للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعَدَمِ تَبَعِيَّةِ الْجَدِّ عَلَى الظَّاهِرِ فَحُكْمُهُ كَحَرْبِيٍّ

(وَ) قُيِّدَ بِرِدَّتِهِمَا لِأَنَّهُ (لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ عَنْ امْرَأَةٍ حَامِلٍ فَارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ فَوَلَدَتْ هُنَاكَ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ (فَإِنَّهُ لَا يُسْتَرَقُّ وَيَرِثُ أَبَاهُ) لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ (وَلَوْ لَمْ تَكُنْ وَلَدَتْهُ حَتَّى سُبِيَتْ ثُمَّ وَلَدَتْهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُسْلِمٌ) تَبَعًا لِأَبِيهِ (مَرْقُوقٌ) تَبَعًا لِأُمِّهِ (فَلَا يَرِثُ أَبَاهُ) لِرِقِّهِ بَدَائِعُ.

(وَإِذَا ارْتَدَّ صَبِيٌّ عَاقِلٌ صَحَّ) خِلَافًا لِلثَّانِي، وَلَا خِلَافَ فِي تَخْلِيدِهِ فِي النَّارِ لِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ الْكُفْرِ تَلْوِيحٌ (كَإِسْلَامِهِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ اتِّفَاقًا (فَلَا يَرِثُ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ) تَفْرِيعٌ عَلَى الثَّانِي (وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ) بِالضَّرْبِ تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَوَّلِ (وَالْعَاقِلُ الْمُمَيِّزُ) وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ فَأَكْثَرَ مُجْتَبًى وَسِرَاجِيَّةٌ (وَقِيلَ الَّذِي يَعْقِلُ أَنَّ الْإِسْلَامَ سَبَبُ النَّجَاةِ وَيُمَيِّزُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَالْحُلْوَ مِنْ الْمُرِّ) قَائِلُهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ قَائِلًا وَلَمْ أَرَ مَنْ قَدَّرَهُ بِالسِّنِّ.

ــ

[رد المحتار]

وَإِنْ اخْتَلَفَتْ كَيْفِيَّةُ الْجَبْرِ ط (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَبَعِيَّةِ الْجَدِّ) وَلِعَدَمِ تَبَعِيَّتِهِ لِأَبِيهِ لِأَنَّ رِدَّةَ أَبِيهِ كَانَتْ تَبَعًا وَالتَّبَعُ لَا يَسْتَتْبِعُ خُصُوصًا، وَأَصْلُ التَّبَعِيَّةِ ثَابِتَةٌ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ حَقِيقَةً وَلِذَا يُجْبَرُ بِالْحَبْسِ لَا بِالْقَتْلِ، بِخِلَافِ أَبِيهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ أَنَّهُ يَتْبَعُ الْجَدَّ. وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ تَبِعَ الْجَدَّ لَكَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مُسْلِمِينَ تَبَعًا لِآدَمَ وَحَوَّاءَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَلَمْ يُوجَدْ فِي ذُرِّيَّتِهِمَا كَافِرٌ غَيْرُ مُرْتَدٍّ، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ. وَالْمَسَائِلُ الَّتِي يُخَالِفُ فِيهَا الْجَدُّ الْأَبَ ثَلَاثَةَ عَشْرَ سَتَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ، وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ مِنْهَا هُنَا إحْدَى عَشْرَةَ ذَكَرَهَا الْمُحَشِّيُّ (قَوْلُهُ فَحُكْمُهُ كَحَرْبِيٍّ) فِي أَنَّهُ يُسْتَرَقُّ وَتُوضَعُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ أَوْ يُقْتَلُ. وَأَمَّا الْجَدُّ فَيُقْتَلُ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُ الْمُرْتَدُّ بِالْأَصَالَةِ أَوْ يُسْلِمُ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ) أَيْ تَبَعًا لِأَبِيهِ، وَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا وَقْتَ وِلَادَتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ السَّبْيِ ط.

مَطْلَبٌ فِي رِدَّةِ الصَّبِيِّ وَإِسْلَامِهِ (قَوْلُهُ وَإِذَا ارْتَدَّ صَبِيٌّ عَاقِلٌ صَحَّ) سَوَاءٌ كَانَ إسْلَامُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ ثُمَّ ارْتَدَّ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَلَا يَبْقَى وَارِثًا قُهُسْتَانِيٌّ، وَلَكِنْ لَا يُقْتَلُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْقَتْلَ عُقُوبَةٌ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فِي الدُّنْيَا، وَلَكِنْ لَوْ قَتَلَهُ إنْسَانٌ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا كَالْمَرْأَةِ إذَا ارْتَدَّتْ لَا تُقْتَلُ وَلَا يَغْرَمُ قَاتِلُهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي) فَلَا تَصِحُّ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ مَحْضٌ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُلْتَقَى أَنَّ الْإِمَامَ رَجَعَ إلَيْهِ، وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَا خِلَافَ فِي تَخْلِيدِهِ فِي النَّارِ) فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فَقَطْ بَحْرٌ لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الْكُفْرِ دُخُولُ الْجَنَّةِ مَعَ الشِّرْكِ خِلَافُ حُكْمِ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ كَمَا فِي الْأُصُولِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ كَإِسْلَامِهِ) فَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ مِنْ عِصْمَةِ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَحِلِّ الذَّبْحِ وَنِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ وَالْإِرْثِ مِنْ الْمُسْلِمِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اتِّفَاقًا) أَيْ مِنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ خَالَفَ فِي صِحَّةِ إسْلَامِهِ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ كَمَا فِي الْفَتْحِ. فَإِنْ قِيلَ: هُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ. قُلْنَا: إنَّمَا يَلْزَمُ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ كَمَا عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَأَنَّهُ يَقَعُ مُسْقِطًا لِلْوَاجِبِ لَكِنَّا إنَّمَا نَخْتَارُ أَنَّهُ يَصِحُّ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الدُّنْيَوِيَّةُ وَالْأُخْرَوِيَّةُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ) أَيْ وَالْحَبْسِ كَمَا مَرَّ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا بَعْدَ بُلُوغِهِ، لِمَا مَرَّ أَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعُقُوبَةِ، وَلِمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَإِنْ ارْتَدَّ الْغُلَامُ الْمُرَاهِقُ عَنْ الْإِسْلَامِ لَمْ يُقْتَلْ، فَإِنْ أَدْرَكَ كَافِرًا حُبِسَ وَلَمْ يُقْتَلْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الَّذِي يَعْقِلُ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ بَيَّنَ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ زَادَ فِي الْمَبْسُوطِ كَوْنَهُ بِحَيْثُ يُنَاظِرُ وَيَفْهَمُ وَيُفْحِمُ. اهـ. قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ، وَمَعْنَى تَمْيِيزِهِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الصِّدْقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>