مُسْلِمٌ تَبَعًا لِلدَّارِ (إلَّا بِحُجَّةِ رِقِّهِ) عَلَى خَصْمٍ وَهُوَ الْمُلْتَقِطُ لِسَبْقِ يَدِهِ
(وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَسُكْنَى وَدَوَاءٍ وَمَهْرٍ إذَا زَوَّجَهُ السُّلْطَانُ (فِي بَيْتِ الْمَالِ) إنْ بَرْهَنَ عَلَى الْتِقَاطِهِ (وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ) أَوْ قَرَابَةٌ (فَفِي مَالِهِ) أَوْ عَلَى قَرَابَتِهِ (وَارِثُهُ) وَلَوْ دِيَةً (فِي بَيْتِ الْمَالِ كَجِنَايَتِهِ) لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ (وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَخْذُهُ مِنْهُ قَهْرًا)
ــ
[رد المحتار]
أَيْ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ حَتَّى يُحَدَّ قَاذِفُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي بَنِي آدَمَ الْحُرِّيَّةُ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ آدَمَ وَحَوَّاءَ، وَإِنَّمَا عَرَضَ الرِّقُّ بِعُرُوضِ الْكُفْرِ لِبَعْضِهِمْ، وَكَذَا الدَّارُ دَارُ الْأَحْرَارِ فَتْحٌ، وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْوَاجِدُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا وَلَا يَكُونُ تَبَعًا لِلْوَاجِدِ والولوالجية.
وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ وَجَدَهُ الْمَحْجُورُ وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِقَوْلِهِ قَالَ الْمَوْلَى كَذَبْت بَلْ هُوَ عَبْدِي فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ ذُو الْيَدِ إذْ لَا يَدَ لِلْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ يَدًا، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: مُسْلِمٌ تَبَعًا لِلدَّارِ) أَفَادَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ثُبُوتِ إسْلَامِهِ الْمَكَانُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَاجِدُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، وَفِيهِ خِلَافٌ سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَّا بِحُجَّةِ رِقِّهِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ الْمُلْتَقَطُ عَبْدًا مَحْجُورًا وَادَّعَى مَوْلَاهُ أَنَّهُ عَبْدُهُ كَمَا مَرَّ آنِفًا وَكَذَا لَوْ ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ الْحُرُّ إنْ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَقِيطٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى خَصْمٍ وَهُوَ الْمُلْتَقِطُ) هَذَا إذَا كَانَ اللَّقِيطُ صَغِيرًا، فَلَوْ كَبِيرًا يَثْبُتُ رِقُّهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَبِإِقْرَارِهِ أَيْضًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ النَّظْمِ، لَكِنْ إقْرَارُهُ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْفُرُوعِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) عِبَارَةُ الْمُتُونِ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ قَالَ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَانَ أَوْلَى لِمَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّ مَهْرَهُ إذَا زَوَّجَهُ السُّلْطَانُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَفِي مَالِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ إلَخْ) فِي النَّهْرِ: قَدْ مَرَّ أَنَّ النَّفَقَةَ اسْمٌ لِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْكِسْوَةِ وَالسُّكْنَى (قَوْلُهُ: وَدَوَاءٍ) ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ بَحْثًا؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ التَّزْوِيجِ (قَوْلُهُ: إذَا زَوَّجَهُ السُّلْطَانُ) أَيْ أَوْ وَكِيلُهُ، وَقَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَقَطَ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُ كَمَا يَأْتِي. وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَزْوِيجَ السُّلْطَانِ لَهُ مُقَيَّدٌ بِالْحَاجَةِ كَمَا لَوْ احْتَاجَ إلَى خَادِمٍ فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً تَخْدُمُهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَفِيهِ الْإِنْفَاقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِلَا ضَرُورَةٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنْ بَرْهَنَ عَلَى الْتِقَاطِهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَسَاهُ ابْنُهُ، وَالْوَجْهُ أَنْ لَا يُتَوَقَّفَ عَلَى الْبَيِّنَةِ بَلْ مَا يُرَجِّحُ صِدْقَهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: هَذِهِ لِكَشْفِ الْحَالِ، وَالْبَيِّنَةُ لِكَشْفِ الْحَالِ مَقْبُولَةٌ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ عَلَى خَصْمٍ فَتْحٌ.
[تَنْبِيهٌ] أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي بِشَرْطِ الرُّجُوعِ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي اللُّقَطَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دِيَةً) قَالَ فِي الْفَتْحِ: حَتَّى لَوْ وُجِدَ اللَّقِيطُ قَتِيلًا فِي مَحَلَّةٍ كَانَ عَلَى أَهْلِهَا دِيَتُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَعَلَيْهِمْ الْقَسَامَةُ وَكَذَا إذَا قَتَلَهُ الْمُلْتَقِطُ أَوْ غَيْرُهُ خَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ عَمْدًا فَالْخِيَارُ إلَى الْإِمَامِ اهـ أَيْ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالصُّلْحِ عَلَى الدِّيَةِ، وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: كَجِنَايَتِهِ) أَيْ عَلَى غَيْرِهِ.
مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِمْ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ كَجِنَايَتِهِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْغُنْمُ بِالْغُرْمِ أَيْ مُقَابَلٌ بِهِ فَكَمَا أَنَّ الْمَالِكَ يَخْتَصُّ بِالْغُنْمِ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ فَكَذَلِكَ يَتَحَمَّلُ الْغُرْمَ وَلَا يَتَحَمَّلُ مَعَهُ أَحَدٌ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْغُرْمُ مَجْبُورٌ بِالْغُنْمِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَخْذُهُ مِنْهُ قَهْرًا) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ حَقُّ الْحِفْظِ لَهُ لِسَبْقِ يَدِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْتَزَعَ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِحِفْظِهِ كَمَا قَالُوا فِي الْحَاضِنَةِ، وَكَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْفَتْحِ الْآتِي إلَّا بِسَبَبٍ يُوجِبُ ذَلِكَ بَحْرٌ. قُلْت: وَكَذَا يُفِيدُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ ذِمِّيٍّ، وَلَكِنْ هُوَ مُسْلِمٌ فَيُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ قُبَيْلَ عَقْلِ الْأَدْيَانِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّزْعَ فِيهِ وَاجِبٌ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَاسِقًا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْهُ الْفُجُورُ بِاللَّقِيطِ فَيُنْزَعُ مِنْهُ قُبَيْلَ حَدِّ الِاشْتِهَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute