وَوَهْبَانِيَّةٍ وَلْوَالِجِيَّةٌ، فَالْمُسْتَثْنَى أَحَدَ عَشَرَ (أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا) فَبَطَلَ صُلْحُهُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا (وَلَوْ بِلَا بِشَرْطٍ) اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ رَدَّ أَمَةً وَلَهَا وَلَدٌ يَعْقِلُ الْإِبَاقَ فَجُعْلَانِ نَهْرٌ بَحْثًا (وَإِنْ لَمْ يَعْدِلْهَا) عِنْدَ الثَّانِي لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ فَلِذَا عَوَّلَ عَلَيْهِ أَرْبَابُ الْمُتُونِ (إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ) وَإِلَّا لَا شَيْءَ لَهُ
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَ الْخِلَافِ أَنَّهُ إنْ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْمُوجِبَ لِلْجُعْلِ وَهُوَ سَيْرُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَصَلَ فِي حَيَاةِ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ الرَّادُّ شَرِيكًا وَجَبَ الْجُعْلُ، وَإِنْ نَظَرَ إلَى أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالتَّسْلِيمِ وَهُوَ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالِاشْتِرَاكِ لَمْ يَجِبْ الْجُعْلُ، وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْجُعْلِ فِي مَوْتِ مَوْلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبِّرِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ووَهْبَانِيَّةٌ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ. وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي عِدَّةِ نُسَخٍ وَرُهْبَانٌ، وَهَكَذَا رَأَيْته مَعْزِيًّا إلَى نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ عَزَاهُ للولوالجية وَاَلَّذِي رَأَيْته فِيهَا وَرُهْبَانٌ وَشَحْنَةٌ، وَهَكَذَا رَأَيْته فِي التَّجْنِيسِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي عُرْفِهِمْ اسْمٌ لِنَوْعٍ مِمَّنْ يُرْهَبُ مِنْهُ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ بِقَرِينَةِ ذِكْرِهِ مَعَ الشَّحْنَةِ، وَحِينَئِذٍ يَتِمُّ قَوْلُ الشَّارِحِ فَالْمُسْتَثْنَى أَحَدَ عَشَرَ، فَإِنَّ بِهِ يَتِمُّ الْعَدَدُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا) بِوَزْنِ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ فَتْحٌ، وَإِنْ أَنْفَقَ أَضْعَافَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَافِي الْحَاكِمِ.
أَمَّا لَوْ أَنْفَقَ بِأَمْرِهِ فَإِنَّ لَهُ الْأَرْبَعِينَ مَعَ جَمِيعِ مَا أَنْفَقَ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَرْبَعِينَ فَقَطْ إلَّا إذَا كَانَ إنْفَاقُهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي، وَبِهِ سَقَطَ اعْتِرَاضُهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَلَى شَارِحِ الْوَهْبَانِيَّةِ بِأَنَّ تَعْبِيرَهُ بِلَفْظِ غَيْرِ مِنْ سَبْقِ الْقَلَمِ (قَوْلُهُ: فَبَطَلَ صُلْحُهُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ كَمَا بَطَلَ صُلْحُ الْقَاتِلِ فِيمَا زَادَ عَلَى الدِّيَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: بِخِلَافِ الصُّلْحِ عَلَى الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّهُ حَطٌّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ إلَّا بِالشَّرْطِ كَمَا إذَا رَدَّ بَهِيمَةً ضَالَّةً أَوْ عَبْدًا ضَالًّا. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَجْمَعُوا عَلَى أَصْلِ الْجُعْلِ. وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهِ، فَأَوْجَبْنَا الْأَرْبَعِينَ فِي مُدَّةِ السَّفَرِ وَمَا دُونَهَا فِيمَا دُونَهُ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَدَّ أَمَةً إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ فِي كَافِي الْحَاكِمِ عَمَّمَ أَوَّلًا فِي وُجُوبِ الْجُعْلِ فِي رَدِّ الْآبِقِ فَقَالَ بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ. ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا أَبَقَتْ الْأَمَةُ وَلَهَا صَبِيٌّ رَضِيعٌ فَرَدَّهَا رَجُلٌ كَانَ لَهُ جُعْلٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ كَانَ ابْنُهَا غُلَامًا قَدْ قَارَبَ الْحُلُمَ فَلَهُ الْجُعْلُ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا اهـ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُرَاهَقْ لَمْ يُعْتَبَرْ آبِقًا اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: أَوْ غَيْرُ بَالِغٍ هُوَ الْمُرَاهِقُ.
وَوَفَّقَ فِي الْبَحْرِ بَيْنَ عِبَارَتَيْ الْكَافِي بِأَنَّ الْوَلَدَ إنْ كَانَ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ اشْتَرَطَ كَوْنَهُ مُرَاهِقًا: أَيْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ لِوُجُوبِ جُعْلٍ آخَرَ لِرَدِّ الْوَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدِهِمَا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُرَاهِقًا، لَكِنْ يُشْتَرَطُ عَقْلُهُ لِقَوْلِ التَّتَارْخَانِيَّة: وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي الصَّغِيرِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْإِبَاقَ وَإِلَّا فَهُوَ ضَالٌّ لَا يَسْتَحِقُّ لَهُ الْجُعْلَ. اهـ. وَوَفَّقَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ قَوْلَهُ قَدْ قَارَبَ الْحُلُمَ غَيْرُ قَيْدٍ، لِقَوْلِ شَارِحِ الْوَهْبَانِيَّةِ: اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي يَجِبُ الْجُعْلُ بِرَدِّهِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ هُوَ الَّذِي يَعْقِلُ الْإِبَاقَ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُرَاهِقًا فِي وُجُوبِ الْجُعْلِ بِرَدِّهِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ وَحْدَهُ، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَعْقِلَ الْإِبَاقَ، فَبَحْثُ النَّهْرِ إنَّمَا هُوَ تَقْيِيدُ الْوَلَدِ فِي مَسْأَلَةِ الْكَافِي بِكَوْنِهِ يَعْقِلُ الْإِبَاقَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ قَدْ قَارَبَ الْحُلُمَ (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ) فَلَا يَحُطُّ مِنْهُ لِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ لَا يَحُطُّ مِنْهَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّأْسِ أَنْقَصَ مِنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَقْضِي بِقِيمَتِهِ إلَّا دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إحْيَاءُ مَالِ الْمَالِكِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُسَلَّمَ لَهُ شَيْءٌ تَحْقِيقًا لِلْفَائِدَةِ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ والإسبيجابي الْإِمَامُ مَعَ مُحَمَّدٍ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ بَحْرٌ. وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْمُتُونُ مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ كَمَا لَا يَخْفَى، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلنَّصِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مِنَحٌ ط (قَوْلُهُ: إنْ أَشْهَدَ إلَخْ) شَرْطٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْجُعْلِ الْمَذْكُورِ، وَهَذَا عِنْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِشْهَادِ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بَحْرٌ. وَفِي الْكَافِي: أَخَذَهُ رَجُلٌ فَاشْتَرَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute