للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) اعْلَمْ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ فَ (يَنْفُذُ مِنْهُ) اتِّفَاقًا مَا لَا يَعْتَمِدُ تَمَامَ وِلَايَةٍ، وَهِيَ خَمْسٌ: (الِاسْتِيلَادُ وَالطَّلَاقُ وَقَبُولُ الْهِبَةِ وَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَالْحَجْرُ عَلَى عَبْدِهِ) الْمَأْذُونِ (وَيَبْطُلُ مِنْهُ) اتِّفَاقًا مَا يَعْتَمِدُ الْمِلَّةَ وَهِيَ خَمْسٌ (النِّكَاحُ، وَالذَّبِيحَةُ، وَالصَّيْدُ، وَالشَّهَادَةُ، وَالْإِرْثُ. وَيَتَوَقَّفُ مِنْهُ) اتِّفَاقًا مَا يَعْتَمِدُ الْمُسَاوَاةَ، وَهُوَ (الْمُفَاوَضَةُ) أَوْ وِلَايَةٌ مُتَعَدِّيَةٌ

ــ

[رد المحتار]

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا فِي الْمُجْتَبَى مِنْ الْخِلَافِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِعِتْقِ الْمُدَبَّرِ يَكْفِي عِنْدَ الْبَعْضِ لِثُبُوتِ اللَّحَاقِ ضِمْنًا، وَأَمَّا عِنْدَ الْعَامَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمِهِ أَوَّلًا بِاللَّحَاقِ لِأَنَّهُ السَّبَبُ، وَفِي كَوْنِهِ فِي حُكْمِ الْمَوْتِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ فَلِشُبْهَةِ الْخِلَافِ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْعِتْقِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِاللَّحَاقِ قَبْلَ دَعْوَى الْمُدَبَّرِ مَثَلًا حَتَّى يَرُدَّ مَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَّا فِي ضِمْنِ دَعْوَى حَقِّ الْعَبْدِ مَعْنَاهُ أَنْ يَسْبِقَ دَعْوَى حَقِّ الْعَبْدِ، فَيَحْكُمُ بِهِ أَوَّلًا ثُمَّ بِمَا ادَّعَاهُ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي النَّهْرِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْتَفِي عَنْ الْحُكْمِ بِهِ بِالْحُكْمِ بِمَا ادَّعَاهُ لِيَثْبُتَ الْحُكْمُ بِاللَّحَاقِ فِي ضِمْنِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ وَاعْلَمْ إلَخْ) بَيَانٌ لِتَصَرُّفِهِ حَالَ رِدَّتِهِ بَعْدَ بَيَانِ حُكْمِ أَمْلَاكِهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ) نَافِذٌ اتِّفَاقًا، بَاطِلٌ اتِّفَاقًا، مَوْقُوفٌ اتِّفَاقًا مَوْقُوفٌ عِنْدَهُ نَافِذٌ عِنْدَهُمَا ط (قَوْلُهُ مَا لَا يَعْتَمِدُ تَمَامَ وِلَايَةٍ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَدْعِي الْوِلَايَةَ وَلَا تَعْتَمِدُ حَقِيقَةَ الْمِلْكِ حَتَّى صَحَّتْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مِنْ الْعَبْدِ مَعَ قُصُورِ وِلَايَتِهِ. اهـ. ط (قَوْلُهُ الِاسْتِيلَادُ) صُورَتُهُ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَيَرِثُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مَعَ وَرَثَتِهِ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بَحْرٌ ط (قَوْلُهُ وَالطَّلَاقُ) أَيْ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ بِالرِّدَّةِ غَيْرُ مُتَأَبَّدَةٍ لِارْتِفَاعِهَا بِالْإِسْلَامِ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ، بِخِلَافِ حُرْمَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ فَإِنَّهَا لَا غَايَةَ لَهَا فَلَا يُفِيدُ لُحُوقُ الطَّلَاقِ فَائِدَةً فَتْحٌ مِنْ بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ طَلَاقَهُ إنَّمَا يَقَعُ قَبْلَ لُحُوقِهِ، فَلَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ لَا يَقَعُ إلَّا إذَا عَادَ مُسْلِمًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَطَلَّقَهَا. وَأَوْرَدَ أَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ طَلَاقُهُ وَقَدْ بَانَتْ بِرِدَّتِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِ الْبَيْنُونَةِ امْتِنَاعُ الطَّلَاقِ، وَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الْمُبَانَةَ يَلْحَقُهَا الصَّرِيحُ فِي الْعِدَّةِ بَحْرٌ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَاقِعُ بِذَلِكَ الصَّرِيحِ بَائِنًا كَالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ عَلَى مَالٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُ الْبَائِنَ فَذَاكَ إذَا أَمْكَنَ جَعْلُهُ إخْبَارًا عَنْ الْأَوَّلِ؛ حَتَّى لَوْ قَالَ أَبَنْتُكِ بِأُخْرَى يَقَعُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكِنَايَاتِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَالْحَجْرِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يُمْكِنُ تَوَقُّفُ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ بِهِ مُطْلَقًا.

