للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَهُوَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الرَّادَّ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا لَكِنَّ الْجُعْلَ لِمَوْلَاهُ (مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ) قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا جُعْلَ لِسُلْطَانٍ وَشَحْنَةٍ وَخَفِيرٍ وَوَصِيِّ يَتِيمٍ وَعَائِلِهِ وَمَنْ اسْتَعَانَ بِهِ كَإِنْ وَجَدْته فَخُذْهُ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ كَانَ فِي عِيَالِهِ وَابْنٍ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مُطْلَقًا زَيْلَعِيٌّ وَشَرِيكٍ وَنُتَفٌ

ــ

[رد المحتار]

أَوْ غَيْرِهِ، كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْهِدَايَةِ: وَمَنْ رَدَّ الْآبِقَ عَلَى مَوْلَاهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا فَقَدْ اُعْتُبِرَ مَكَانُ الرَّدِّ وَمَكَانُ الْمَوْلَى، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَرَجَ فِي حَاجَةٍ لِمَوْلَاهُ مَسَافَةَ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَبَقَ مِنْهَا مَسَافَةَ يَوْمٍ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ وَرَدَّهُ عَلَى مَوْلَاهُ فَلَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا اعْتِبَارًا لِمَكَانِ الْمَوْلَى وَالظَّاهِرُ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ ط أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي مَكَانِ الْمَوْلَى الْمَكَانُ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ الرَّدُّ عَلَيْهِ، حَتَّى لَوْ لَحِقَهُ الْمَوْلَى وَقَدْ سَارَ يَوْمًا فَلَقِيَهُ الْوَاجِدُ بَعْدَمَا سَارَ يَوْمَيْنِ فَلَهُ جُعْلُ الْيَوْمَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا إلَخْ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ اسْمِ إنَّ وَخَبَرِهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ، وَدَخَلَ فِي هَذَا التَّعْمِيمِ مَا إذَا تَعَدَّدَ الرَّادُّ كَائِنَيْنِ، فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْأَرْبَعِينَ إذَا رَدَّاهُ إلَى مَوْلَاهُ، وَمَا إذَا رَدَّاهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِهِ كَمَا إذَا دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ وَأَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْجُعْلَ، وَمَا إذَا اغْتَصَبَهُ مِنْهُ رَجُلٌ وَجَاءَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ وَأَخَذَ جُعْلَهُ ثُمَّ جَاءَ الْآخِذُ وَبَرْهَنَ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ فَلَهُ الْجُعْلُ وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَعْمَلُ مُتَبَرِّعًا، بِخِلَافِ الْمُتَبَرِّعِ إمَّا لِوُجُوبِ ذَلِكَ الْعَمَلِ عَلَيْهِ كَالسُّلْطَانِ أَوْ أَحَدِ نُوَّابِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ يَحْفَظُ مَالَ سَيِّدِ الْعَبْدِ كَوَصِيِّ الْيَتِيمِ وَعَائِلِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ مِمَّنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ عَلَيْهِ تَبَرُّعًا، إمَّا لِاسْتِعَانَةٍ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ أَوْ لِزَوْجِيَّةٍ أَوْ بُنُوَّةٍ أَوْ شَرِكَةٍ (قَوْلُهُ: وَشَحْنَةٍ) هُوَ حَافِظُ الْمَدِينَةِ اهـ. ح (قَوْلُهُ: وَخَفِيرٍ) هُوَ بِمَعْنَى الْمُعَاهِدِ: أَيْ مَنْ يُعَاهِدُك عَلَى النُّصْرَةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ فِي الطَّرِيقِ لِدَفْعِ الْقُطَّاعِ عَنْ الْمُسَافِرِينَ، ثُمَّ رَأَيْت نَقْلًا عَنْ الْحَمَوِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْحَارِسُ (قَوْلُهُ: وَعَائِلِهِ) أَيْ مَنْ يَعُولُ الْيَتِيمَ وَيُرَبِّيهِ فِي حِجْرِهِ بِلَا وِصَايَةٍ (قَوْلُهُ: فَقَالَ نَعَمْ) كَذَا شَرَطَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ قَدْ وَعَدَ لَهُ الْإِعَانَةَ بَحْرٌ. قَالَ الْمَقْدِسِيَّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ التَّبَرُّعُ بِالْعَمَلِ حَيْثُ لَمْ يَشْرُطْ عَلَيْهِ جُعْلًا. اهـ.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ عَدَمَ شَرْطِ الْجُعْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّبَرُّعِ وَإِلَّا لَزِمَ شَرْطُهُ فِي كُلِّ الْمَوَاضِعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَعَانَ بِهِ وَوَعَدَهُ الْإِعَانَةَ فَإِنَّ إجَابَتَهُ بِالْقَوْلِ لِمَا طَلَبَ دَلِيلُ التَّبَرُّعِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ فِي عِيَالِهِ) عَطْفٌ عَنْ اسْتَعَانَ وَشَمِلَ أَحَدَ الْأَبَوَيْنِ إذَا رَدَّ عَبْدَ الِابْنِ فَلَا جُعْلَ لَهُ إذَا كَانَ فِي عِيَالِ الِابْنِ كَحُكْمِ بَقِيَّةِ الْمَحَارِمِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا كِفَايَةِ الْبَيَانِ وَالْمِعْرَاجِ وَالْفَتْحِ وَالْعِنَايَةِ، وَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْجَوْهَرَةِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَالنَّهْرِ، عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ، حَيْثُ سَوَّى بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ وَالِابْنِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ، إذَا كَانَ الرَّادُّ فِي عِيَالِ مَالِكِ الْغُلَامِ لَا جُعْلَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الْجُعْلُ سَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ إلَّا الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودَيْنِ (قَوْلُهُ: وَابْنٍ) عَطْفٌ عَلَى سُلْطَانٍ ح (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِابْنُ فِي عِيَالِ الْأَبِ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي عِيَالِ الْآخَرِ أَوْ لَا. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْآبِقِ عَلَى الْمَوْلَى نَوْعُ خِدْمَةٍ لِلْمَوْلَى وَخِدْمَةُ الْأَبِ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَى الِابْنِ فَلَا تُقَابَلُ بِالْأُجْرَةِ وَكَذَا خِدْمَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ. اهـ. ح (قَوْلُهُ: وَشَرِيكٍ) ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ يَكُونُ فِي حِصَّتِهِ وَحِصَّةِ شَرِيكِهِ بِلَا تَمْيِيزٍ فَلَا أَجْرَ لَهُ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ شَرِيكَهُ عَلَى حَمْلِ الْحَمْلِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا لَا يَسْتَحِقُّ أَجْرًا، وَمِنْهُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لَوْ جَاءَ بِهِ وَارِثُ الْمَيِّتِ، إنْ أَخَذَهُ وَسَارَ بِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَلَّمَهُ فِي حَيَاةِ الْمَوْلَى يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ وَإِنْ سَلَّمَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ وَلَدَ الْمَوْلَى وَلَا فِي عِيَالِهِ وَكَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ.

قَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ الْجُعْلُ فِي حِصَّةِ شُرَكَائِهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا، وَقِيلَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ اهـ مُلَخَّصًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>