كَانَ أَوْ دُنْيَوِيًّا وَلِلنَّصِيبِ وَلِمَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ وَيَتَغَذَّى بِهِ قُهُسْتَانِيٌّ ط (قَوْلُهُ أَيْ ذَرَارِيِّ مَنْ ذُكِرَ إلَخْ) لِأَنَّ الْعِلَّةَ تَعُمُّ الْكُلَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيُّ وَمُنْلَا مِسْكِينٍ وَغَيْرُهُمَا، وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي تُوهِمُ تَخْصِيصَهُمْ بِالْمُقَاتِلَةِ وَبِهِ صَرَّحَ شَارِحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute