للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي الْبَدَائِعِ: الْأَصَحُّ طَلَبُهُ قَدْرَ مَا لَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ وَرُفْقَتِهِ بِالِانْتِظَارِ (إنْ ظَنَّ) ظَنًّا قَوِيًّا (قُرْبَهُ) دُونَ مَيْلٍ بِأَمَارَةٍ أَوْ إخْبَارِ عَدْلٍ (وَأَلَّا) يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ قُرْبُهُ (لَا) يَجِبُ بَلْ يُنْدَبُ إنْ رَجَا وَإِلَّا لَا؛ وَلَوْ صَلَّى بِتَيَمُّمٍ وَثَمَّةَ مَنْ يَسْأَلُهُ ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِالْمَاءِ أَعَادَ وَإِلَّا لَا. .

(وَشَرْطٌ لَهُ) أَيْ لِلتَّيَمُّمِ فِي حَقِّ جَوَازِ الصَّلَاةِ بِهِ (نِيَّةُ عِبَادَةٍ) وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ

ــ

[رد المحتار]

وَقَالَ فِي النَّهْرِ: بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقْسِمُ الْغَلْوَةَ عَلَى هَذِهِ الْجِهَاتِ، فَيَمْشِي مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِائَةَ ذِرَاعٍ إذْ الطَّلَبُ لَا يَتِمُّ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ. اهـ. وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ أَنَّ قَدْرَ الطَّلَبِ بِغَلْوَةٍ مِنْ جَانِبِ ظَنِّهِ. اهـ. قُلْت: لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ أَنَّ ظَنَّهُ فِي جَانِبٍ خَاصٍّ، أَمَّا لَوْ ظَنَّ أَنَّ هُنَاكَ مَاءً دُونَ مِيلٍ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ أَحَدُ الْجَوَانِبِ يَطْلُبُهُ فِيهَا كُلِّهَا حَتَّى جِهَةِ خَلْفِهِ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَاءَ فِيهِ حِينَ مُرُورِهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ هَلْ يَقْسِمُ الْغَلْوَةَ عَلَى الْجِهَاتِ أَوْ لِكُلِّ جِهَةٍ غَلْوَةٌ؟ مَحَلُّ تَرَدُّدٍ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ كَمَا مَرَّ عَنْ النَّهْرِ، وَصَرِيحُ مَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ خِلَافُهُ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ كَشْفُ الْحَالِ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَدَائِعِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَرُفْقَتِهِ) الْأَوْلَى أَوْ رُفْقَتِهِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ أَحَدِهِمَا كَافٍ كَمَا هُوَ غَيْرُ خَافٍ ح.

مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الظَّنِّ وَغَلَبَةِ الظَّنِّ (قَوْلُهُ ظَنًّا قَوِيًّا) أَيْ غَالِبًا. قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ أُصُولِ اللَّامِشِيِّ: إنَّ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ إذَا قَوِيَ وَتَرَجَّحَ عَلَى الْآخَرِ وَلَمْ يَأْخُذْ الْقَلْبُ مَا تَرَجَّحَ بِهِ وَلَمْ يَطْرَحْ الْآخَرَ فَهُوَ الظَّنُّ، وَإِذَا عَقَدَ الْقَلْبُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَتَرَكَ الْآخَرَ فَهُوَ أَكْبَرُ الظَّنِّ وَغَالِبُ الرَّأْيِ (قَوْلُهُ دُونَ مِيلٍ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ قُرْبَهُ، وَقَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمِيلَ وَمَا فَوْقَهُ بَعِيدٌ لَا يُوجِبُ الطَّلَبَ (قَوْلُهُ بِأَمَارَةٍ) أَيْ عَلَامَةٍ كَرُؤْيَةِ خُضْرَةٍ أَوْ طَيْرٍ (قَوْلُهُ أَوْ إخْبَارِ عَدْلٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا عَدْلًا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ غَلَبَةِ الظَّنِّ حَتَّى يَلْزَمَ الطَّلَبُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الدِّيَانَاتِ (قَوْلُهُ وَأَلَّا يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ) بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ إنْ لَمْ يَرْجُ الْمَاءَ لَا يَطْلُبُهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ بَحْرٌ عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ أَعَادَ وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ بَعْدَمَا سَأَلَهُ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ زَيْلَعِيٌّ وَبَدَائِعٌ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ: وَلَوْ تَيَمَّمَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَكَانَ الطَّلَبُ وَاجِبًا وَصَلَّى ثُمَّ طَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. اهـ. وَمُفَادُهُ أَنَّهُ تَجِبُ الْإِعَادَةُ هُنَا وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ.

(قَوْلُهُ فِي حَقِّ جَوَازِ الصَّلَاةِ) أَمَّا فِي حَقِّ صِحَّتِهِ فِي نَفْسِهِ فَيَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ مَا قَصَدَهُ لِأَجْلِهِ مِنْ أَيِّ عِبَادَةٍ كَانَتْ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ، وَعِنْدَ وُجُودِهِ يَصِحُّ لِعِبَادَةٍ تَفُوتُ لَا إلَى خَلَفٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ نِيَّةُ عِبَادَةٍ) قَدَّمْنَا فِي الْوُضُوءِ تَعْرِيفَ النِّيَّةِ وَشُرُوطَهَا. وَفِي الْبَحْرِ: وَشَرْطُهَا أَنْ يَنْوِيَ عِبَادَةً مَقْصُودَةً إلَخْ أَوْ الطَّهَارَةَ أَوْ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ الْجَنَابَةِ، فَلَا تَكْفِي نِيَّةُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ خِلَافًا لِلْجَصَّاصِ. اهـ وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ قَرِيبًا. قُلْت: وَتَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ أَنَّهُ تَكْفِي نِيَّةُ الْوُضُوءِ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ تَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَدَلًا عَنْ الْوُضُوءِ أَوْ عَنْ آلَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ وَلَمْ يَكُنْ مُطَهِّرًا فِي نَفْسِهِ إلَّا بِطَرِيقِ الْبَدَلِيَّةِ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُجْعَلَ مَقْصُودًا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ طَهَارَةٌ أَصْلِيَّةٌ.

وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ كُلَّ وُضُوءٍ تُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلَاةُ، بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ فَإِنَّ مِنْهُ مَا لَا تُسْتَبَاحُ بِهِ، فَلَا يَكْفِي لِلصَّلَاةِ التَّيَمُّمُ الْمُطْلَقُ، وَيَكْفِي الْوُضُوءُ الْمُطْلَقُ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُمْ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لِلْمَاءِ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْخُلَاصَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>