للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ رَفِيقِهِ (مِمَّنْ هُوَ مَعَهُ، فَإِنْ مَنَعَهُ) وَلَوْ دَلَالَةً بِأَنْ اسْتَهْلَكَهُ (تَيَمَّمَ) لِتَحَقُّقِ عَجْزِهِ. (وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ إلَّا بِثَمَنِ مِثْلِهِ) أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ (وَلَهُ ذَلِكَ) فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ (لَا يَتَيَمَّمُ وَلَوْ أَعْطَاهُ بِأَكْثَرَ) يَعْنِي بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَهُوَ ضِعْفُ قِيمَتِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ (أَوْ لَيْسَ لَهُ) ثَمَنُ (ذَلِكَ تَيَمَّمَ) . وَأَمَّا لِلْعَطَشِ فَيَجِبُ عَلَى الْقَادِرِ شِرَاؤُهُ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ إحْيَاءً لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْمِثْلُ فِي تِسْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا مَذْكُورَةً فِي الْأَشْبَاهِ، وَقَبْلَ طَلَبِهِ الْمَاءَ (لَا يَتَيَمَّمُ عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّهُ مَبْذُولٌ عَادَةً كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛

ــ

[رد المحتار]

وَحَيْثُ نَصَّ الْإِمَامُ الْجَصَّاصُ عَلَى التَّوْفِيقِ بِمَا ذَكَرَ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ، وَلَا يَبْعُدُ حَمْلُ مَا فِي الْمَبْسُوطِ عَلَيْهِ كَمَا سَنُشِيرُ إلَيْهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (قَوْلُهُ مِنْ رَفِيقِهِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَإِبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى عُمُومِهِ ط، وَلِذَا قَالَ نُوحٌ أَفَنْدِي وَغَيْرُهُ ذِكْرُ الرَّفِيقِ جَرَى مَجْرَى الْعَادَةِ، وَإِلَّا فَكُلُّ مَنْ حَضَرَ وَقْتَ الصَّلَاةِ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ رَفِيقًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. اهـ

وَقَدْ يُقَالُ: أَرَادَ بِالرَّفِيقِ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْقَافِلَةِ، وَهُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ، ثُمَّ خَصَّصَهُ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ هُوَ مَعَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْقَافِلَةُ كَبِيرَةً يَكْفِيهِ النِّدَاءُ فِيهَا إذْ يَعْسُرُ الطَّلَبُ مِنْ كُلِّ فَرْدٍ وَطَلَبُ رَسُولِهِ كَطَلَبِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ مِمَّنْ هُوَ) أَيْ الْمَاءُ الْكَافِي لِلتَّطْهِيرِ (قَوْلُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بَدَائِعُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَعِزُّ فِيهِ الْمَاءُ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمَاءِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ كَمَا قَالُوا فِي تَقْوِيمِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ وَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ وَفِي مِلْكِهِ ذَلِكَ الثَّمَنُ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ وَأَمْكَنَهُ الشِّرَاءُ نَسِيئَةً وَجَبَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَازِمٌ وَلَا مُطَالَبَةَ قَبْلَ حُلُولِهِ بِخِلَافِ الْقَرْضِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ) أَيْ مِنْ زَادٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْحَوَائِجِ اللَّازِمَةِ حِلْيَةٌ. قُلْت: وَمِنْهَا قَضَاءُ دَيْنِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا يَتَيَمَّمُ) ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْبَدَلِ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَاءِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ ضِعْفُ قِيمَتِهِ) هَذَا مَا فِي النَّوَادِرِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْبَدَائِعِ وَالنِّهَايَةِ، فَكَانَ هُوَ الْأَوْلَى بَحْرٌ، لَكِنَّهُ خَاصٌّ بِهَذَا الْبَابِ لِمَا يَأْتِي فِي شِرَاءِ الْوَصِيِّ أَنَّ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ. اهـ ح. أَقُولُ: هُوَ قَوْلٌ هُنَا أَيْضًا. وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّهُ الْأَوْفَقُ (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ) مَبْنِيٌّ عَلَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ.

[تَنْبِيهٌ] لَوْ مَلَكَ الْعَارِي ثَمَنَ الثَّوْبِ، قِيلَ لَا يَجِبُ شِرَاؤُهُ، وَقِيلَ يَجِبُ كَالْمَاءِ سِرَاجٌ، وَجَزَمَ بِالثَّانِي فِي الْمَوَاهِبِ (قَوْلُهُ ثَمَنُ ذَلِكَ) الْأَوْلَى حَذْفُ ثَمَنٍ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَيْهِ لَا إلَى الْمَاءِ ط (قَوْلُهُ وَأَمَّا لِلْعَطَشِ) أَيْ هَذَا الْحُكْمُ فِي الشِّرَاءِ لِلْوُضُوءِ وَأَمَّا إلَخْ (قَوْلُهُ مَذْكُورَةٍ فِي الْأَشْبَاهِ) أَيْ فِي أَوَاخِرِهَا، وَلَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، فَلَا يَلْزَمُنَا ذِكْرُهَا هُنَا (قَوْلُهُ وَقَبْلَ طَلَبِهِ إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَيَطْلُبُهُ وُجُوبًا إلَخْ ح.

وَفِي النَّهْرِ اعْلَمْ أَنَّ الرَّائِيَ لِلْمَاءِ مَعَ رَفِيقِهِ؛ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الْإِعْطَاءُ أَوْ عَدَمُهُ أَوْ شَكَّ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَسْأَلَهُ أَوْ لَا؛ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُعْطِيَهُ أَوْ لَا. فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، فَإِنْ فِي الصَّلَاةِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْإِعْطَاءُ قَطَعَ وَطَلَبَ؛ فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ بَقِيَ تَيَمُّمُهُ؛ فَلَوْ أَتَمَّهَا ثُمَّ سَأَلَ، فَإِنْ أَعْطَاهُ اسْتَأْنَفَ وَإِلَّا تَمَّتْ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ بَعْدَ الْإِبَاءِ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُهُ أَوْ شَكَّ لَا يَقْطَعُ؛ فَلَوْ أَعْطَاهُ بَعْدَمَا أَتَمَّهَا بَطَلَتْ وَإِلَّا لَا؛ وَإِنْ خَارِجَهَا، فَإِنْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ بِلَا سُؤَالٍ فَعَلَى مَا سَبَقَ، فَلَوْ سَأَلَ بَعْدَهَا وَأَعْطَاهُ أَعَادَ وَإِلَّا لَا، سَوَاءٌ ظَنَّ الْإِعْطَاءَ أَوْ الْمَنْعَ أَوْ شَكَّ، وَإِنْ مَنَعَهُ ثُمَّ أَعْطَاهُ لَا وَبَطَلَ تَيَمُّمُهُ، وَلَا يَتَأَتَّى فِي هَذَا الْقِسْمِ ظَنٌّ وَلَا شَكٌّ. اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَبْذُولٌ عَادَةً) أَيْ غَالِبًا، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَعِزُّ فِيهِ وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَنْعُهُ وَعَدَمُ بَذْلِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّوْفِيقِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُجْتَبَى: الْغَالِبُ عَدَمُ الضِّنَةِ بِالْمَاءِ؛ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ تَجْرِي عَلَيْهِ الضِّنَةُ لَا يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>