للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ يَعْتَقِدُ مَتَى طُولِبَ بِهِ أَتَى بِهِ فَإِنْ طُولِبَ بِهِ فَلَمْ يُقِرَّ فَهُوَ كُفْرُ عِنَادٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَفِي الْفَتْحِ مَنْ هَزَلَ بِلَفْظِ كُفْرٍ ارْتَدَّ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ لِلِاسْتِخْفَافِ فَهُوَ كَكُفْرِ الْعِنَادِ.

ــ

[رد المحتار]

فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ وَإِلَّا فَيَكْفِيهِ التَّصْدِيقُ اتِّفَاقًا كَمَا ذَكَرَهُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ (قَوْلُهُ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ) أَيْ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَخَلْفَهُ وَالدَّفْنِ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُطَالَبَةِ بِالْعُشُورِ، وَالزَّكَوَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِقْرَارَ لِهَذَا الْغَرَضِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْإِعْلَانِ، وَالْإِظْهَارِ عَلَى الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْل الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِإِتْمَامِ الْإِيمَانِ فَإِنَّهُ يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّكَلُّمِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَى غَيْرِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ) أَيْ بَعْدَ اتِّفَاقِ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِقْرَارِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُسَايَرَةِ: وَاتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِقْرَارِ، عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُصَدِّقَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ مَتَى طُولِبَ بِهِ أَتَى بِهِ فَإِنْ طُولِبَ بِهِ فَلَمْ يُقِرَّ بِهِ فَهُوَ أَيْ كَفُّهُ عَنْ الْإِقْرَارِ كُفْرُ عِنَادٍ، وَهَذَا مَا قَالُوا إنَّ تَرْكَ الْعِنَادِ شَرْطٌ وَفَسَّرُوهُ بِهِ أَيْ فَسَّرُوا تَرْكَ الْعِنَادِ بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ مَتَى طُولِبَ بِالْإِقْرَارِ أَتَى بِهِ اهـ بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ خَالِي الذِّهْنِ، أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ مَتَى طُولِبَ بِهِ لَا يَأْتِي بِهِ لَكِنَّهُ عِنْدَ مَا طُولِبَ بِهِ أَتَى بِهِ فَهَلْ يَكْفِي نَظَرًا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ أَوْ لَا يَكْفِي نَظَرًا لِاشْتِرَاطِهِمْ الِاعْتِقَادَ السَّابِقَ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. ح.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاشْتِرَاطِ الْمَذْكُورِ نَفْيُ اعْتِقَادِ عَدَمِهِ أَيْ لَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَتَى طُولِبَ بِهِ لَا يُقِرُّ، وَفِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ وَشَرْحِ التَّحْرِيرِ مَا يُفِيدُهُ وَنَصُّهُ: ثُمَّ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ قَادِرًا، وَتَرَكَ التَّكَلُّمَ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِبَاءِ إذْ الْعَاجِزُ كَالْأَخْرَسِ مُؤْمِنٌ اتِّفَاقًا وَالْمُصِرُّ عَلَى عَدَمِ الْإِقْرَارِ مَعَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ كَافِرٌ وِفَاقًا لِكَوْنِ ذَلِكَ مِنْ أَمَارَاتِ عَدَمِ التَّصْدِيقِ وَلِهَذَا أَطْبَقُوا عَلَى كُفْرِ أَبِي طَالِبٍ فَظَهَرَ أَنَّ خَالِي الذِّهْنِ لَوْ أَتَى بِهِ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ مُؤْمِنٌ لِعَدَمِ الْإِصْرَارِ عَلَى عَدَمِ الْإِقْرَارِ، وَمَنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ الْإِتْيَانِ بِهِ عِنْدَهَا لَيْسَ مُؤْمِنًا فَلَوْ أَتَى بِهِ عِنْدَهَا كَانَ ذَلِكَ إيمَانًا مُسْتَأْنَفًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ مَنْ هَزَلَ بِلَفْظِ كُفْرٍ) أَيْ تَكَلَّمَ بِهِ بِاخْتِيَارِهِ غَيْرَ قَاصِدٍ مَعْنَاهُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْإِقْرَارِ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ، وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا حَقِيقَةً لَكِنَّهُ زَائِلٌ حُكْمًا لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ بَعْضَ الْمَعَاصِي أَمَارَةً عَلَى عَدَمِ وُجُودِهِ كَالْهَزْلِ الْمَذْكُورِ، وَكَمَا لَوْ سَجَدَ لِصَنَمٍ أَوْ وَضَعَ مُصْحَفًا فِي قَاذُورَةٍ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ، وَإِنْ كَانَ مُصَدِّقًا لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ التَّكْذِيبِ، كَمَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ، وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِلِاسْتِخْفَافِ، فَإِنَّ فِعْلَ ذَلِكَ اسْتِخْفَافٌ وَاسْتِهَانَةٌ بِالدِّينِ فَهُوَ أَمَارَةُ عَدَمِ التَّصْدِيقِ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُسَايَرَةِ: وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ ضُمَّ إلَى التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ، أَوْ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ فِي تَحْقِيقِ الْإِيمَانِ أُمُورٌ الْإِخْلَالُ بِهَا إخْلَالٌ بِالْإِيمَانِ اتِّفَاقًا، كَتَرْكِ السُّجُودِ لِصَنَمٍ، وَقَتْلِ نَبِيٍّ وَالِاسْتِخْفَافِ بِهِ، وَبِالْمُصْحَفِ وَالْكَعْبَةِ.

