للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُمَا وَالرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا (وَ) مَعَ (عَدَمِ الْخَلْطِ) لِاسْتِنَادِ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ: إلَى الْعَقْدِ لَا الْمَالِ -

ــ

[رد المحتار]

مَالًا وَالتَّبَرُّعُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا فِي بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ: اشْتَرَى حَطَبًا فِي قَرْيَةٍ شِرَاءً صَحِيحًا وَقَالَ مَوْصُولًا بِالشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي الشِّرَاءِ حَمْلُهُ إلَى مَنْزِلِي لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْبَيْعِ، بَلْ هُوَ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ فَلَا يُوجِبُ فَسَادَهُ اهـ هَذَا كَلَامُ صَاحِبِ الْبَحْرِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّوْفِيق، وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

وَبَقِيَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا، وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ أَلْفًا يُقْرِضُهُ نِصْفَهَا وَيُشَارِكُهُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ ثُلُثَاهُ لِلدَّافِعِ وَثُلُثُهُ لِلْمُسْتَقْرِضِ فَهُنَا تَسَاوَيَا فِي الْمَالِ دُونَ الرِّبْحِ وَهِيَ صُورَةُ الْعَكْسِ.

وَصَرِيحُ مَا مَرَّ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَالْكَمَالِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِلدَّافِعِ أَخْذُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الرِّبْحِ إلَّا إذَا كَانَ هُوَ الْعَامِلَ، فَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ هُوَ الْمُسْتَقْرِضَ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ كَانَ لَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَالِهِ، لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ الْعَمَلَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ صَحَّ التَّفَاضُلُ كَمَا عَلِمْت مِنْ التَّوْفِيقِ.

وَمِمَّا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا أَلْفٌ فَيَدْفَعُ لَهُ آخَرُ أَلْفَيْنِ لِيَعْمَلَ بِالْكُلِّ وَيَشْرِطَا الرِّبْحَ أَثْلَاثًا، وَهَذَا جَائِزٌ أَيْضًا حَيْثُ كَانَ الرِّبْحُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ فِي عِبَارَةِ النَّهْرِ، فَلَوْ شَرَطَا الرِّبْحَ أَرْبَاعًا مَعَ اشْتِرَاطِ الْعَمَلِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا يُفِيدُهُ التَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ اشْتَرَطَا الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا أَثْلَاثًا وَالْعَمَلَ مِنْ أَحَدِهِمَا كَانَ جَائِزًا.

[تَنْبِيهٌ] عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْعَمَلَ لَوْ كَانَ مَشْرُوطًا وَعَلَيْهِمَا لَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُهُمَا عَلَيْهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِ وَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: اشْتَرَكَا وَعَمِلَ أَحَدُهُمَا فِي غَيْبَةِ الْآخَر فَلَمَّا حَضَرَ أَعْطَاهُ حِصَّتَهُ ثُمَّ غَابَ الْآخَر وَعَمِلَ الْآخَرُ فَلَمَّا حَضَرَ الْغَائِبُ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، إنْ كَانَ الشَّرْطُ أَنْ يَعْمَلَا جَمِيعًا وَشَتَّى فَمَا كَانَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا مِنْ الرِّبْحِ فَبَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ عَمَلًا أَوْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْمَلْ وَعَمِلَ الْآخَر فَهُوَ بَيْنَهُمَا. اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ الْعَمَلِ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا فَرْقَ أَنْ يَكُونَ بِعُذْرٍ أَوْ بِدُونِهِ كَمَا صُرِّحَ بِمِثْلِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي شَرِكَةِ التَّقَبُّلِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَرْتَفِعُ امْتِنَاعُهُ وَاسْتِحْقَاقُهُ الرِّبْحَ بِحُكْمِ الشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ لَا الْعَمَلِ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعِلَّةَ جَارِيَةٌ هُنَا. .

مَطْلَبٌ فِي تَحْقِيقِ حُكْمِ التَّفَاضُلِ فِي الرِّبْحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُمَا) رَاجِعٌ لِخِلَافِ الْجِنْسِ وَالْوَصْفِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَسَاوِي الْقِيمَةِ فِيهِمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ لَا لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا عَلِمْته مِنْ التَّفْصِيلِ الْمَارِّ، وَأَعَادَهُ مَعَ قَوْلِهِ مَعَ التَّفَاصِيلِ فِي الْمَالِ دُونَ الرِّبْحِ لِلتَّصْرِيحِ بِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ صَحِيحٌ فَافْهَمْ، نَعَمْ ذِكْرُهُ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَاتِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ، وَقُيِّدَ بِالرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الْوَضِيعَةَ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَإِنْ شَرَطَا غَيْرَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَمَعَ عَدَمِ الْخَلْطِ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْخَلْطُ، وَهَذَا قِيَاسٌ.

وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُشْتَرَطُ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ ح عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ: لِاسْتِنَادِ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ إلَى الْعَقْدِ لَا الْمَالِ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يُسَمَّى شَرِكَةً وَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ مَعْنَى الِاسْمِ فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ الْخَلْطُ شَرْطًا بَحْرٌ فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلِلْآخَرِ مِائَةُ دِينَارٍ فَاشْتَرَيَا بِهَا فَهُوَ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَيَا بِالدَّرَاهِمِ مَتَاعًا ثُمَّ بِالدَّنَانِيرِ آخَرَ فَوَضَعَا أَيْ خَسِرَا فِي أَحَدِهِمَا وَرَبِحَا فِي الْآخَرِ فَهُوَ عَلَى قَدْرِ مَالِهِمَا اهـ مُلَخَّصًا مِنْ كَافِي الْحَاكِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>