(وَنَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ) وَهُوَ مِمَّا يُنْسَى عَادَةً (لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) وَلَوْ ظَنَّ فَنَاءَ الْمَاءِ أَعَادَ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ نَسِيَهُ فِي عُنُقِهِ أَوْ ظَهْرِهِ أَوْ فِي مُقَدَّمِهِ رَاكِبًا أَوْ مُؤَخَّرِهِ سَائِقًا أَوْ نَسِيَ ثَوْبَهُ وَصَلَّى عُرْيَانَا أَوْ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ مَعَ نَجَسٍ وَمَعَهُ مَا تُزِيلُهُ أَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ نَجِسٍ أَوْ صَلَّى مُحْدِثًا ثُمَّ ذَكَرَ أَعَادَ إجْمَاعًا.
(وَيَطْلُبُهُ) وُجُوبًا عَلَى الظَّاهِرِ
ــ
[رد المحتار]
أَوْ مُقِيمًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَنَسِيَ الْمَاءَ) أَوْ شَكَّ كَمَا فِي السِّرَاجِ نَهْرٌ.
أَقُولُ: هُوَ سَبْقُ قَلَمٍ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ السِّرَاجِ: هَكَذَا قَيَّدَ بِالنِّسْيَانِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا شَكَّ أَوْ ظَنَّ أَنَّ مَاءَهُ قَدْ فَنِيَ فَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ فِي رَحْلِهِ) الرَّحْلُ لِلْبَعِيرِ كَالسَّرْجِ لِلدَّابَّةِ، وَيُقَالُ لِمَنْزِلِ الْإِنْسَانِ وَمَأْوَاهُ رَحْلٌ أَيْضًا وَمِنْهُ نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ مُغْرِبٌ، لَكِنَّ قَوْلَهُمْ لَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّحْلِ الْأَوَّلُ بَحْرٌ. وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُوضَعُ بِهِ الْمَاءُ عَادَةً؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ كُلَّ رَحْلٍ سَوَاءٌ كَانَ مَنْزِلًا أَوْ رَحْلَ بَعِيرٍ، وَتَخْصِيصُهُ بِأَحَدِهِمَا مِمَّا لَا بُرْهَانَ عَلَيْهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مِمَّا يُنْسَى عَادَةً) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ، وَمُحْتَرَزُهُ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ نَسِيَهُ فِي عُنُقِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا تَذَكَّرَهُ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، فَلَوْ تَذَكَّرَ فِيهَا يَقْطَعُ وَيُعِيدُ إجْمَاعًا سِرَاجٌ، وَأَطْلَقَ فَشَمَلَ مَا لَوْ تَذَكَّرَ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ فِي الْمُنْيَةِ، وَمَا لَوْ كَانَ الْوَاضِعُ لِلْمَاءِ فِي الرَّحْلِ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِعِلْمِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ؟ أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَهُ بِلَا عِلْمِهِ فَلَا إعَادَةَ اتِّفَاقًا حِلْيَةٌ (قَوْلُهُ أَعَادَ اتِّفَاقًا) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِهِ وَظَهَرَ خَطَأُ الظَّنِّ حِلْيَةٌ؛ وَكَذَا لَوْ شَكَّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ السِّرَاجِ، وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ فِي عُنُقِهِ) أَيْ عُنُقِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي مُقَدَّمِهِ إلَخْ) أَيْ مُقَدَّمِ رَحْلِهِ؛ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ نَسِيَهُ فِي مُؤَخَّرِهِ رَاكِبًا أَوْ مُقَدَّمِهِ سَائِقًا فَإِنَّهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ، وَكَذَا إذَا كَانَ قَائِدًا مُطْلَقًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ نَجَسٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ: أَيْ بِأَنْ كَانَ حَامِلًا لَهُ أَوْ فِي بَدَنِهِ وَكَانَ أَكْثَرَ مِنْ الدِّرْهَمِ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ نَسِيَ وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِصَلَّى مَحْذُوفًا لِعِلْمِهِ مِنْ الْمَقَامِ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى عُرْيَانًا لِيَتَعَلَّقَ بِصَلَّى الْمَذْكُورِ الْمُقَيَّدِ بِقَوْلِهِ نَسِيَ ثَوْبَهُ؛ لِأَنَّ نِسْيَانَ الثَّوْبِ هُنَا لَا دَخْلَ لَهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ) أَيْ بَعْدَمَا فَعَلَ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ نَاسِيًا (قَوْلُهُ أَعَادَ إجْمَاعًا) رَاجِعٌ إلَى الْكُلِّ، لَكِنْ فِي الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ مَسْأَلَةَ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ عُرْيَانًا عَلَى الِاخْتِلَافِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ
(قَوْلُهُ وَيَطْلُبُهُ وُجُوبًا عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ مَعَ تَعْلِيلِهِ، وَكَوْنُهُ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ أَخَذَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ قَوْلِ الْمَبْسُوطِ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ إلَّا عَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ إنَّ فِي سُؤَالِهِ مَذَلَّةً وَرَدَ بِهِ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَهُ، وَوَفَّقَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْكَبِيرِ بِأَنَّ الْحَسَنَ رَوَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَخَذَ هُوَ بِهِ فَاعْتَمَدَ فِي الْمَبْسُوطِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ؛ وَاعْتَمَدَ فِي الْهِدَايَةِ رِوَايَةَ الْحَسَنِ لِكَوْنِهَا أَنْسَبَ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْقُدْرَةِ بِالْغَيْرِ. أَقُولُ: وَبِقَوْلِ الْإِمَامِ جَزَمَ فِي الْمَجْمَعِ وَالْمُلْتَقَى وَالْوِقَايَةِ وَابْنِ الْكَمَالِ أَيْضًا، وَقَالَ: هَذَا عَلَى وَفْقِ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْإِيضَاحِ وَالتَّقْرِيبِ وَغَيْرِهَا. وَفِي التَّجْرِيدِ: ذَكَرَ مُحَمَّدًا مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْجَصَّاصِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ، فَإِنَّ قَوْلَهُ فِيمَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَنْعُهُ إيَّاهُ، وَقَوْلَهُمَا عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِعَدَمِ الْمَنْعِ. اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ مَشَى عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الزِّيَادَاتِ وَالْكَافِي، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الصَّفَّارِ: إنَّهُ يَجِبُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعِزُّ فِيهِ، إذْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الْمَنْعُ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: إنَّهُ الْمُخْتَارُ. وَفِي الْحِلْيَةِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ مَبْذُولٍ غَالِبًا فِي السَّفَرِ خُصُوصًا فِي مَوْضِعِ عِزَّتِهِ، فَالْعَجْزُ مُتَحَقِّقٌ مَا لَمْ يَظُنَّ الدَّفْعَ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute