فَإِنَّهَا تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) تَتَارْخَانِيَّةٌ. وَفِي الْقُنْيَةِ: لَوْ رَجَى وُجُودَ الْمَالِكِ وَجَبَ الْإِيصَاءُ.
(فَإِنْ جَاءَ مَالِكُهَا) بَعْدَ التَّصَدُّقِ (خُيِّرَ بَيْنَ إجَازَةِ فِعْلِهِ وَلَوْ بَعْدَ هَلَاكِهَا) وَلَهُ ثَوَابُهَا (أَوْ تَضْمِينُهُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ وَالْأَبِ إجَازَتُهَا نَهْرٌ. وَفِي الْوَهْبَانِيَّةُ: الصَّبِيُّ كَالْبَالِغِ فَيَضْمَنُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ، ثُمَّ لِأَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ التَّصَدُّقُ وَضَمَانُهَا فِي مَالِهِمَا لَا مَالِ الصَّغِيرِ (وَلَوْ تَصَدَّقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي) فِي الْأَصَحِّ (كَمَا) لَهُ أَنْ (يَضْمَنَ الْقَاضِي) أَوْ الْإِمَامُ (لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِمَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ذَخِيرَةٌ (أَوْ) يَضْمَنُ (الْمِسْكِينُ وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى صَاحِبِهِ) وَلَوْ الْعَيْنُ قَائِمَةً أَخَذَهَا مِنْ الْفَقِيرِ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُلْتَقِطِ) لِمَالٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ ضَالٍّ (مِنْ الْجُعْلِ أَصْلًا) إلَّا بِالشَّرْطِ كَمَنْ رَدَّهُ فَلَهُ كَذَا فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ كَإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ.
ــ
[رد المحتار]
عَائِدٌ إلَى الْغَنِيِّ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهَا، فَلَا بُدَّ أَنْ يُرَادَ بِفَرْعِهِ الْكَبِيرُ الْفَقِيرُ، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى طِفْلِ الْغَنِيِّ وَلَوْ فَقِيرًا (قَوْلُهُ: تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِلنَّوَائِبِ بَحْرٌ ط (قَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ إلَخْ) عِبَارَتُهَا: وَمَا يَتَصَدَّقُ بِهِ الْمُلْتَقِطُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَغَلَبَةِ ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ صَاحِبُهُ لَا يَجِبُ إيصَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ يَرْجُو وُجُودَ الْمَالِكِ وَجَبَ الْإِيصَاءُ اهـ وَالْمُرَادُ الْإِيصَاءُ بِضَمَانِهَا إذَا ظَهَرَ صَاحِبُهَا وَلَمْ يَجُزْ تَصَدُّقُ الْمُلْتَقِطِ لَا الْإِيصَاءُ بِعَيْنِهَا قَبْلَ التَّصَدُّقِ بِهَا لَكِنَّهُ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى فَلِذَا عَمَّمَ الشَّارِحُ. وَفِي النَّهْرِ: ثُمَّ إذَا أَمْسَكَهَا وَحَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى بِهَا ثُمَّ الْوَرَثَةُ يُعَرِّفُونَهَا. قَالَ فِي الْفَتْحِ، وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُعَرِّفُوهَا حَتَّى هَلَكَتْ وَجَاءَ صَاحِبُهَا أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ؛ لِأَنَّهُمْ وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى اللُّقَطَةِ وَلَمْ يُشْهِدُوا أَيْ لَمْ يُعَرِّفُوا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ التَّعْرِيفَ عَلَيْهِمْ غَيْرُ وَاجِبٍ حَيْثُ عَرَّفَهَا الْمُلْتَقِطُ. اهـ.
قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ الْفَتْحِ فِيمَا إذَا لَمْ يُشْهِدْ الْمُلْتَقِطُ وَلَمْ يُعَرِّفْهَا بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ التَّعْرِيفُ قَبْلَ هَلَاكِهَا لَا الْإِشْهَادُ وَقْتَ الْأَخْذِ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّصَدُّقِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ انْتِفَاعَ الْمُلْتَقَطِ بِهَا إذَا كَانَ فَقِيرًا كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَضْمِينُهُ) فَيَمْلِكُهَا الْمُلْتَقِطُ مِنْ وَقْتِ الْأَخْذِ وَيَكُونُ الثَّوَابُ لَهُ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: إجَازَتُهَا) الْأَوْلَى إجَازَتُهُ أَيْ إجَازَةُ فِعْلِ الْمُلْتَقِطِ (قَوْلُهُ: الصَّبِيُّ كَبَالِغِ) أَيْ فِي اشْتِرَاطِ الْإِشْهَادِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْقُنْيَةِ: وَجَدَ الصَّبِيُّ لُقَطَةً وَلَمْ يُشْهِدْ يَضْمَنُ كَالْبَالِغِ. اهـ.
قُلْت: وَالْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ إشْهَادَ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ لِأَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ التَّصَدُّقُ) أَيْ بَعْدَ الْإِشْهَادِ وَالتَّعْرِيفِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَكَذَا لَهُ تَمْلِيكُهَا لِلصَّبِيِّ لَوْ فَقِيرًا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَضَمَانُهَا فِي مَالِهَا) كَذَا بَحَثَهُ فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ لِلْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ: يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا إذَا تَصَدَّقَ بِهَا الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ ثُمَّ ظَهَرَ صَاحِبُهَا وَضَمِنَهَا أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ فِي مَالِهِمَا دُونَ الصَّبِيِّ. اهـ.
قُلْت: قَدْ يُؤَيِّدُ بَحْثَهُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ لِلْمُلْتَقِطِ تَضْمِينَ الْقَاضِي تَأَمَّلْ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ بَحْثُ الْبَحْرِ بِأَنَّ فِي تَصَدُّقِهِمَا بِهَا إضْرَارًا بِالصَّغِيرِ إذَا حَضَرَ الْمَالِكُ وَالْعَيْنُ هَالِكَةٌ مِنْ يَدِ الْفَقِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَصَدَّقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَوْ تَضْمِينُهُ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْقَاضِي لَا يَزِيدُ عَلَى تَصَدُّقِهِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى صَاحِبِهِ) فَإِنْ ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ مَلَكَهَا الْمُلْتَقِطُ مِنْ وَقْتِ الْأَخْذِ وَيَكُونُ الثَّوَابُ لَهُ خَانِيَّةٌ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الثَّوَابَ مَوْقُوفٌ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ ضَالٍّ) الضَّالُّ: هُوَ الْإِنْسَانُ، وَالضَّالَّةُ الْحَيَوَانُ الضَّائِعُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَيُقَالُ لِغَيْرِ الْحَيَوَانِ ضَائِعٌ وَلُقَطَةٌ مِصْبَاحٌ. فَعُلِمَ أَنَّ الضَّالَّةَ بِالتَّاءِ تَشْمَلُ الْإِنْسَانَ الضَّائِعَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْحَيَوَانِ، وَبِدُونِ تَاءٍ خَاصٌّ بِالْإِنْسَانِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ هُنَا لِعَطْفِهِ عَلَى الْبَهِيمَةِ (قَوْلُهُ: أَصْلًا) أَيْ سَوَاءٌ الْتَقَطَهُ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ، بِخِلَافِ الْآبِقِ كَمَا يَأْتِي. وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَإِنْ عَوَّضَهُ شَيْئًا فَحَسَنٌ (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ) عَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّهَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute