للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِشَبَهِهِ بِالنَّبَاتِ لِكَوْنِهِ أَشْجَارًا نَابِتَةً فِي قَعْرِ الْبَحْرِ عَلَى مَا حَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَا (بِمُنْطَبِعٍ) كَفِضَّةٍ وَزُجَاجٍ (وَمُتَرَمِّدٍ) بِالِاحْتِرَاقِ إلَّا رَمَادَ الْحَجَرِ فَيَجُوزُ كَحَجَرٍ مَدْقُوقٍ أَوْ مَغْسُولٍ، وَحَائِطٍ مُطَيَّنٍ أَوْ مُجَصَّصٍ، وَأَوَانٍ مِنْ طِينٍ غَيْرِ مَدْهُونَةٍ، وَطِينٍ غَيْرِ مَغْلُوبٍ بِمَاءٍ لَكِنْ، لَا يَنْبَغِي التَّيَمُّمُ بِهِ قَبْلَ خَوْفِ فَوَاتِ وَقْتٍ لِئَلَّا يَصِيرَ مُثْلَةً بِلَا ضَرُورَةٍ (وَمَعَادِنَ) فِي مَحَالِّهَا فَيَجُوزُ التُّرَابُ عَلَيْهَا، وَقَيَّدَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بِأَنْ يَسْتَبِينَ أَثَرَ التُّرَابِ بِمَدِّ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ لَمْ يَجُزْ؛ وَكَذَا

ــ

[رد المحتار]

أَقُولُ: وَحَاصِلَةُ الْمَيْلِ إلَى مَا قَالَهُ فِي الْفَتْحِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ كَوْنِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ. وَمَالَ مُحَشِّيهِ الرَّمْلِيُّ إلَى مَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ مِنْ الْجَوَازِ، وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ كَوْنَهُ أَشْجَارًا فِي قَعْرِ الْبَحْرِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ الَّتِي لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهَا هِيَ الَّتِي تَتَرَمَّدُ بِالنَّارِ، وَهَذَا حَجَرٌ كَبَاقِي الْأَحْجَارِ يَخْرُجُ فِي الْبَحْرِ عَلَى صُورَةِ الْأَشْجَارِ، فَلِهَذَا جَزَمُوا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ بِالْجَوَازِ فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ.

وَأَمَّا فِي الْفَتْحِ فَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ مَا قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ مِنْ أَنَّ الْمَرْجَانَ صِغَارُ اللُّؤْلُؤِ، ثُمَّ رَأَيْته مَنْقُولًا عَنْ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيَّ فَقَالَ: مُرَادُهُ صِغَارُ اللُّؤْلُؤِ كَمَا فُسِّرَ بِهِ فِي الْآيَةِ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ غَيْرُ مَا أَرَادُوهُ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ. اهـ. وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِشَبَهِهِ لِلنَّبَاتِ إلَخْ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، بَلْ الْعِلَّةُ عَلَى مَا حَرَّرْنَاهُ تَوَلُّدُهُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ، وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ فَيَجُوزُ، وَإِنْ أَشْبَهَ النَّبَاتَ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ.

(قَوْلُهُ وَلَا بِمُنْطَبِعٍ) هُوَ مَا يُقْطَعُ وَيَلِينُ كَالْحَدِيدِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَزُجَاجٍ) أَيْ الْمُتَّخَذِ مِنْ الرَّمْلِ وَغَيْرِهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَمُتَرَمِّدٍ) أَيْ مَا يَحْتَرِقُ بِالنَّارِ فَتَصِيرُ رَمَادًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ إلَّا رَمَادَ الْحَجَرِ) كَجِصٍّ وَكِلْسٍ (قَوْلُهُ كَحَجَرٍ) تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ (قَوْلُهُ أَوْ مَغْسُولٍ) مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ التُّرَابِ (قَوْلُهُ غَيْرِ مَدْهُونَةٍ) أَوْ مَدْهُونَةٍ بِصِبْغٍ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْبَحْرِ كَالْمَدْهُونَةِ بِالطَّفْلِ وَالْمَغْرَةِ ط (قَوْلُهُ غَيْرِ مَغْلُوبٍ بِمَاءٍ) أَمَّا إذَا صَارَ مَغْلُوبًا بِالْمَاءِ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ بَحْرٌ، بَلْ يَتَوَضَّأُ بِهِ حَيْثُ كَانَ رَقِيقًا سَيَّالًا يَجْرِي عَلَى الْعُضْوِ رَمْلِيٌّ، وَسَيَذْكُرُ أَنَّ الْمُسَاوِيَ كَالْمَغْلُوبِ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي إلَخْ) هَذَا مَا حَرَّرَهُ الرَّمْلِيُّ وَصَاحِبُ النَّهْرِ مِنْ عِبَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ، خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ قَبْلَ خَوْفِ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ عَدَمَ الصِّحَّةِ.

وَحَاصِلُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ إلَّا الطِّينَ لَطَّخَ ثَوْبَهُ مِنْهُ فَإِذَا جَفَّ تَيَمَّمَ بِهِ، وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ لَا يَتَيَمَّمُ بِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالتُّرَابِ أَوْ الرَّمْلِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ خَافَ ذَهَابَ الْوَقْتِ تَيَمَّمَ بِهِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ بِالطِّينِ عِنْدَهُ جَائِزٌ وَإِلَّا فَلَا، كَيْ لَا يَتَلَطَّخَ بِوَجْهِهِ فَيَصِيرُ مُثْلَةً. اهـ وَبِهِ يَظْهَرُ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَمَعَادِنَ) جَمْعُ مَعْدِنٍ كَمَجْلِسٍ: مَنْبِتُ الْجَوَاهِرِ مِنْ ذَهَبٍ وَنَحْوِهِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ فِي مَحَالِّهَا) أَيْ مَا دَامَتْ فِي الْأَرْضِ لَمْ يُصْنَعْ مِنْهَا شَيْءٌ، وَبَعْدَ السَّبْكِ لَا يَجُوزُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلتُّرَابِ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَلَعَلَّ مَنْ أَطْلَقَ بَنَاهُ عَلَى أَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي مَحَالِّهَا تَكُونُ مَغْلُوبَةً بِالتُّرَابِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أُخِذَتْ لِلسَّبْكِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ إخْرَاجُ التُّرَابِ مِنْهَا فَافْهَمْ. وَأَفَادَ أَنَّ ذَاتَ الْمَعْدِنِ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَبَعٍ لِلْمَاءِ وَحْدَهُ حَتَّى يَقُومَ مَقَامَهُ وَلَا لِلتُّرَابِ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ الْعَنَاصِرِ الْأَرْبَعَةِ فَلَيْسَ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِشَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى يَقُومَ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ إلَخْ) كَذَا فِي النَّهْرِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَى التَّيَمُّمِ بِالْمَعَادِنِ، لَكِنْ إذَا كَانَتْ مَغْلُوبَةً بِالتُّرَابِ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا الْقَيْدِ. وَعِبَارَةُ الْإِسْبِيجَابِيِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ أَنَّ الْحِنْطَةَ أَوْ الشَّيْءَ الَّذِي لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَتَيَمَّمَ يَنْظُرُ، إنْ كَانَ يَسْتَبِينُ أَثَرَهُ بِمَدِّهِ عَلَيْهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ عِبَارَةِ الْإِسْبِيجَابِيِّ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا: وَبِهَذَا يُعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>