للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ أَرَهُ، وَإِلَى هُنَا تَمَّتْ مَصَارِفُ بَيْتِ الْمَالِ ثَلَاثَةٌ،

ــ

[رد المحتار]

الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَتَبِعَهُ فِي الْمِنَحِ دُرٌّ مُنْتَقًى، وَفَسَّرَ الذَّرَارِيَّ فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ بِالزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ: مَطْلَبٌ مَنْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ يُعْطَى وَلَدُهُ بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ لَمْ أَرَهُ) نَقَلَ الشَّيْخُ عِيسَى السَّفْطِيُّ فِي رِسَالَتِهِ مَا نَصُّهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ: إنَّ مَنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَفُرِضَ لَهُ اسْتِحْقَاقُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِذُرِّيَّتِهِ أَيْضًا تَبَعًا لَهُ، وَلَا يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي الْفَتْوَى: عَلَى أَنَّهُ يُفْرَضُ لِذَرَارِيِّ الْعُلَمَاءِ، وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُقَاتِلَةِ، وَمَنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يَسْقُطُ مَا فُرِضَ لِذَرَارِيِّهِمْ بِمَوْتِهِمْ اهـ ط. قُلْت: لَكِنَّ قَوْلَ الْمُتُونِ الْآتِي: وَمَنْ مَاتَ فِي نِصْفِ الْحَوْلِ حُرِمَ مِنْ الْعَطَاءِ يُنَافِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا يَجْرِي عَلَى الذَّرَارِيِّ عَطَاءٌ مُسْتَقِلٌّ خَاصٌّ بِالذَّرَارِيِّ لِإِعْطَاءِ الْمَيِّتِ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ تَأَمَّلْ، لَكِنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْحَاوِي لَمْ أَرَهُ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ، وَلَا فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ، وَرَاجَعْت مَوَاضِعَ كَثِيرَةً مِنْ كِتَابِ الْخَرَاجِ فَلَمْ أَرَهُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. نَعَمْ قَالَ الْحَمَوِيُّ فِي رِسَالَتِهِ: وَقَدْ ذَكَرَ عُلَمَاؤُنَا أَنَّهُ يُفْرَضُ لِأَوْلَادِهِمْ تَبَعًا وَلَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ الْأَصْلِ تَرْغِيبًا اهـ وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ: أَنَّ إعْطَاءَهُمْ بِالْأَوْلَى لِشِدَّةِ احْتِيَاجِهِمْ، سِيَّمَا إذَا كَانُوا يَجْتَهِدُونَ فِي سُلُوكِ طَرِيقِ آبَائِهِمْ. اهـ. مَطْلَبٌ مَنْ لَهُ وَظِيفَةٌ تَوَجَّهَ لِوَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ

وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ عَنْ الْخِزَانَةِ عَنْ مَبْسُوطِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ: إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ وَظِيفَةٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَإِعْزَازِ الْإِسْلَامِ كَأَجْرِ الْإِمَامَةِ وَالتَّأْذِينِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَلِلْمَيِّتِ أَبْنَاءٌ يُرَاعُونَ وَيُقِيمُونَ حَقَّ الشَّرْعِ وَإِعْزَازَ الْإِسْلَامِ، كَمَا يُرَاعِي وَيُقِيمُ الْأَبُ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ وَظِيفَةَ الْأَبِ لِأَبْنَاءِ الْمَيِّتِ لَا لِغَيْرِهِمْ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الشَّرْعِ، وَانْجِبَارِ كَسْرِ قُلُوبِهِمْ. اهـ. مَطْلَبٌ تَحْقِيقٌ مُهِمٌّ فِي تَوْجِيهِ الْوَظَائِفِ لِلِابْنِ

قَالَ الْبِيرِيُّ أَقُولُ: هَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا هُوَ عُرْفُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَمِصْرَ وَالرُّومِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْ إبْقَاءِ أَبْنَاءِ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانُوا صِغَارًا عَلَى وَظَائِفِ آبَائِهِمْ مُطْلَقًا مِنْ إمَامَةٍ وَخَطَابَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ عُرْفًا مَرْضِيًّا لِأَنَّ فِيهِ إحْيَاءَ خَلَفِ الْعُلَمَاءِ وَمُسَاعَدَتَهُمْ عَلَى بَذْلِ الْجَهْدِ فِي الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ، وَقَدْ أَفْتَى بِجَوَازِ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَكَابِرِ الْفُضَلَاءِ الَّذِينَ يُعَوَّلُ عَلَى إفْتَائِهِمْ. اهـ. قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ هِيَ إحْيَاءُ خَلَفِ الْعُلَمَاءِ وَمُسَاعَدَتُهُمْ عَلَى تَحْصِيلِ الْعِلْمِ، فَإِذَا اتَّبَعَ الِابْنُ طَرِيقَةَ وَالِدِهِ فِي الِاشْتِغَالِ فِي الْعِلْمِ، فَذَلِكَ ظَاهِرٌ.

أَمَّا إذَا أَهْمَلَ ذَلِكَ وَاشْتَغَلَ بِاللَّهْوِ وَاللَّعِبِ أَوْ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا جَاهِلًا غَافِلًا مُعَطِّلًا لِلْوَظَائِفِ الْمَذْكُورَةِ، أَوْ يُنِيبُ غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ، وَيَصْرِفُ بَاقِيَ ذَلِكَ فِي شَهَوَاتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمَا فِيهِ مِنْ أَخْذِ وَظَائِفِ الْعُلَمَاءِ، وَتَرْكِهِمْ بِلَا شَيْءٍ يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى الْعِلْمِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي زَمَانِنَا، فَإِنَّ عَامَّةَ أَوْقَافِ الْمَدَارِسِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْوَظَائِفِ فِي أَيْدِي جَهَلَةٍ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ دِينِهِمْ، وَيَأْكُلُونَ ذَلِكَ بِلَا مُبَاشَرَةٍ وَلَا إنَابَةٍ بِسَبَبِ تَمَسُّكِهِمْ بِأَنَّ خُبْزَ الْأَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>