وَكَذَا مُخَالَفَةُ أَوْ إنْكَارُ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّصْدِيقَ مَفْقُودٌ، ثُمَّ حَقَّقَ أَنَّ عَدَمَ الْإِخْلَالِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ أَحَدُ أَجْزَاءِ مَفْهُومِ الْإِيمَانِ فَهُوَ حِينَئِذٍ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ وَعَدَمُ الْإِخْلَالِ بِمَا ذُكِرَ بِدَلِيلِ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأُمُورِ، تَكُونُ مَعَ تَحَقُّقِ التَّصْدِيقِ وَالْإِقْرَارِ، ثُمَّ قَالَ وَلِاعْتِبَارِ التَّعْظِيمِ الْمُنَافِي لِلِاسْتِخْفَافِ كَفَرَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَلْفَاظٍ كَثِيرَةٍ، وَأَفْعَالٍ تَصْدُرُ مِنْ الْمُنْتَهِكِينَ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الِاسْتِخْفَافِ بِالدِّينِ كَالصَّلَاةِ بِلَا وُضُوءٍ عَمْدًا بَلْ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى تَرْكِ سُنَّةٍ اسْتِخْفَافًا بِهَا بِسَبَبِ أَنَّهُ فَعَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زِيَادَةً أَوْ اسْتِقْبَاحُهَا كَمَنْ اسْتَقْبَحَ مِنْ آخَرَ جَعْلَ بَعْضِ الْعِمَامَةِ تَحْتَ حَلْقِهِ أَوْ إحْفَاءَ شَارِبِهِ اهـ. قُلْت: وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا كَانَ دَلِيلَ الِاسْتِخْفَافِ يَكْفُرُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِخْفَافَ لِأَنَّهُ لَوْ تُوُقِّفَ عَلَى قَصْدِهِ لَمَا احْتَاجَ إلَى زِيَادَةِ عَدَمِ الْإِخْلَالِ بِمَا مَرَّ لِأَنَّ قَصْدَ الِاسْتِخْفَافِ مُنَافٍ لِلتَّصْدِيقِ (قَوْلُهُ فَهُوَ كَكُفْرِ الْعِنَادِ) أَيْ كَكُفْرِ مَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَامْتَنَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالشَّهَادَتَيْنِ عِنَادًا وَمُخَالَفَةً فَإِنَّهُ أَمَارَةُ عَدَمِ التَّصْدِيقِ وَإِنْ قُلْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>