للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمْعُهُ بَلَاقِعُ، فَدَخَلَ الْأَسِيرُ وَمُرْتَدٌّ لَمْ يُدْرَ أُلْحِقَ أَوْ لَا؟ (وَهُوَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَيٌّ) بِالِاسْتِصْحَابِ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ (فَلَا يَنْكِحُ عُرْسَهُ غَيْرُهُ وَلَا يَقْسِمُ مَالَهُ) قُلْت: وَفِي مَعْرُوضَاتِ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ نَزْعُهُ مِنْ يَدِ مَنْ بِيَدِهِ مِمَّنْ أَمَّنَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَهَابِهِ لِمَا سَيَجِيءُ مَعْزِيًّا لِخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ

(وَلَا تُفْسَخُ إجَارَتُهُ)

(وَنَصَّبَ الْقَاضِي مَنْ) أَيْ وَكِيلًا (يَأْخُذُ حَقَّهُ) كَغَلَّاتِهِ وَدُيُونِهِ الْمُقَرِّ بِهَا (وَيَحْفَظُ مَالَهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ) عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَلَوْ لَهُ وَكِيلٌ فَلَهُ حِفْظُ مَالِهِ لَا تَعْمِيرُ دَارِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ مَاتَ، وَلَا يَكُونُ وَصِيًّا تَجْنِيسٌ (لَكِنَّهُ) أَيْ هَذَا الْوَكِيلَ الْمَنْصُوبَ (لَيْسَ بِخَصْمٍ فِيمَا يُدَّعَى عَلَى الْمَفْقُودِ مِنْ دَيْنٍ الْوَدِيعَةٍ وَشَرِكَةٍ فِي عَقَارٍ

ــ

[رد المحتار]

لَا نَائِبَ فَاعِلٍ؛ لِأَنَّ حَذْفَهُ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَمُرْتَدٌّ لَمْ يُدْرَ أَلْحَقَ أَمْ لَا) أَيْ فَإِنَّهُ يُوقَفُ مِيرَاثُهُ كَمَا يُوقَفُ مِيرَاثُ الْمُسْلِمِ كَافِي الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جُهِلَ لِحَاقُهُ لَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عُلِمَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِهِ وَيَكُونُ مَوْتًا حُكْمًا فَيُقْسَمُ مِيرَاثُهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَيٌّ) مُقَابِلُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَمَيِّتٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَيًّا فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ الَّتِي تَضُرُّهُ وَهِيَ الْمُتَوَقِّفَةُ عَلَى ثُبُوتِ مَوْتِهِ وَيُعْتَبَرُ مَيِّتًا فِيمَا يَنْفَعُهُ وَيَضُرُّ غَيْرَهُ، وَهُوَ مَا يُتَوَقَّفُ عَلَى حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ حَيٌّ وَأَنَّهُ إلَى الْآنَ كَذَلِكَ اسْتِصْحَابًا لِلْحَالِ السَّابِقِ وَالِاسْتِصْحَابُ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ تَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِلْإِثْبَاتِ: أَيْ تَصْلُحُ لِدَفْعِ مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ لَا لِإِثْبَاتِهِ (قَوْلُهُ: نَزَعَهُ) أَيْ نَزَعَ مَالِ الْمَفْقُودِ (قَوْلُهُ لِمَا سَيَجِيءُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَا هُنَا أَوْدَعَهُ بِنَفْسِهِ وَمَا يَجِيءُ فِي مَالِ مُوَرِّثِهِ ط.

قُلْت: لَكِنْ يَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ لَهُ حِفْظُ مَالِهِ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِفَقْدِ الْمُوَكِّلِ كَمَا يَأْتِي، لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ الْمُؤَيَّدِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ أَخَذَ الْقَاضِي وَدِيعَةَ الْمَفْقُودِ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ وَوَضَعَهَا عِنْدَ ثِقَةٍ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمَعْرُوضَاتِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا فِيهَا هُوَ فِي حَقِّ أَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمَفْقُودُ لَا وَارِثَ لَهُ إلَّا بَيْتَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ حَقِيقَةً لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَأَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ بِالْأَوْلَى، وَمَا نَقَلْنَاهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَاضِي الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ حِفْظِ مَالِ الْغَائِبِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ، بِأَنْ كَانَ مَنْ الْمَالُ بِيَدِهِ غَيْرَ ثِقَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ عَبَثٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تُفْسَخُ إجَارَتُهُ) ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ تُفْسَخُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ لَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ.

(قَوْلُهُ: الْمَقَرِّ بِهَا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ: أَيْ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا غُرَمَاؤُهُ، قَيَّدَ بِهِ لِمَا فِي النَّهْرِ: وَيُخَاصِمُ فِي دَيْنٍ وَجَبَ بِعَقْدِهِ بِلَا خِلَافٍ، لَا فِيمَا وَجَبَ بِعَقْدِ الْمَفْقُودِ، وَلَا فِي نَصِيبٍ لَهُ فِي عَقَارٍ أَوْ عَرَضٍ فِي يَدِ رَجُلٍ، وَلَا فِي حَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ إذَا جَحَدَهُ مَنْ هُوَ عِنْدَهُ أَوْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ وَكِيلٌ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ عَلَيْهِ) أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْحِفْظَ وَغَيْرَهُ كَحَصَادٍ وَدِيَاسٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَنَصَّبَ الْقَاضِي، وَهَذَا بَحْثٌ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ، أَصْلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُنَصَّبُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ فِي الْحِفْظِ أَقَامَهُ الْغَائِبُ قَبْلَ فَقْدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِفَقْدِهِ، لِمَا فِي التَّجْنِيسِ: جَعَلَ دَارِهِ بِيَدِ رَجُلٍ لِيَعْمُرَهَا أَوْ دَفَعَ مَالَهُ لِيَحْفَظَهُ وَفُقِدَ الدَّافِعُ فَلَهُ الْحِفْظُ لَا التَّعْمِيرُ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ مَاتَ وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ وَصِيًّا. اهـ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَيْ وَكِيلَ الْمَفْقُودِ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ دُيُونِهِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا غُرَمَاؤُهُ وَلَا غَلَّاتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ إلَى النَّصْبِ، وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إطْلَاقِهِمْ نَصْبَ الْوَكِيلِ. اهـ.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مُرَادَ الْبَحْرِ أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يُنَصِّبُ لَهُ مَنْ يَأْخُذُ حَقَّهُ وَيَحْفَظُ مَالَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَكِيلَهُ لَا يَنْعَزِلُ بِفَقْدِهِ؛ وَقَوْلُ النَّهْرِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ دُيُونِهِ إلَخْ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَّا بِنَقْلٍ صَرِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْعَزِلْ وَقَدْ وَكَّلَهُ بِذَلِكَ فَمَا الْمَانِعُ لَهُ مِنْهُ؟ فَلِذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَمْ يُعَوِّلْ الشَّارِحُ عَلَى كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِخَصْمٍ فِيمَا يُدَّعَى عَلَى الْمَفْقُودِ) وَلَا فِيمَا يُدَّعَى لَهُ كَمَا عَلِمْته. قَالَ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>