وَخَاصًّا وَمُطْلَقًا وَمُؤَقَّتًا وَ (مَعَ التَّفَاضُلِ فِي الْمَالِ دُونَ الرِّبْحِ وَعَكْسِهِ، وَبِبَعْضِ الْمَالِ دُونَ بَعْضٍ، وَبِخِلَافِ الْجِنْسِ كَدَنَانِيرَ) مِنْ أَحَدِهِمَا (وَدَرَاهِمَ مِنْ الْآخَرِ، وَ) بِخِلَافِ الْوَصْفِ كَبِيضٍ وَسُودٍ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي تَوْقِيتِ الشَّرِكَةِ رِوَايَتَانِ
ثُمَّ إذَا وَقَّتَهَا فَهَلْ تَتَوَقَّفُ بِالْوَقْتِ حَتَّى لَا تَبْقَى بَعْدَ مُضِيِّهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ كَمَا فِي تَوْقِيتِ الْوَكَالَةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَرْجِيحًا، وَجُزِمَ فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنَّهَا تَتَوَقَّتُ حَيْثُ قَالَ: وَالتَّوْقِيتُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ وَقَّتَا لِذَلِكَ وَقْتًا بِأَنْ قَالَ مَا اشْتَرَيْت الْيَوْمَ فَهُوَ بَيْنَنَا صَحَّ التَّوْقِيتُ، فَمَا اشْتَرَاهُ بَعْدَ الْيَوْمِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي خَاصَّةً، وَكَذَا لَوْ وَقَّتَ الْمُضَارَبَةَ؛ لِأَنَّهَا وَالشَّرِكَةَ تَوْكِيلٌ وَالْوَكَالَةُ مِمَّا يَتَوَقَّفُ. اهـ. لَكِنْ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ الْوَكِيلُ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَكِيلٌ فِي الْعَشَرَةِ وَبَعْدَهَا فِي الْأَصَحِّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَمَعَ التَّفَاضُلِ فِي الْمَالِ دُونَ الرِّبْحِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفٌ وَلِلْآخَرِ أَلْفَانِ مَثَلًا وَاشْتَرَطَا التَّسَاوِيَ فِي الرِّبْحِ، وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ: أَيْ بِأَنْ يَتَسَاوَى الْمَالَانِ وَيَتَفَاضَلَا فِي الرِّبْحِ، لَكِنَّ هَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ يُشْتَرَطَ الْأَكْثَرُ لِلْعَامِلِ مِنْهُمَا أَوْ لِأَكْثَرِهَا عَمَلًا، أَمَّا لَوْ شَرَطَاهُ لِلْقَاعِدِ أَوْ لِأَقَلِّهِمَا عَمَلًا فَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَالْكَمَالِ.
قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ مَشْرُوطًا عَلَى أَحَدِهِمَا.
وَفِي النَّهْرِ: اعْلَمْ أَنَّهُمَا إذَا شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا إنْ تَسَاوَيَا مَالًا وَتَفَاوَتَا رِبْحًا جَازَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا وَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ؛ وَإِنْ شَرَطَاهُ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَإِنْ شَرَطَا الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا جَازَ، وَيَكُونُ مَالُ الَّذِي لَا عَمَلَ لَهُ بِضَاعَةً عِنْدَ الْعَامِلِ لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ، وَإِنْ شَرَطَا الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ جَازَ أَيْضًا عَلَى الشَّرْطِ وَيَكُونُ مَالُ الدَّافِعِ عِنْدَ الْعَامِلِ مُضَارَبَةً، وَلَوْ شَرَطَا الرِّبْحَ لِلدَّافِعِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ وَيَكُونُ مَالُ الدَّافِعِ عِنْدَ الْعَامِلِ بِضَاعَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رِبْحُ مَالِهِ وَالْوَضِيعَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا أَبَدًا هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْعِنَايَةِ اهـ مَا فِي النَّهْرِ.
قُلْت: وَحَاصِلُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ إذَا تَفَاضَلَا فِي الرِّبْحِ، فَإِنْ شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةً جَازَ: وَلَوْ تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا بِالْعَمَلِ وَكَذَا لَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَكَانَ الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ كَانَ الْأَكْثَرُ لِغَيْرِ الْعَامِلِ أَوْ لِأَقَلِّهِمَا عَمَلًا لَا يَصِحُّ وَلَهُ رِبْحُ مَالِهِ فَقَطْ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ مَشْرُوطًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ إذَا شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا إلَخْ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَجْعَلَ الْمَالَ مَضْمُونًا عَلَى الْمُضَارِبِ أَقْرَضَهُ كُلَّهُ إلَّا دِرْهَمًا مِنْهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَعَقَدَ شَرِكَةَ الْعِنَانِ ثُمَّ يَدْفَعُ إلَيْهِ الدِّرْهَمَ وَيَعْمَلُ فِيهِ الْمُسْتَقْرِضُ، فَإِنْ رَبِحَ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَإِنْ هَلَكَ هَلَكَ عَلَيْهِ اهـ وَرَأَيْت مِثْلَهُ فِي آخِرِ مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَوَجْهُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ أَنَّ الْعَمَلَ هُنَا لَمْ يُشْرَطْ عَلَى أَحَدٍ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ بَلْ تَبَرَّعَ بِهِ الْمُسْتَقْرِضُ، فَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الدِّرْهَمِ الْوَاحِدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا شَرَطَ مِنْ نِصْفٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامِلًا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّوْفِيقَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْكَفَالَةِ فِي بَحْثِ مَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، حَيْثُ قَالَ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَالشَّرِكَةُ بِأَنْ قَالَ شَارَكْتُك عَلَى أَنْ تُهْدِيَنِي كَذَا، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا فِي شَرِكَةِ الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا مَالًا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ الشَّرْطُ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا. اهـ.
وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ تَوَهَّمَ بَعْضُ حَنَفِيَّةِ الْعَصْرِ أَنَّهَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، هِيَ تَفَاضَلَا فِي الْمَالِ وَشَرَطَا الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ تَبَرَّعَ أَفْضَلُهُمَا مَالًا بِالْعَمَلِ: فَأَجَبْت بِأَنَّ الشَّرْطَ صَحِيحٌ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَمَلِ عَلَى أَكْثَرِهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute