للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَحَفِظَ ثَمَنَهُ لِصَاحِبِهِ وَ) أَمْسَكَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا (أَنْفَقَ مِنْهُ، وَإِنْ جَاءَ) الْمَوْلَى (بَعْدَهُ وَبَرْهَنَ) أَوْ عَلِمَ (دَفَعَ بَاقِيَ الثَّمَنِ إلَيْهِ، وَلَا يَمْلِكُ) الْمَوْلَى (نَقْضَ بَيْعِهِ) أَيْ بَيْعِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ بِأَمْرِ الشَّرْعِ كَحُكْمِهِ لَا يُنْقَضُ.

قُلْت: لَكِنْ رَأَيْت فِي مَعْرُوضَاتِ الْمَرْحُومِ أَبِي السُّعُودِ مُفْتِي الرُّومِ أَنَّهُ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ بِمَنْعِ الْقُضَاةِ عَنْ إعْطَاءِ الْإِذْنِ بِبَيْعِ عَبِيدِ الْعَسْكَرِيَّةِ. وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ عَبِيدِ السَّبَاهِيَةِ فَلَهُمْ أَخْذُهَا مِنْ مُشْتَرِيهَا وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْبَائِعِ. وَأَمَّا عَبِيدُ الرَّعَايَا فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَإِلَّا فَلِلرَّعَايَا الثَّمَنُ وَبِذَلِكَ وَرَدَ الْأَمْرُ أَيْضًا انْتَهَى بِالْمَعْنَى فَلْيُحْفَظْ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ

(وَلَوْ زَعَمَ) الْمَوْلَى (تَدْبِيرَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ) أَوْ اسْتِيلَادَهَا (لَمْ يُصَدَّقْ فِي نَقْضِهِ) إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ وَلَدٌ مِنْهَا أَوْ يُبَرْهِنَ عَلَى ذَلِكَ نَهْرٌ.

(وَاخْتُلِفَ فِي الضَّالِّ) قِيلَ أَخْذُهُ أَفْضَلُ، وَقِيلَ تَرْكُهُ؛ وَلَوْ عَرَفَ بَيْتَهُ فَإِيصَالُهُ إلَيْهِ أَوْلَى

(أَبَقَ عَبْدٌ فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ وَقَالَ: لَمْ أَجِدْ مَعَهُ شَيْئًا) مِنْ الْمَالِ (صُدِّقَ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَلِمَنْ رَدَّهُ) خَبَرُ قَوْلِهِ الْآتِي أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا (إلَيْهِ مِنْ مُدَّةِ سَفَرٍ) فَأَكْثَرَ

ــ

[رد المحتار]

يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا إذَا تَعَذَّرَ إيصَالُهُ إلَى مَالِكِهِ وَخِيفَ تَلَفُهُ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ مَالَ الْغَائِبِ لَا يُبَاعُ إذَا عُلِمَ مَكَانَ الْغَائِبِ لِإِمْكَانِ إيصَالِهِ. اهـ. نَهْرٌ.

قُلْت: قَدْ يَكُونُ إيصَالُهُ إلَى مَالِكِهِ مُوجِبًا لِكَثْرَةِ النَّفَقَةِ فَيَتَضَرَّرُ مَالِكُهُ، وَقَدْ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ أَخْذُ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَأَمْسَكَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا أَنْفَقَ مِنْهُ) الضَّمِيرُ فِي مِنْهُ لِلْقَاضِي، وَالْمُرَادُ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ: أَيْ يُمْسِكُ قَدْرَ مَا أَنْفَقَ لِيَرُدَّهُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّمَ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ: أَيْ وَصَفَ عَلَامَتَهُ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: عَلَّمْت لَهُ عَلَامَةً بِالتَّشْدِيدِ وَضَعْت لَهُ أَمَارَةً يَعْرِفُهَا (قَوْلُهُ: دَفَعَ بَاقِيَ الثَّمَنِ إلَيْهِ) نَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ التَّهْذِيبِ أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّمَنَ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَكْتَفِي بِالْحِلْيَةِ. وَنَقَلَ عَنْ الْكَافِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِهَا.

قُلْت: يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنَّ الْأُولَى فِي وُجُوبِ الدَّفْعِ وَالثَّانِيَ فِي جَوَازِهِ (قَوْلُهُ: عَنْ إعْطَاءِ الْإِذْنِ) أَيْ لِوَاجِدِ الْآبِقِ (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي، وَحَيْثُ كَانَ الْقَاضِي مَمْنُوعًا مِنْ إعْطَاءِ الْإِذْنِ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْ السُّلْطَانِ، وَلَكِنْ هَذَا الْمَنْعُ السُّلْطَانِيُّ لَا يَبْقَى بَعْدَ مَوْتِ السُّلْطَانِ الْمَانِعِ عَلَى مَا أَفَادَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوَاهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ وَخُصُوصًا بَعْدَ وُرُودِ الْأَمْرِ لَهُ بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي نَقْضِهِ) أَيْ لَمْ يُصَدَّقْ فِي زَعْمِهِ الْمَذْكُورِ فِي حَقِّ نَقْضِ الْبَيْعِ وَإِلَّا فَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ وَلَدٌ مِنْهَا) أَيْ وَلَدٌ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ فَيَدَّعِي أَنَّهُ وَلَدُهُ مِنْهَا فَيُصَدَّقُ عَلَيْهِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ. اهـ. كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُبَرْهِنُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى مَا زَعَمَهُ مِنْ التَّدْبِيرِ وَنَحْوِهِ. وَأَفَادَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُجَرَّدَ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ. وَبِهِ الدَّفْعُ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ اللُّقَطَةِ مِنْ أَنَّ عَدَمَ تَصْدِيقِهِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ: أَيْ الْمَالِكَ لَوْ بَاعَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ هُوَ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ وَبَرْهَنَ قَبْلَ بُرْهَانِهِ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ وَفُرُوعِهَا لَا يَمْنَعُ. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُبَرْهِنْ اهـ وَبِهِ أَجَابَ الْمَقْدِسِيَّ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي الضَّالِّ) الْأُولَى لِلْمُصَنِّفِ ذَكَرَ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَيَنْدُبُ إنْ قَوِيَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: قِيلَ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَهُوَ مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْآبِقُ، وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا فِي أَنَّهُ لَا جُعْلَ لِرَادِّهِ، وَأَنَّهُ لَا يُحْبَسُ، وَأَنَّهُ يُؤَجِّرُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ كَاللُّقَطَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَرَفَ بَيْتَهُ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الِاخْتِلَاف مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَاجِدُ مَوْلَاهُ وَلَا مَكَانَهُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: أَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِي أَفْضَلِيَّةِ أَخْذِهِ وَرَدِّهِ.

(قَوْلُهُ: صُدِّقَ) أَيْ بِيَمِينِهِ كَافِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ مُدَّةِ سَفَرٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذِهِ الْمَسَافَةِ مَا بَيْنَ مَكَانِ الْأَخْذِ وَمَكَانِ سَيِّدِ الْعَبْدِ، سَوَاءٌ أَبَقَ مِنْ مَكَانِ سَيِّدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>