وَأَمَّا الْحَجْرُ فَيَصِحُّ بِحَقِّ الْمِلْكِ فَبِحَقِيقَةِ الْمِلْكِ الْمَوْقُوفِ أَوْلَى. اهـ. قُلْت: وَمَفْهُومُهُ أَنَّ لَهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ. وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ السِّيَرِ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ. وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا شُفْعَةَ لَهُ حَتَّى يُسْلِمَ، فَلَوْ لَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ لِتَرْكِهِ الطَّلَبَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ بِأَنْ يُسْلِمَ (قَوْلُهُ مَا يَعْتَمِدُ الْمِلَّةَ) أَيْ مَا يَكُونُ الِاعْتِمَادُ فِي صِحَّتِهِ عَلَى كَوْنِ فَاعِلِهِ مُعْتَقِدًا مِلَّةً مِنْ الْمِلَلِ ط أَيْ وَالْمُرْتَدُّ لَا مِلَّةَ لَهُ أَصْلًا لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِلَّةً سَمَاوِيَّةً لِئَلَّا يَرُدَّ النِّكَاحَ فَإِنَّ نِكَاحَ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ صَحِيحٌ وَلَا مِلَّةَ لَهُمَا سَمَاوِيَّةٌ بَلْ الْمُرَادُ الْأَعَمُّ (قَوْلُهُ النِّكَاحُ) أَيْ وَلَوْ لِمُرْتَدَّةٍ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ وَالذَّبِيحَةُ) الْأَوْلَى وَالذَّبْحُ لِأَنَّهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ (قَوْلُهُ وَالصَّيْدُ) أَيْ بِالْكَلْبِ وَالْبَازِي وَمِثْلُهُ الرَّمْيُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَالشَّهَادَةُ) أَيْ أَدَاؤُهَا لَا تَحَمُّلُهَا ط. وَذَكَرَ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ شَهَادَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ يَبْطُلُ مَا رَوَاهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْحَدِيثِ فَلَا يَجُوزُ لِلسَّامِعِ مِنْهُ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ اهـ وَلَكِنَّ كَلَامَنَا فِيمَا فَعَلَهُ فِي رِدَّتِهِ وَهَذَا قَبْلَهَا.

(قَوْلُهُ الْإِرْثُ) فَلَا يَرِثُ أَحَدًا وَلَا يَرِثُهُ أَحَدٌ مِمَّا اكْتَسَبَهُ فِي رِدَّتِهِ، بِخِلَافِ كَسْبِ إسْلَامِهِ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ كَمَا مَرَّ لِاسْتِنَادِهِ إلَى مَا قَبْلَهَا فَهُوَ إرْثُ مُسْلِمٍ مِنْ مِثْلِهِ وَالْكَلَامُ فِي إرْثِ الْمُرْتَدِّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مَا يَعْتَمِدُ الْمُسَاوَاةَ) أَيْ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُفَاوَضَةُ) فَإِذَا فَاوَضَ مُسْلِمًا تَوَقَّفَتْ اتِّفَاقًا، فَإِنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ، وَإِنْ هَلَكَ بَطَلَتْ، وَتَصِيرُ عِنَانًا مِنْ الْأَصْلِ عِنْدَهُمَا، وَتَبْطُلُ عِنْدَهُ بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ وِلَايَةٌ مُتَعَدِّيَةٌ) أَيْ إلَى غَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>