للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَعْد قَضَاءِ دَيْنِ إسْلَامِهِ، وَكَسْبُ رِدَّتِهِ فَيْءٌ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِ رِدَّتِهِ) وَقَالَا: مِيرَاثٌ أَيْضًا كَكَسْبِ الْمُرْتَدَّةِ (وَإِنْ حَكَمَ) الْقَاضِي (بِلَحَاقِهِ عَتَقَ مُدَبَّرُهُ) مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ (وَأُمِّ وَلَدِهِ) مِنْ كُلِّ مَالِهِ (وَحَلَّ دَيْنُهُ) وَقُسِمَ مَالُهُ وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ إلَى الْوَرَثَةِ، وَالْوَلَاءُ لِلْمُرْتَدِّ لِأَنَّهُ الْمُعْتِقُ بَدَائِعُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْقَضَاءُ بِهِ إلَّا فِي ضِمْنِ دَعْوَى حَقِّ الْعَبْدِ نَهْرٌ

ــ

[رد المحتار]

حَقِيقِيًّا بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَدْخُولَةَ إنَّمَا تَعْتَدُّ بَعْدَ مَوْتِهِ بِالْحَيْضِ لَا بِالْأَشْهُرِ، فَلَا تَنْتَهِضُ سَبَبًا لِلْإِرْثِ، وَالْإِرْثُ وَإِنْ اسْتَنَدَ إلَى الرِّدَّةِ لَكِنْ يَتَقَرَّرُ عِنْدَ الْمَوْتِ، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْفَتْحِ. اهـ. (قَوْلُهُ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِ إسْلَامِهِ إلَخْ) هَذَا أَعْنِي قَضَاءَ دَيْنِ إسْلَامِهِ مِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ وَدَيْنِ الرِّدَّةِ مِنْ كَسْبِهَا رَوَاهُ زُفَرُ عَنْ الْإِمَامِ. وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْهُ أَنَّهُ مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ إلَّا أَنْ لَا يَفِيَ فَيَقْضِيَ الْبَاقِيَ مِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ.

وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْهُ أَنَّهُ مِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ لَا يَفِيَ فَيَقْتَضِيَ الْبَاقِيَ مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَالْوَلْوَالِجِيَّة وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ دَيْنَ الْمَيِّتِ إنَّمَا يُقْضَى مِنْ مَالِهِ وَهُوَ كَسْبُ إسْلَامِهِ، فَأَمَّا كَسْبُ الرِّدَّةِ فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَقْتَضِي مِنْهُ الدَّيْنُ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَإِذَا لَمْ يَفِ تَحَقَّقَتْ نَهْرٌ، فَمَا فِي الْمَتْنِ تَبَعًا لِلْكَنْزِ ضَعِيفٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ. قُلْت: لَكِنَّ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِالضَّعْفِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّهُ جَرَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ كَالْمُخْتَارِ وَالْوِقَايَةِ وَالْمَوَاهِبِ وَالْمُلْتَقَى وَهِيَ مَوْضُوعَةٌ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. [تَنْبِيهٌ] فِي الْقُهُسْتَانِيِّ: هَذَا إذَا كَانَ لَهُ كَسْبَانِ وَإِلَّا قُضِيَ مِمَّا كَانَ بِلَا خِلَافٍ، وَهَذَا أَيْضًا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ بِغَيْرِ الْإِقْرَارِ وَإِلَّا فَفِي كَسْبِ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ وَكَسْبُ رِدَّتِهِ فَيْءٌ) أَيْ لِلْمُسْلِمِينَ فَيُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَالْمُرَادُ مَا اكْتَسَبَهُ قَبْلَ اللَّحَاقِ. أَمَّا مَا اكْتَسَبَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ لِابْنِهِ الَّذِي ارْتَدَّ وَلَحِقَ مَعَهُ إذَا مَاتَ مُرْتَدًّا لِأَنَّهُ اكْتَسَبَهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَهُمْ يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَلَوْ لَحِقَ مَعَهُ ابْنٌ مُسْلِمٌ وَرِثَ كَسْبَ إسْلَامِهِ فَقَطْ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ السِّيَرِ (قَوْلُهُ وَقَالَا مِيرَاثٌ أَيْضًا) لِأَنَّ زَوَالَ مِلْكِهِ عِنْدَهُمَا مَقْصُورٌ عَلَى الْحَالِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَكَسْبِ الْمُرْتَدَّةِ) فَإِنَّهُ لِوَرَثَتِهَا، وَيَرِثُهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ إنْ ارْتَدَّتْ وَهِيَ مَرِيضَةٌ لِقَصْدِهَا إبْطَالَ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً لَا يَرِثُهَا لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُ بِمَا لِهَا بِالرِّدَّةِ، بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَوْجَةَ الْمُرْتَدِّ تَرِثُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَزَوْجَ الْمُرْتَدَّةِ لَا يَرِثُهَا إلَّا إذَا ارْتَدَّتْ وَهِيَ مَرِيضَةٌ بَحْرٌ وَسَيَأْتِي أَيْضًا (قَوْلُهُ وَإِنْ حَكَمَ بِلَحَاقِهِ) كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ الْحُكْمَ بِاللَّحَاقِ أَوَّلًا كَمَا عَبَّرَ الشَّارِحُ وَيَقُولُ وَعِتْقُ مُدَبَّرِهِ إلَخْ عَطْفًا عَلَى وَرِثَ لِئَلَّا يُوهِمَ اخْتِصَاصَ الْعِتْقِ بِالْحُكْمِ بِاللَّحَاقِ وَإِنْ كَانَ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمَوْتَ وَالْقَتْلَ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ تَطْوِيلٌ بِلَا فَائِدَةٍ كَمَا أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ كَسْبُ الْإِسْلَامِ ح وَبِهِ جَزَمَ ط بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ وَحَلَّ دَيْنُهُ) لِأَنَّهُ بِاللَّحَاقِ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَهُمْ أَمْوَاتٌ فِي حَقِّ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فَصَارَ كَالْمَوْتِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ لَحَاقُهُ إلَّا بِالْقَضَاءِ لِاحْتِمَالِ الْعَوْدِ. وَإِذَا تَكَرَّرَ مَوْتُهُ تَثْبُتُ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ كَمَا ذُكِرَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ) أَيْ يُؤَدِّي بَدَلَ كِتَابَتِهِ (قَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُرْتَدِّ) أَيْ لِوَرَثَتِهِ ابْتِدَاءً فَيَرِثُهُ الْعَصَبَةُ بِنَفْسِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْوَرَثَةِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِنَاثُ ط.

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَهُمْ لَا يَشْتَرِطُ الْقَضَاءَ بِاللَّحَاقِ بَلْ يَكْتَفِي بِالْقَضَاءِ بِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِهِ، وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ بِهِ سَابِقًا عَلَى الْقَضَاءِ بِالْأَحْكَامِ أَفَادَهُ فِي الْمُجْتَبَى وَنَحْوُهُ فِي الْفَتْحِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِاللَّحَاقِ قَصْدًا صَحِيحٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إلَّا فِي ضِمْنِ دَعْوَى حَقٍّ لِلْعَبْدِ لِأَنَّ اللَّحَاقَ كَالْمَوْتِ، وَيَوْمُ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَدْخُلَ اللَّحَاقُ تَحْتَ الْقَضَاءِ قَصْدًا بَحْرٌ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَأَقُولُ لَيْسَ مَعْنَى الْحُكْمِ بِإِلْحَاقِهِ سَابِقًا عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ أَنْ يَقُولَ ابْتِدَاءً حَكَمْتُ بِلَحَاقِهِ، بَلْ إذَا ادَّعَى مُدَبَّرٌ مَثَلًا عَلَى وَارِثِهِ أَنَّهُ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا وَأَنَّهُ عَتَقَ بِسَبَبِهِ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي حَكَمَ أَوَّلًا بِلَحَاقِهِ ثُمَّ يُعْتَقُ ذَلِكَ الْمُدَبَّرُ كَمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ وَنَحْوُهُ فِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>