بِهِ يُفْتَى. .
(وَنُدِبَ لِرَاجِيهِ) رَجَاءً قَوِيًّا (آخِرُ الْوَقْتِ) الْمُسْتَحَبِّ، وَلَوْ لَمْ يُؤَخِّرْ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى جَازَ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ مِيلٌ وَإِلَّا لَا.
(صَلَّى) مَنْ لَيْسَ فِي الْعُمْرَانِ بِالتَّيَمُّمِ -
ــ
[رد المحتار]
الزَّادِيِّ (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) كَذَا فِي الْحِلْيَةِ عَنْ النِّصَابِ.
(قَوْلُهُ رَجَاءً قَوِيًّا) الْمُرَادُ بِهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ، وَمِثْلُهُ التَّيَقُّنُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِلَّا فَلَا يُؤَخِّرُ لِأَنَّ فَائِدَةَ الِانْتِظَارِ أَدَاءُ الصَّلَاةِ بِأَكْمَلِ الطَّهَارَتَيْنِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ آخِرُ الْوَقْتِ) بِرَفْعِ آخِرِ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ وَأَصْلُهُ النَّصْبُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ؛ وَلَا يَصِحُّ نَصْبُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ فِي نُدِبَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الصَّلَاةِ هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَجِبُ تَأْنِيثُ الضَّمِيرِ، نَعَمْ هُوَ جَائِزٌ فِي الشِّعْرِ فَافْهَمْ، وَلَا عَلَى أَنَّ ضَمِيرَهُ عَائِدٌ عَلَى التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ آخِرَ الْوَقْتِ مَحَلُّ الْوُضُوءِ لَا التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ الْمُسْتَحَبِّ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ: وَقْتُ الْجَوَازِ، وَقِيلَ وَإِنْ كَانَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ الْمَاءِ فَإِلَى آخِرِ وَقْتِ الْجَوَازِ، وَإِنْ عَلَى طَمَعٍ فَإِلَى آخِرِ وَقْتِ الِاسْتِحْبَابِ سِرَاجٌ. وَفِي الْبَدَائِعِ: يُؤَخِّرُ إلَى مِقْدَارِ مَا لَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ لَأَمْكَنَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ فِي الْوَقْتِ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ: وَلَا يُفَرِّطُ فِي التَّأْخِيرِ حَتَّى لَا تَقَعَ صَلَاةٌ فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ، فَقِيلَ. لَا يُؤَخَّرُ، وَقِيلَ يُؤَخَّرُ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا رَجَا الْمَاءَ يُؤَخِّرُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ بِحَيْثُ لَا يَقَعُ فِي كَرَاهَةٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرْجُو الْمَاءَ يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ كَوَقْتِ الْإِسْفَارِ فِي الْفَجْرِ وَالْإِبْرَادِ فِي ظُهْرِ الصَّيْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى مَا بُيِّنَ فِي مَحَلِّهِ، لَكِنْ ذَكَرَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وَبَعْضُ شُرَّاحِ الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَرْجُو الْمَاءَ يُصَلِّي فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الصَّلَاةِ فِيهِ أَفْضَلُ، إلَّا إذَا تَضَمَّنَ التَّأْخِيرُ فَضِيلَةً لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ كَتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا يَتَأَتَّى هَذَا فِي حَقِّ مَنْ فِي الْمَفَازَةِ، فَكَانَ التَّعْجِيلُ أَوْلَى كَمَا فِي حَقِّ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُنَّ لَا يُصَلِّينَ بِجَمَاعَةٍ.
وَتَعَقَّبَهُمْ الْأَتْقَانِيُّ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْهُمْ بِتَصْرِيحِ أَئِمَّتِنَا بِاسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ بِلَا اشْتِرَاطِ جَمَاعَةٍ.
وَأَجَابَ فِي السِّرَاجِ بِأَنَّ تَصْرِيحَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَضَمَّنَ التَّأْخِيرُ فَضِيلَةً وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ، فَلَا يَكُونُ مُسْتَحَبًّا، وَانْتَصَرَ فِي الْبَحْرِ لِلْأَتْقَانِيِّ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَيْهِ. وَاَلَّذِي يُؤَيِّدُ كَلَامَ الشُّرَّاحِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ أَئِمَّتُنَا مِنْ اسْتِحْبَابِ الْإِسْفَارِ بِالْفَجْرِ وَالْإِبْرَادِ بِظُهْرِ الصَّيْفِ مُعَلَّلٌ بِأَنَّ فِيهِ تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ وَتَأْخِيرَ الْعَصْرِ لِاتِّسَاعِ وَقْتِ النَّوَافِلِ وَتَأْخِيرَ الْعِشَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ السَّمَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَكُلُّ هَذِهِ الْعِلَلِ مَفْقُودَةٌ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا، وَلَا يَتَنَفَّلُ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَيُبَاحُ لَهُ السَّمَرُ بَعْدَ الْعِشَاءِ كَمَا سَيَأْتِي، فَكَانَ التَّعْجِيلُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلَ وَقَوْلُهُمْ كَتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ مِثَالٌ لِلْفَضِيلَةِ لَا حَصْرٌ فِيهَا.
[تَنْبِيهٌ] فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمُجْتَبَى: يَتَخَالَجُ فِي قَلْبِي فِيمَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ يَقْرَبُ مِنْ الْمَاءِ بِمَسَافَةٍ أَقَلَّ مِنْ مِيلٍ لَكِنْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ فِي الْوَقْتِ الْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْوَقْتِ وَتَجَنُّبًا عَنْ الْخِلَافِ. اهـ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْحِلْيَةِ.
(قَوْلُهُ مَنْ لَيْسَ فِي الْعُمْرَانِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مُقِيمًا مِنَحٌ وَنُوحٌ أَفَنْدِي عَنْ شَرْحِ الْجَامِعِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ. أَمَّا فِي الْعُمْرَانِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَانَ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ فَكَانَ عَلَيْهِ طَلَبِهِ فِيهِ، وَكَذَا فِيمَا قَرُبَ مِنْهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَخْبِيَةَ بِمَنْزِلَةِ الْعُمْرَانِ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الْأَعْرَابِ فِيهَا لَا تَتَأَتَّى بِدُونِ الْمَاءِ فَوُجُودُهُ غَالِبٌ فِيهَا أَيْضًا. وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُمْ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute